عامل يصرف ب"توكيل" لوالدته معاشها بعد 5 سنوات من وفاتها وآخر يصرف 470 ألف جنيه خبير أمنى: مؤسسات الدولة تفتقر لقواعد البيانات وأغلب المتجاوزون تكشفهم بلاغات "الضغينة" «المعاشات» كلمة ثقيلة الوقع والأهمية على نفوس القاعدة العريضة من الشعب المصرى، إذ أنها لا ترتبط بسداد نفقات الحياة، قدر ارتباطها فى أذهاننا بتقدم العمر وضعف القيمة المادية، والمعاناة فى سداد متطلبات المعيشة بعد انقطاع الأجور الأساسية المعتاد عليها، ورغم ذلك نفاجأ من فترة إلى أخرى بنهب أموال المعاشات لسنوات طويلة، دون رقابة أو متابعة، وسط عجز إدارى يبيح الفساد لأصحاب النفوس الضعيفة، كان آخرها واقعة ضبط عامل اعتاد صرف مستحقات والدته للمعاش، لمدة 5 سنوات بعد وفاتها.
أحياء على الورق ألقت مباحث الأموال العامة بالقاهرة، اليوم، القبض على عامل لقيامه بصرف المعاش الشهري الخاص بوالدته رغم وفاتها، وذلك بعد ورود بلاغ من محامى بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، إلى إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة، يفيد بقيام "ح.ع.ع"، 33 سنة، عامل، بصرف المعاش الخاص بوالدته بموجب توكيل صادر من مكتب توثيق المعادى، واستمراره في صرف المعاش حتى تاريخه رغم وفاتها، مما يعد تزويرًا واستيلاءً على المال العام. وبإجراء التحريات تبين صحة الواقعة، وأن المتحري عنه استولى على مبلغ بإجمالي 137 ألف جنيه من المعاش المخصص لوالدته المتوفاة منذ عام 2011 وقيامه بتحرير إقرار سنوي متضمن أنها على قيد الحياة، وبضبطه اعترف بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه لمروره بضائقة مالية.
التأمينات أخر من يعلم مع كثرة تلك الوقائع التى تم الإعلان عن ثلاثة منها خلال الشهرين الماضيين فقط، لا نجد تدخلًا إداريًا يعالج ذلك الخلل، ففى شهر يونيو الماضى تمكنت مباحث قسم مباحث الأموال العامة بمديرية أمن القليوبية من ضبط عاطل يقوم بصرف معاش والده المتوفى، رغم التأمين عليه، وعدم إخطار الهيئة العامة للتأمينات والاستمرار فى صرف معاش والده. وتبين أن المتهم "شعبان. ع" 28 عاما عاطل بطوخ، صرف معاش والده المتوفى، واستولى على المال العام بما بلغت قيمته 470 ألف جنيه، رغم التأمين عليه وعدم إخطار الهيئة العامة للتأمينات والاستمرار فى صرف معاش والده، وهى الواقعة التى تحرر بها المحضر رقم 9469 إدارى مركز طوخ لسنة 2016م.
كشف التلاعب ب"الحظ" من واقع القضايا يمكن القول أن كشف عمليات الاستيلاء يتم بالمصادفات أو "الحظ"، بدليل أن هناك من يستمر فى صرف المعاش دون استحقاق، بينما آخرين يسقطون بعد مرة واحدة، ومنهم الواقعة التى تم ضبطها أول شهر مايو الماضى، بضبط "علاء.م" 35 عاما، حاصل على ليسانس آداب، لصرفه شهرًا من المعاش التأميني الخاص بوالده المتوفي، من مكتب بريد شطورة التابع لمنطقة بريد سوهاج، بقيمة 388 جنيها من قيمة المعاش، دون وجه حق. الحل سهل الخبير القانونى محمود قطرى، أوضح أن أزمة صرف معاش مستحقين متوفين يعد إشكالية بسبب محاولة تخفيف العبء عن كبار السن، شارحًا أن أغلب المسنين لا يستطيعون التوجه إلى مكاتب البريد والاصطفاف فى طوابير طويلة لصرفها، بما يدفعهم إلى اللجوء لآخرين سواء من أبنائهم أو جيرانهم، وعمل توكيلات لهم ليصرفون لهم بها المعاش ويوفرون عليهم المشقة، وتعد التوكيلات سارية قانونًا وليس لها وقت تنتهى فيه إلا بإلغائها، بينما تكتفى الهيئة العامة للتأمينات بإقرار سنوى من الموكل إليه بأن صاحب المعاش على قيد الحياة، وهو ما قد يسيء بعض ضعاف النفوس استغلاله. وقال الخبير الأمنى: "للأسف حالات كثيرة لصرف معاشات مستحقين متوفين، يتم كشفها بناء على بلاغات من أفراد ضد آخرين بسبب الكيد والضغينة أكثر منه إحقاق الحق، بينما لا يوجد آلية تقنية أو أمنية تضع حدًا لذلك، بالرغم من بساطة التفنية اللازمة لإنهاء ذلك، عن طريق توفير قاعدة بيانات يتم تحديثها دوريًا وربطها بمنظومة العمل فى مؤسسات الدولة.
القانون يحمي اللصوص المحامى علاء الأشمونى، أوضح أن الحالات المشار إليها ومثيلاتها، تعد استيلاًا على أموال أميرية، وتزوير فى أوراق رسمية، وتصنف فى جرائم الجنح التى تبدأ عقوباتها من الحبس شهرًا إلى ثلاث سنوات، مع وجوب رد المبلغ الذى تم الاستيلاء عليه، إلا أن سداد الأموال يجب كل ذلك. وأوضح "الأشمونى" أن العبرة فى إسقاط العقاب بتلك الجرائم ترتكز على رد الأموال، إذ أن سدادها والتصالح مع جهة الإدارة، تؤدى إلى حفظ محضر الاتهام، رغم العلم اليقينى لمرتكب تلك الجريمة، إذ أنه من المفترض كونه يصرف المعاش لمستحقه ويوصله له بالوكالة، أنه يعلم يقينًا بعدم استحقاق الصرف بوفاة صاحبه، علاوة على علمه ببطلان التوكيل وبطلان إقرارات حياة الشخص الذى يتم كتابته سنويًا.