قال معهد الشرق الأوسط في واشنطن - الجمعة - إنَّ الحكومة التركية تتبنى حاليًّا انقلابًا مدنيًّا بزعم حماية الديوقراطية، وذلك في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري التي وقعت مؤخرًا. وأشارت جونول تول مديرة الدراسات التركية بالمعهد الأمريكي - في مقال بعنوان "تطهير ما بعد الانقلاب يزيد من عدم الاستقرار في تركيا" - إلى إقالة عشرات الآلاف من العاملين في وزارتي التعليم والداخلية، وإغلاق وسائل الإعلام التي تعتبر قريبةً من أنصار المعارض فتح الله جولن والمعارضين للحكومة، واعتقال ووقف ما يقرب من ٣٥ ألفًا من أفراد الجيش والشرطة وأعضاء السلك القضائي. وصرَّحت تول: "بعد أيام قليلة من وقوع الانقلاب تجلى واقع قاتم، إذ أنَّ إحباط محاولة الانقلاب لا يعني أنَّ الديمقراطية ستسود في تركيا، فالجهود التي تبذلها الحكومة التركية لحماية الديمقراطية تضع أسسًا لنظام أكثر استبدادًا". وتوقعت الباحثة أنَّ هذا الأمر سيزيد من التوترات والاستقطاب داخل المجتمع التركي وتشدد قطاعات المجتمع التي أصبحت ضحيةً لعمليات التطهير التي تقوم بها الحكومة التركية. وذكرت أنَّ قرار الرئيس رجب طيب أردوغان ب"تطهير كافة مؤسسات الدولة من خصومها" سيحمل في طياته مخاطر بتعرض تركيا لمزيد من الهجمات من أعدائها داخليًّا وخارجيًّا، واصفةً قرار الحكومة التركية بفرض قانون الطوارئ بأنَّه يعود بالبلاد إلى سنوات الظلام وممارسات الانقلابات العسكرية السابقة، وأنَّه لن يدفع تركيا نحو الديمقراطية كما تدعي الحكومة. وأضافت أنَّ عمليات التطهير في مؤسسات الدولة التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة تثير شكوكًا حول مدى فاعلية هذه المؤسسات في المستقبل، وأوضَّحت أنَّ اعتقال أو وقف ما يقرب من ٣٥ ألفًا من أفراد الجيش والشرطة في دولة تقع على الحدود مع سوريا وتواجه تهديدات إرهابية سواء من الداخل أو في المنطقة يعتبر مخاطرةً، مشيرةً إلى أنَّ كثيرًا من قادة الجيش الذين تمَّ اعتقالهم بزعم تورطهم في محاولة الانقلاب هم الذين يقودون العمليات ضد حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًّا ب"داعش" والذين أشادت بهم الحكومة نفسها للنجاحات التي حققوها ضد هذه التنظيمات. ورأت الباحثة أنَّ إخفاق تركيا في تحقيق الديمقراطية سيزيد من توتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مشيرةً إلى أنَّه في حال إعادة عقوبة الإعدام ستصل العلاقات التركية الأوروبية إلى أدنى مستوياتها. وأوضَّحت: "تركيا ربما تستغل قاعدة أنجيرليك الجوية كورقة ضغط ضد واشنطن، غير أنَّ افتقار تركيا إلى الأدلة على تورط جولن في محاولة الانقلاب لن يجعل الولاياتالمتحدة تسلمه على الأرجح، وربما تختار واشنطن طريقًا وسطًا إذ تقوم بترحيل جولن إلى دولة ثالثة، غير أنَّ مثل هذه الخطوة لن تخفِّف من المشاعر المناهضة للولايات المتحدة التي وصلت إلى أقصاها في تركيا". وكانت محاولة انقلاب فاشلة قادها عدد من قوات الجيش التركي، حيث أعلن بيانٌ لهم -أذاعوه على التليفزيون الحكومي التركي بقوة السلاح- السيطرة على حكم البلاد، وظهر بعد ذلك أردوغان على إحدى القنوات الفضائية -عبر سكايب- يدعو الشعب للنزول للشارع لمواجهة "الانقلابيين"، وهو ما نجح وأسفر عن استعادة الحكومة المنتخبة السيطرة على الأمور، واعتقال الآلاف من المتورطين في "الانقلاب الفاشل".