أعلن رئيس الوزراء البريطاني - المنتهية ولايته، ديفيد كاميرون، اليوم الإثنين، أنه سيتقدم باستقالته إلى الملكة، الأربعاء المقبل، بعد حضوره آخر جِلسة برلمانية مخصصة للرد على أسئلة النواب، منهيًا بذلك 2255 يومًا قضاها في داوننج ستريت. قاد كاميرون، حزب المحافظين نحو 11 عامًا، وأعاده إلى السلطة بعد أكثر من عقد من المعاناة السياسية، حيث يعتبر ستانلي بالدوين، ومارجريت تاتشر والسير وينستون تشرشل هم فقط من قضوا فترة أطول في هذا الموقع في الأزمنة الحديثة. تولّى كاميرون، رئاسة الوزراء - بعد انتخابات عام 2010، ليصبح وهو في سن 43 عامًا أصغر رئيس وزراء منذ روبرت بانكس جينكينسون، وأول زعيم لحزب المحافظين يدخل داوننج ستريت بعد سيطرة حزب العمّال عليه لسنوات طويلة، ليمضي فيه 6 سنوات وشهرين، منذ 11 مايو 2010 حتى يوم 13 يوليو 2016، وهو اليوم الذي سيتقدم فيه باستقالته. شهد كاميرون، خلال ترأسه لرئاسة الوزراء، العديد من الفعاليات والأحداث الهامة، سواء في بريطانيا أو في العالم، وكانت بدايتها في عام 2010 وبدايات "الربيع العربي" في منطقة الشرق الأوسط وما صاحبها من تطورات أطاحت بالعديد من الأنظمة، كما استضافت بلاده تحت قيادته، عام 2012، دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية، إضافة إلى تنظيم استفتاء استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة في عام 2014، وهو الاستفتاء الذي انتصر فيه كاميرون واحتفظ باسكتلندا ضمن المملكة المتحدة. استطاع كاميرون، عام 2015، الفوز في تصويت برلماني؛ لتمديد الضربات الجوية التي تشنّها طائراته على تنظيم "داعش" الإرهابي في العراق، لتشمل سوريا أيضًا، بعد أن رفض البرلمان البريطاني، عام 2013، هذا الإجراء. كما حقق رئيس الوزراء - المنتهية ولايته، انتصارًا تاريخيًا لحزب المحافظين في انتخابات مايو عام 2015، بعد أن أصبح أول رئيس وزراء يشكّل حكومة أغلبية لحزب المحافظين، بعد سيطرة طويلة لحزب العمّال، وفاز المحافظون في الانتخابات العامة بعد حصولهم على 331 مقعدًا، من إجمالي 650 مقعدًا في مجلس العموم، ليشكلوا حكومة أغلبية، وهو الانتصار الذي وصفه كاميرون يومها بأنه "الأفضل في تاريخ الحزب". وشهدت ولاية كاميرون أيضًا، تنظيم الاستفتاء التاريخي على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي، وهو الاستفتاء الذي خسره رئيس الوزراء بنسبة 51.9% لصالح الخروج، مقابل 48.1% للبقاء، كما شهدت رفع العقوبات الدولية على إيران بعد التوصل لاتفاق بخصوص برنامجها النووي، إضافة إلى الأزمة مع روسيا بشأن أوكرانيا. وعانى كاميرون من لحظات صعبة خلال ترأسه للحكومة، أبرزها فضيحة تورّط والده إيان كاميرون ضمن أسماء المتهرّبين ضريبيًا، والذين كشفت عنهم وثائق بنما المسربة، وجاء اسم "إيان" والد كاميرون وأعضاء فى حزب المحافظين الحاكم بين قوائم بأسماء عشرات الآلاف من الأثرياء والمشاهير، ضمن وثائق مسربة من مؤسسة موساك فونسيكا، وأظهرت الوثائق أن عددًا كبيرًا من عملاء المؤسسة تورّطوا في تهرّب ضريبي وغسيل أموال. ورغم الضغوط التي واجهها كاميرون، إلّا أنه نجح بمرونته السياسية في تحويل الانتباه الى قضية الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، وأيضًا الانتخابات المحلية. يذكر أن ديفيد كاميرون، أعلن أنه سيستقيل من منصبه إثر تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم تحذيراته من العواقب الاقتصادية الوخيمة لمثل هذه الخطوة. وقال كاميرون، أمام مقر رئاسة الوزراء، الشهر الماضي: "البريطانيون اتخذوا قرارًا واضحًا.. وأعتقد أن البلاد بحاجة لقائد جديد يأخذها في هذا الاتجاه"، معربًا اليوم عن دعمه لتيريزا ماي، قائلًا في القوت ذاته إنها تتمتع بالقوة والكفاءة وقادرة على لعب دور رئيس الوزراء، مشيرًا إلى أنه سيرأس آخر اجتماع له كرئيس للوزراء، غدًا الثلاثاء، قبل أن يحضر آخر جِلسة برلمانية، الأربعاء، ويقدم بعدها استقالته للملكة.