6 سنوات قضاها ديفيد كاميرون رئيساً للحكومة البريطانية، و11 عاماً على رأس حزب المحافظين الحاكم، أنجز خلالها الكثير والكثير، إلا أنه فى النهاية أصبح رئيس الوزراء الذى خرجت فى عهده بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بعد 43 عاماً كانت أبرز أعضائه، وهو ما يعتبرها كثيرون وصمة عار فى حق رجل تعهد في أغسطس 2008، بأنه "سيكون مصلحاً اجتماعاً جذرياً كما كانت تاتشر مصلحة اقتصادية"، وهو ما فشل فيه بعد السنوات الست التى قضاها فى السلطة. قاد "كاميرون" حزب المحافظين نحو 11 عاماً، وأعاده إلى السلطة بعد أكثر من 10 سنوات كان الحزب بعيداً عن دائرة الحكم، وفي عام 2005، ترشح ديفيد ضد منافسين مشهورين لقيادة الحزب، وكان أول زعيم محافظ منذ مطلع الستينيات درس في مدرسة إيتون، أحدى أغلى المدارس الخاصة في بريطانيا، و تنحدر أسلافه الى وليم الرابع، ما يجعله قريبا عن بعد للملكة. وقبل أن يلتحق بجامعة أكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد، أخذ كاميرون إجازة عام، عمل خلالها في مكتب برلماني من حزب المحافظين، كما عمل ثلاثة شهور في هونج كونج وكيلا للنقل البحري، وفي أوكسفورد، تجنب كاميرون الانخراط في العمل السياسي الطلابي لأنه بحسب أحد أصدقائه في هذه المرحلة ، "أراد أن يقضي وقتاً ممتعاً". ووصفه أستاذه في أوكسفورد، البروفسور فيرنون بوجدانور بأنه "واحد من أبرع الطلبة " الذين قام بالتدريس لهم وأن أفكاره السياسية كانت أفكاراً "محافظة معتدلة ومعقولة". بعد حصوله على شهادته بامتياز، فكر "كاميرون" في العمل بالصحافة أو القطاع المصرفي، قبل أن يرى إعلاناً عن عمل في دائرة البحوث التابعة لحزب المحافظين. وكباحث، بدأ كاميرون حياته السياسية حتى اختاره وزير المالية نورمان لامونت مستشارا سياسيا له، وكان إلى جانبه عندما حدث ما عرف بيوم الأربعاء الأسود، الذي انهار فيه سعر صرف الجنيه الاسترليني بسبب آليات معدلات الصيرفة الأوروبية. وبحلول مطلع التسعينيات، قرر كاميرون السعي لنيل منصب رئيس الوزراء بنفسه، لكنه كان مدركاً أنه من الضروري أن يحصل على خبرة خارج السياسة أيضا، لذا انتقل إلى العمل في العلاقات العامة مع شركة "كارلتون" في تلفزيون (آي تي في)، بعد فترة قصيرة من العمل مستشارا لوزير الداخلية مايكل هوارد. تزوج كاميرون في عام 1996 من "سامنثا"، ابنة السير "ريجنالد شيفيلد"، البارون الثامن، وكانت تعمل مديرة فنية بإحدى الشركات الكبرى في بوند ستريت، وأنجبا ثلاثة أطفال، هم نانسي وآرثر وفلورانس. وعند دخوله البرلمان في عام 2001 ، تدرج كاميرون بسرعة داخل البرلمان البريطانى، بداية بالعمل في لجنة الشؤون الداخلية، التي أوصت بتخفيف القوانين بشأن المواد المخدرة. وأصبح كاميرون أصغر رئيس وزراء عندما بلغ ال 43 عاماً منذ روبرت بانكس جينكينسون، ايرل ليفربول الثاني في عام 1812، وكان أصغر بستة أشهر من توني بلير عند دخوله داوننج ستريت في عام 1997. وبعد كل هذا التاريخ أعلن " كاميرون" إستقالته من منصبه بحلول أكتوبر المقبل بعد أن أيّد البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الخميس الماضى، وقال للصحفيين أمام مقر إقامته في داونينج ستريت إنه أبلغ ملكة بريطانيا بهذا الأمر، موضحا "لا أعتقد أنه سيكون من الملائم لي أن أمسك بدفة قيادة البلاد إلى وجهتها المقبلة". وقال كاميرون إنه يجب انتخاب رئيس للوزراء بحلول المؤتمر السنوي لحزب المحافظين بعد ثلاثة أشهر، وبيّن أنه يجب انتخاب رئيس وزراء جديد للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي للخروج. وعشية الاستفتاء، كان كاميرون دعا أبناء وطنه للتصويت لصالح البقاء، إلا أن هذه المناشدة لم تتحقق على أرض الواقع، وسط تأكيدات بأن نتيجة التصويت هذه ستؤدي قطعا إلى مغادرته منصبه رغم أنه قال إنه سيبقى. وبحسب النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية الجمعة، فإن 51.9% من الناخبين البريطانيين (ما يعادل 17.4 مليون شخص) صوتوا لصالح خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي ، مقابل 48.1% (16.1 مليونا) عبروا عن تأييدهم للبقاء فيه. وأظهرت النتائج تهديدا بانقسام في المملكة المتحدة حيث صوتت لندن واسكتلندا وأيرلندا الشمالية لصالح البقاء، فيما صوتت شمال إنجلترا (ويلز) لصالح الخروج.