واشنطن ترحب بحكومة الببلاوى وتلح على الانتقال إلى حكومة مدنية منتخبة برنت اسكوكروفت: قطع المعونة قِصَرُ نظر.. والمصريون يقررون مصيرهم بأنفسهم لم يتغير الخطاب الأمريكى عن أهمية وضرورة دعم العملية الانتقالية وذلك للوصول إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا، البيت الأبيض وعلى لسان المتحدث باسمه جاى كارنى، شدد على هذا المعنى وهذه الرسالة الموجهة للسلطات المصرية. ورحبت واشنطن بالحكومة الجديدة وإن كان غياب الإخوان تماما من التشكيل لفت انتباه المراقبين وأثار التساؤلات حول مستقبل العمل السياسى فى مصر. وكشفت الخارجية فى الموجز اليومى يوم الثلاثاء، أن ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأمريكى خلال زيارته للقاهرة اتصل هاتفيا بممثل للإخوان المسلمين، واكتفى باتريك فنتريل المتحدث باسم الخارجية بذكر ذلك دون أن يذكر اسم الإخوانى أو مضمون المحادثة، كما أنه لم يجب بشكل واضح وصريح على أسئلة الصحفيين فى ما يخص عدم لقاء بيرنز بالإخوان، ولماذا لم يتم دعوتهم ضمن اللقاءات التى تمت فى السفارة الأمريكية. وبما أن جون كيرى وزير الخارجية فى المنطقة ونائبه بيرنز عاد للتو إلى واشنطن من زيارته للقاهرة، فالتشاورات الخاصة بمصر ما زالت قائمة ومستمرة ومكثفة وموضع اهتمام وعلى «شاشة الرادار الأمريكى». أعمال العنف الأخيرة كان لا بد من أن تحظى بالاهتمام الإعلامى والسياسى، خصوصا أن التساؤل المطروح كان ولا يزال «كيف سيتم احتواء العنف المتصاعد وتقليل الاحتقان الواضح فى أجواء الاستقطاب المهيمن على المشهد المصرى؟»، وانعكس هذا الاهتمام بشكل واضح فى أسئلة الصحفيين المطروحة فى البيت الأبيض والخارجية الأمريكية. وردا على أسئلة عديدة وجهت للمتحدث باسم البيت الأبيض، قال كارنى إن واشنطن تحث السلطات فى مصر على التحرك قدما نحو العملية السياسية التى لا إقصاء فيها، ومن ثم «العودة إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا»، وكرر كارنى استعداد ورغبة واشنطن على «أن نعمل مع مصر وأن نساعد مصر لاجتياز المرحلة الحالية». كما قام كارنى بتذكير الصحفيين: «أن تقديم المساعدات لمصر فى مصلحة أمريكا». أما فى ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة فإن أهل واشنطن يتابعون باهتمام أسماءها وتوجهاتها وتصريحاتها الخاصة باجتياز المرحلة الحرجة التى تعيشها مصر، وأعرب الكثير من أهل واشنطن عن ارتياحهم لوجود أسماء معروفة لديهم، ولها تجربة أمريكية واشنطنية متميزة محفورة ومحفوظة فى الذاكرة، خصوصا ممن تولوا الحقائب الاقتصادية والمالية والتعاون الدولى، لأن الاقتصاد المصرى كان ولا يزال وسيظل الشغل الشاغل والهم الأكبر والأعقد لكل مهتم ومهموم بالشأن المصرى. كما أن تولى نبيل فهمى مهمة وزير الخارجية كان له صدى حسن بما لنبيل فهمى من تاريخ وتجربة ودور واحترام وبصمة خلال وجوده كسفير لمصر لدى واشنطن لسنوات عديدة. نبيل فهمى يعرف واشنطن وأهلها جيدا، كما أن واشنطن وأهلها يعرفون نبيل فهمى جيدا.. وهذا يحسب لصالح مصر ولصالح العلاقات المصرية الأمريكية. وبما أن مساندة مصر أمر حيوى وهام فى هذا الوقت تحديدا، ولا يمكن تأجيله فقد طالب برنت اسكوكروفت مستشار الأمن القومى الأسبق فى عهد الرئيسين جيرالد فورد وجورج بوش الأب بالوقوف بجانب مصر فى هذه المرحلة، وكتب فى مقال نشر ب«واشنطن بوست» ذكر فيه أن «مصر تحتاج دعمنا الآن أكثر من أى وقت آخر». وتعرض المسؤول الأمريكى السابق للأصوات المطالبة بقطع المعونة قائلا: «إن خطوة مثل هذه تعد قصيرة النظر وتمثل تصويتا بسحب الثقة من مصر وليس فقط الحكومة المؤقتة. كما أن الجدل حول توصيف ما حدث يبعدنا عن مهمة هامة بالفعل، وهى إيجاد استراتيجية لدعم مصر فى استعادة استقرارها الاقتصادى والسياسى» كما ذكر اسكوكروفت: «إن دعوة الرئيس أوباما لإعادة تقييم المساعدات الأمريكية يجب أن تركز أساسا على كيف يمكن أن نساعد مصر بدلا من هل يجب أن نساعد مصر». وبعد أن تناول كل التحديات التى تواجهها مصر كتب اسكوكروفت: «فى نهاية الأمر فإن المصريين سوف يقررون مصيرهم بأنفسهم إلا أنه صحيح أيضا أن المساعدات والنصائح الخارجية قد تكون مفيدة، وفى حين لم تعد الولاياتالمتحدة القوة العظمى الوحيدة فى عالم ما بعد الحرب الباردة فإنها تبقى الدولة الوحيدة القادرة على تحريك العمل الدولى فى مثل هذه الأمور الملحة (رغم الآراء المنقسمة الحادة داخل مصر اليوم حول الولاياتالمتحدة)». وقال أيضا: وتبقى مصر أهم دولة فى العالم العربى بسبب تاريخها وشعبها واقتصادها ونموذجها، لذلك فإن مساعدتها فى تحقيق أهدافها فى هذه المرحلة الحرجة بالتأكيد فى مصلحة أمريكا ومصلحة المجتمع الدولى، فالولاياتالمتحدة فى موقع متميز بحكم نفوذها العالمى وعلاقتها الممتدة مع مصر، وعليها أن تجمع الجهات المعنية بالأمر وتدفع بالعمل. إنها مسؤولية فريدة للقيام بهذا». وطالب اسكوكروفت فى مقاله فى «واشنطن بوست» بالإسراع فى هذه المهمة العاجلة، لأن الأزمة الحالية تتيح فقط فرصة محدودة، ذاكرا «التحالف المعارض لمرسى ضم معا أطيافا متعددة ومتنافسة، فبالتالى تضامنها قد يكون عابرا. وإذا كنا نريد أن نزيد من فرص أصوات مصر التقدمية فى أن توجه مستقبل بلدهم فإن الآن هو الوقت لتكثيف التعهد الأمريكى تجاه مصر». «مصر دايما فى البال».. هذا هو ما نسمعه ونقرؤه من أهل واشنطن هذه الأيام. وهذا لمن يعنيه الأمر!