في مطلع شهر يونيو الجاري، رفع وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي العلم المصري على أول حاملة طائرات مروحية من طراز الميسترال للبحرية المصرية، واليوم وصلت حاملة الطائرات التي تحمل اسم "جمال عبد الناصر" لتأخذ صدارة التدريبات البحرية، التي تختتم اليوم في المياه الإقليمية أمام سواحل الإسكندرية لتضع اللمسات الأخيرة على ملف نقل عطاء "الميسترال" الفرنسيه من روسيا إلى مصر، والذي بدأ في 24 سبتمبر 2015، عندما أعلنت مصر وفرنسا -على لسان رئيسيهما- التوصُّل لاتفاق لبيع حاملتي الطائرات "الميسترال" لمصر، وبعدها في ١٢ أكتوبر من نفس العام تابع العالم ذلك اللقاء الهام للرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء فرنسا مانويل فالس في قصر الاتحادية، حيث وقف الاثنان في خلفية التوقيع على عددٍ من الاتفاقات أبرزها اتفاق بيع حاملتي الطائرات لمصر الذي وقَّعه وزيرا دفاع البلدين مقابل ٩٥٠ مليون يورو بخلاف تسليحهم وتجهيزهم فنيًّا والذي يتم بمعرفة الروس. الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند انصاع لأوروبا وعقوباتها، واضطر لإعادة "المقدم" الذي دفعته روسيا وبلغ ٩٥٠ مليون يورو من صفقة قيمتها ١.٢ مليار يورو، بينما باع نفس السفينتين لمصر بقيمة ٩٥٠ مليون يورو، فماذا كسبت فرنسا من تحويل الميسترال لمصر؟ الإجابة هل كانت إدارة الرئيس الفرنسي تفضل رجوع "البضاعة المباعة" وبقاءها بلا مشترٍ؟.. بدون بيع الصفقه لمصر كانت خسائر فرنسا نحو 1.1 مليار يورو انخفضت لما بين 200 مليون و250 مليون يورو، وفي نفس الوقت فإنَّ قيمة الصفقه دخلت في ميزانية الحكومه الفرنسية، حيث تعد بيع الميسترال ثاني أكبر صفقة سلاح بين مصر وفرنسا بعد صفقة الرافال التي قامت مصر بشراء 24 طائرة رافال حربية، بلغت قيمتها 5.2 مليار دولار. وكان لافتًا تسهيل الإدارة الفرنسية إتمام صفقة الرافال، والتي مثَّلت أول عملية تصدير للطائرة الفرنسية فتم تمويلها، عبر قرض فرنسي حصلت عليه مصر، فيما حصلت مصر أيضًا على الفرقاطة فريم من فرنسا، وأصبح اسمها "تحيا مصر"، وفي العام الذي سبقه، اشترت مصر أربع سفن حربية "جويند" المصنعة من شركة تاليس، المملوكة جزئيًّا للحكومة الفرنسية. لجوء مصر إلى فرنسا لتنويع مصادر السلاح بعد تضييق أمريكي وأوروبي تقابل مع فوائد جمه، يستطيع الصديق الفرنسي أن يجنييها وأيضًا بعدم ممانعة حلفاء الناتو، وانعكس ذلك إيجابيًّا في تقرير عن صادرات السلاح أعدَّته وزارة الدفاع الفرنسية، حيث سجَّلت نتائج صادرات السلاح الفرنسي أفضل أداء منذ 15 عامًا، ونسب الفضل في هذه الزيادة إلى خمسة عقود تصل قيمتها إلى 4.79 مليارات يورو، سجلت وسط صعوبات تميزت خصوصًا بتراجع الطلب لا سيَّما في أوروبا والولاياتالمتحدة، وبمنافسة شديدة، ووفقًا للتقرير فإنَّ هذه النتائج تضع فرنسا في المرتبة الرابعة بالنسبة لصادرات السلاح بعد الولاياتالمتحدةوروسيا والصين. عملية إعادة بيع الميسترال تمَّت بالتفاهم مع روسيا لحليف قوي للأخيرة هو مصر، ما يترك الباب مفتوحا للتعاون مجدَّدًا مع الروس بعد رفع العقوبات لاحقًا، ويعطي إشارة ضمنية بإتاحة التكنولوجيا الفرنسيه للصناعة الروسية كما كان مخططًا قبل العقوبات وأزمة أوكرانيا، من خلال عمل الروس مع المصريين لتجهيز الحاملات وتسليحها وصيانتها والتدريب على التجهيزات وهو ما آثار حفيظة الولاياتالمتحدة، ووجهت دعايتها المضادة للتشكيك في حصول الروس على تصميميات الحاملات الفرنسية سرًا، واستخدامها لتطوير الحاملات الروسية التي تعرضت لصعاب جمه قبل ذلك بسبب مشكلات في تكنولوجيا عمل هذا النوع من القطع البحرية. وأخيرًا.. فإنَّ بقاء السفن في موانئ فرنسا بانتظار مشترٍ يكبِّد فرنسا ما بين مليون إلى خمسة ملايين دولار شهريًّا، إضافةً إلى تعرضها للتقادم مع منظومات الرادار والتسليح التي تمَّ تزويدها به، وستتكون هناك حاجة لتحديثها بعد فترة عند البيع، علاوةً على تكاليف الصيانة.