كتب- علاء عزمي: - داعشي من غزة على الأرجح يقف خلف النفير الأخير بغزوات السكاكين ضد الجيش والشرطة في سيناء - الجهادية السلفية في غزة والمنشقين عن كتائب القسام المورد الأكبر للمقاتلين الأجانب بشبه الجزيرة بينما كان العراقيون يزفون للعالم خبر بسط سيطرة بغداد على الفلوجة، أحد أهم وأخطر معاقل الدواعش، بدا غريبًا أن يهتم إصدار إعلامي منسوب إلى ولاية الرقة، عاصمة الدولة الإسلامية المزعومة، بالدعوة لمزيد من الاحتشاد والدعم خلف رجل أبو بكر البغدادي من المنتمين إلى تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء.. الحكاية أعمق من الصدفة الزمنية المتعلقة بتوازي سقوط الفلوجة مع الدعوة لمساندة دواعش سيناء بالرجال والمال والعتاد.. من المعروف أن الإصدارات المصورة والمسجلة لتنظيم الدولة يتم إعدادها قبيل بثها بعدة أيام كافية، ما يرجح بقوة فرضية التصادف غير المقصود بين صيحات الانتصار في الفلوجة ونفير التحريض على إشعال سيناء بغزوات الطعنات ضد رجال الجيش والشرطة، حسبما جاء بإعلان الرقة المثير للجدل.. ومع ذلك تظل فرضيات الاستغراب محل اعتبار بالنظر إلى الإصرار الكبير في سيناريو إصدار الرقة، من تضمينه بقيادات مصرية لمخاطبة شباب الإخوان ودعوتهم لطلاق جماعتهم الكافرة بالمنطق الداعشي، ومن ثم الانضواء تحت لواء الرايات السوداء، فضلًا عن تكفير رموز السلفية والرئيس الأسبق محمد مرسي، مع اعتبار الحرب في سيناء غاية استشهادية لا تضاهيها أي غاية أخرى.. هذا يعكس تصميمًا من جانب الدواعش في الشحذ صوب سيناء، بغض النظر عن هزائم التنظيم في سوريا والعراق وليبيا، أو على الأقل حتى كنتائج لتلك الهزائم.. لكن معاملًا جديدًا ربما يزيل العشرات من علامات الاستفهام المتصاعدة من تتابع إصدارات داعش الإعلامية المستهدفة لسيناء، في وقت يتلقى فيه التنظيم الضربات الموجعة من كل صوب وحدب داخل حدود خلافته ببلاد دجلة والفرات والشام.. نفير الطعن تجاه أفراد الأمن على طريقة انتفاضة السكاكين من جانب الفلسطينيين ضد الصهاينة في الأراضي المحتلة، إنما إشارة قوية على أن عنصرًا غزويًا على الأقل قد شارك في إعداد إصدار الرقة ضد سيناء.. الثابت أنه لا دواعش في الأراضي الفلسطينية المحتلة، باستثناء غزة، حيث يتواجد خط سلفي جهادي شرس هناك، وهو في عداء كبير حتى مع حماس المسيطرة على القطاع منذ عدة سنوات ماضية.. وصل الصدام بين الحمساويين والسلفيين المتشددين إلى حد استهداف الجهاز الأمني لحركة المقاومة الإسلامية للعشرات منهم بالسجن والاعتقال بل والتصفية الجسدية، لمنعهم من التحرش بإسرائيل بأي صواريخ ضالة ترتد وبالًا علي غزة، وكذا لإيقاف مخططهم تحويل القطاع لإمارة إسلامية داعشية. ذلك خلق عداءً حاميًا بين داعش وحماس، بيد أن الخصومة كانت تجاه القادة السياسيين في حركة المقاومة في مجملها، إذ ان جناحات عدة في كتائب عز الدين القسام، حيث ذراعها العسكرية، لا تجد غضاضة في التعاون مع عناصر الدولة الإسلامية، وبالأخص في طبعتها السيناوية.. وتعددت الانشقاقات في الفترة الماضية في صفوف أفراد كتائب عز الدين القسام، لينضم عدد غير قليل منهم إلى دواعش سيناء، إذ سجلت الأسابيع القليلة الماضية وحدها، وصول نحو 8 كوادر من فرق النخبة العسكرية الحمساوية ببيت حانون ورفح إلى شبه الجزيرة المصرية للمحاربة ضمن صفوف فرع الدولة الإسلامية هناك، أو لاستخدام ضفاف النيل كمحطة ترانزيت للانتقال إلى ليبيا.. ومن قبلهم، وخلال العامين الماضيين، تعددت النزوحات الحمساوية إلى سيناء للمحاربة ضمن تنظيم داعش هناك، مع بقاء نوافذ السلفية الجهادية بغزة كأكبر الموردين للمقاتلين إلى شبه الجزيرة.. وطالما أن القطاع يصدر من حين إلى آخر مقاتلين، فلا مانع أن يتبنى سفراؤه في داعش تصدير آليات المواجهة مع من يعتبرونه عدو، كسياسة الاستهداف بطعنات الأنصال.. إن التضييق الحمساوي على السلفيين والجهاديين والدواعش في القطاع، لن يؤدي كنتيجة حتمية إلا إلى تسرب عناصر منهم إلى سيناء، كما أن الإيديولوجيات الظلامية والموجهة في رؤوس بعض كبار كتائب عز الدين القسام، وبخاصة إذا كانوا إخوانيي الهوى أو يمثلون أجندات لقوى أقليمية مناوئة لمصر، ستدفع بلا شك تجاه مزيد من النفخ الخارجي في جسد رجال تنظيم الدولة داخل الأراضي المصرية.. دواعش غزة، قنابل موقوتة في كل الأحوال تهدد مصر على طول الخط، تارة عبر انتماء العديد من مقاتلي داعش سيناء لهم، وتارة أخر بتصدي بعضهم لإنتاج فيديوهات وتسجيلات التحريض باستخدام أساليب إجرامية جديدة كحروب السكاكين..