انتهاكات أمناء الشرطة أصبحت أشبه بصداع مزمن في رأس وزارة الداخلية نفسها والنظام ككل، إذ وصل الأمر لاقتحام أعداد كبيرة منهم مبانى مديريات الأمن على مستوى الجمهورية ودخولهم فى اعتصامات بداخلها وشل العمل بالمواقع الشرطية، لتنفيذ مطالبهم. «التحرير» وعبر تلك السطور تدق ناقوس الخطر بشأن كارثة حقيقة فى انتظار وزارة الداخلية، بعد السماح وفتح الباب على مصراعيه أمام ترقية أمناء الشرطة إلى ضباط، إذ أنه مع حلول عام 2020 سيصبح أعداد ضباط الشرطة من خريجى الأكاديمية 30 ألف، بينما سيصبح عدد ضباط الشرطة ممن كانوا أمناء شرطة سابقين 17 ألف و200 ضابط شرطة،من ضمن 140 ألف أمين شرطة ينتظرون دورهم في الترقي. كيف تأسست دولة أمناء الشرطة في عام 1967، أنشئ معهد أمناء الشرطة على يد وزير الداخلية شعراوى جمعة، وكان الغرض منه تخريج رجال شرطة على قدر من التعليم والمسؤولية، وتم إنشاء المعهد بمنطقة طرة البلد بمحافظة القاهرة. كان من أسس الالتحاق بمعهد أمناء الشرطة أن يكون الطالب حاصلا على الثانوية العامة أو ما يعادلها، كما تم إنشاء المعهد لإلغاء نظام الكونستبلات، إلى جانب ذلك كان من أهم الأهداف إلغاء كلية الشرطة على أن يتم التحاق الطالب بمعهد أمناء الشرطة لمدة عامين يدرس خلالهما المواد الشرطية والحقوقية ويتم بعدهما تخريجه أمين شرطة ثالثا ويتدرج من ثالث إلى أمين ثان ثم أمين أول وبذلك يكون مر على خدمته 15 عاما، وبعد ذلك يتم ترقيته في رتبة ملازم شرطة على أن يكون ضابط شرطة على كفاءة عالية مقارنة بضباط الشرطة خريجي كلية الشرطة حديثي التخرج.
360 ألف فرد وأمين شرطة في مصر.. 10 أضعاف الضباط أمناء الشرطة يمثلون حوالى 10 أضعاف ضباط الشرطة، إذ تجاوزت أعداد الأفراد والأمناء أكثر من 360 ألفاً، بينما وصل عدد الضباط إلى 40 ألف، ويقومون فى الوقت الحالي بعديد من المهام داخل جهاز الوزارة، إذ يعملون فى إدارات لها تعامل مباشر مع المواطنين كالمرور والمباحث والترحيلات والمرافق، وهو ما نتج عنه "الإتاوات والانتهاكات" بحق المواطنين، مما جعل منهم قوة لا تستطيع القيادات الأمنية حتى الوقوف فى وجهها. طبيعة عمل الأمين بعد ترقيته ل«ضابط» أعلى رتبة سيصل إليها ضابط الشرطة المرقى من فئة الأمين قد تصل إلى العميد، ولن يتم ترقيته إلى لواء، ولن يشغل منصب قيادى فى القطاع أو الإدارة التابع لها، ومن الوارد أن يتم تسكين عدد من الأمناء المرقين إلى ضباط فى السجون الجديدة التى يتم إنشائها حديثاً، كما سيتم نقل أمين الشرطة الذى يعمل بوحدات المباحث المختلفة على مستوى الإدارات بعد ترقيته إلى العمل كضابط نظامى. المستحيل يتحقق بالحديث عن ترقية أمناء الشرطة إلى ضباط نرى أنه كان حلماً أشبه بالمستحيل سعوا لتحقيقه وكثيراً ما تبادر لأذهانهم ولسان حالهم "إحنا مكتوب علينا نفضل كده طول عمرنا"، مزايا ومزايا عدة ووجاهة اجتماعية ومكانة لائقة تتحقق اركانها فى ضابط الشرطة، ربما كانوا فى احتياج ملح لها فى ظل نظرة المجتمع لهم على أنهم خريجى المؤهلات المتوسطة، وعقب الإطاحة باللواء حبيب العادلى وزير داخليتهم الأسبق بعد ثورة 25 يناير، تحقق الحلم ورُقى أمناء الشرطة إلى ضباط إثر إدخال بعض التعديلات على قانون هيئة الشرطة. تطلعات ورغبات مشروعة ...لكن القانون مطلوب ليس من حق أحد الوقوف حائلاً ضد رغبات وتطلعات أمناء الشرطة ليصبحوا يوماً من الأيام ضباط شرطة، لكن الأمر لا ينبغى أن يكون هكذا دون ضوابط .. "التحرير" عبر السطور المقبلة حاولت البحث والتنقيب حول مسألة ترقية أمناء الشرطة لكادر الضباط ، خاصة وأن عدد أمناء وأفراد الشرطة وصل إلى 360 ألف، من بينهم 140 ألف أمين شرطة فى حين أن أعداد ضباط الشرطة 40 ألف فقط، وهى نسبة ضئيلة جداً مقارنة بأعداد أمناء الشرطة. إبان عهد اللواء حبيب العادلى، وزير داخلية مبارك، لم يكن مسموحاً لأمناء الشرطة بالترقى لكادر الأمناء بهذه الكثافة والأعداد الكبيرة مثلما حدث عقب اندلاع ثورة يناير المجيدة، وكانت هناك عدداً من القيود والإشتراطات الواجب توافرها فى أمين الشرطة الراغب فى الترقى لكادر الأمناء، إلا أن الوضع الآن تغير كثيراً وبات من حق الأمناء قانوناً ممن تجاوز 24 سنة خدمة أو حصل على ليسانس الحقوق الترقى فوراً إلى كادر الضباط بعد خضوعه لدورة تدريبية مصغرة بأكاديمية الشرطة. 30 ألف أمين شرطة يدرسون الحقوق وفقاً لتصريح للواء سعد سرية رئيس قطاع التفتيش والرقابة بوزارة الداخلية، فإن هناك أكثر من 30 ألف من أفراد وأمناء الشرطة يدرسون بكلية حقوق قسم التعليم المفتوح بجامعه بنها، من أجل التسوية للحصول على درجة ضابط شرطة بمحاذاة ضابط الشرطة الحاصل على كلية الشرطة دون تأهيل كامل ودون توصيف للقدرات. وأضاف " سرية " خلال ندوة تطوير الأداء الامني بأكاديمية الشرطة، أن وزارة الداخلية ستقوم بإعادة النظر فى تقييم مسألة ترقى الأمناء، مشيراً أن 24 ألف أمين شرطة سيحصلون على شهادة الحقوق لهذا العام بكليات التعليم المفتوح وسيتقدمون للترقية لكادر الضباط العام الجارى. ومن المتعارف عليه أن أكاديمية الشرطة تقوم بتخريج دفعتين مرتين سنوياً، الأولى من الحاصلين على ليسانس الحقوق، والثانية ممن التحقوا بكادر ضباط الشرف بعد قضائهم 24 سنة خدمة شرطية، وتتراوح أعداد الدفعتين من 800 إلى 1200 ضابط خريج. وبالنظر إلى أعداد الضباط المرقين من فئة أمين الشرطة بعد نحو 10 سنوات، نجد أنهم سيصبحون 18000 ضابط، بما يقترب من نصف ضباط خريجى كلية الشرطة. مجلس النواب يدرس تعديلات قانون الشرطة قبل أيام قليلة، أدخلت وزارة الداخلية بعض التعديلات على قانون هيئة الشرطة وخاصة فيما يتعلق بمسألة أمناء الشرطة وترقيتهم، وذلك قبل إرساله لمجلس النواب لمناقشته، إذ أضيفت فقرة جديدة إلى نص المادة 79 من القانون لتصبح كالتالى " ويعمل من حصل على درجة أمين شرطة ممتاز فى رتبة الملازم شرف بعد حصوله على فرقة ترقية بكلية الشرطة يصدر بنظامها ومواعيدها قرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة. ترى وزارة الداخلية أنه ربما لا يكون هناك احتياج للضباط المرقين من فئة الأمناء، إلا أن الثورة الشعبية التى اندلعت فى يناير 2011 أجبرت قيادات الوزارة على التعامل مع الوضع القائم لامتصاص غضب الأمناء الحالمين بالترقية لكادر الضباط. أمناء شرطة وتحركات الداخلية للحد من الترقيات يقول عبد الله، أمين شرطة وحاصل علي ماجستير بالقانون، يعمل منذ 15 عاما بالعمل الشرطى إن وزارة الداخلية رفضت ترقية مايقرب من ألفي أمين شرطة من الحاصلين علي ليسانس الحقوق لرتبة ملازم أول طبقا للمادة 103 من قانون الشرطة رقم109 لسنة 1971 رغم أنهم مستعدون لتقديم أرواحهم فداء للوطن حتي يصل لبر الأمان ورغم ذلك يصر المجلس الأعلي للشرطة علي عدم اتخاذ قرار الترقي رغم احتياج الوطن إليهم في تلك الفترة والغريب أنهم يبحثون عن الحلول خارج الوزارة رغم تواجد 2000 من أمناء الشرطة مؤهلين علمياً وعملياً لأداء المهمة الشرطية. فيما يشير الأمين ممتاز شحات سعيد، 23 سنة خدمة شرطية، إلى أنه وفى حال بلوغ أعداد أفراد الشرطة عن الحد المسموح له دخول أكاديمية الشرطة فإنه يتم النظر إلى الأقدم فى الرتبة ما بين العريف والرقيب والمساعدين، وإن تساووا فى الرتبة يتم الرجوع إلى أقدمية الإلتحاق بجهاز الشرطة. ولم تكن واضحة مساعى عدد من الضباط لإجهاض ترقيات الأمناء وتجلى ذلك فى رسالتهم إذ يشيرون أنهم يدخلون الكلية لمدة أربع سنوات فى حين أن فرد الشرطة يدخل معهد لمدة تسعة أشهر فقط، ضابط الشرطة يدفع آلاف الجنيهات سنوياً مصاريف كلية الشرطة، فى حين يدفع فرد الشرطة مصاريف تسعة أشهر، جميع ضباط الشرطة لن يتدرجو الى رتبة العميد لاشتراطات احتياج الوزارة من الرتبة وأعداد الضباط، وجميع ضباط الشرطة لن يتدرجوا إلى رتبة اللواء. الخبراء: موضوع معقد لفت اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، ومدير أمن المنيا فى حديثه ل" التحرير" موضحاً أن أمين الشرطة الحاصل على مؤهل متوسط يمكنه ممارسة عمله بذات كفاءة الضابط خريج أكاديمية الشرطة بعد حصوله على ليسانس الحقوق، مشدداً على ضرورة اتباع الخطوات القانونية فى مسألة ترقى الأمناء من حيث فحص ملفاتهم كاملة " وكأنهم يتقدمون لأول مرة للعمل بجهاز الشرطة"، وتسرى عليهم كافة الشروط والاختبارات الموقعة على ضابط الكلية. اللواء مجدي البسيونى، مدير أمن أسيوط الأسبق، وصف فكرة مشروع القانون الذى تم تعديل بعض المواد المنظمة لهيئة الشرطة في المادة 103 من القانون 109 لسنة 1971 بالتعديلات الفاشلة لأنها تسمح بضم أمناء الشرطة من غير الحاصلين على ليسانس الحقوق ليصبحوا ضباط شرطة بعد مرور فترة زمنية على خدمتهم الشرطية، بشكل يفتح الباب على مصراعيه أمام حملة الشهادات الأخرى. وقال " البسيونى" إن مشروع تعديل القانون "جاهل" وينم عن عدم الإلمام والإدراك الحقيقي لطبيعة المنظومة الأمنية، وضرب المثل بخريج كلية الحقوق والذى يصبح مهيئاً لممارسة مهنة المحاماة بعد إجادته فى دراسته وتخرجه منها فلا يصلح لشغل مهنة المحاماة آخر من حاملى أية مؤهلات أخرى. ونوه "البسيونى" إلى أن مسألة ترقى أمناء الشرطة إلى ضباط ضد فكرة تطوير جهاز الشرطة وقد يتفاجأ الجميع أن ثلث عدد الضباط سيصبح بعد سنوات قليلة فى حقيقة الأمر من حملة المؤهلات المتوسطة التى لا تعلم شيئاً عن حفظ الأمن. من جانبه يرى اللواء حسام لاشين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن وزارة الداخلية اضطرت للموافقة على طلبات الأمناء بالترقى لكادر الضباط بعد خروجهم فى مظاهرات ومحاولة بعضهم للقطع الطريق أمام الوزارة، وأكد أنهم يمثلون عصب وزارة الداخلية وقوة ضاربة، وخلال فترات سابقة أعيد للعمل بعض أمناء الشرطة ممن كانوا متورطين فى قضايا سرقة وأخطاء مسلكية، وطالب بضرورة تهيئة الأمناء نفسياً للتعامل مع الجمهور فى تلك الآونة. وأبدى اللواء حسام لاشين تخوفه من خطورة الموقف بترقى الأمناء إلى ضباط، موضحاً ل" التحرير" أن احتمالية ارتكاب اخطاء بعد ترقيتهم ستصبح أكثر نتيجة لزيادة وضعهم الإجتماعى فى المجتمع، ضارباً المثل بواقعة "الدرب الأحمر" بعد مقتل سائق على يد أمين شرطة. ورداً على سؤال "التحرير" حول إحالة الأمناء إلى مجالس تأديب حال مخالفتهم للقانون أشار "لاشين" أنها خطوة جيدة لتحقيق الردع القوى لأبناء الجهاز انطلاقاً من مبدأ توقيع العقاب عليهم كغيرهم من الفئات والتى تبدأ من الخصم من الراتب والإيقاف انتهاءً بالإحالة إلى الاحتياط.