في منطقة الوراق بمحافظة الجيزة.. نهار الصائمين لم يختلف عن ليلهم، فإذا كان الصوم فريضة دينية، يمنع فيه الشرب، بات حتى في ساعات المساء الشرب وكأنه ممنوعًا. "الحنفيات" التي تروي عطش وتدحر ظمأ المواطنين، لم تسقط ماءً، بل أوقدت نارًا، فهناك وعلى مدار ثلاثة أيام انقطعت المياه عن هذه المنطقة، إثر كسر وصفته وزارة الإسكان ب"المفاجئ" في أحد محابس خط الطرد الرئيسي 1200 مم زهر مرن الخارج من محطة مياه إمبابة خلف المجزر الآلي. أصل الحكاية تعود إلى هذا الكسر في "المحبس"، أسفر عن انقطاع المياه عن مناطق إمبابة وأرض اللواء وفيصل وصفط اللبن والعجوزة، وبينما وجَّهت الاتهامات سريعًا إلى المسؤولين، وفي المقدمة وزارة الإسكان، إلا أنَّ وزيرها مصطفى مدبولي تحدَّث عن مبرر آخر، لما دعاها الأهالي ب"الكارثة". شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالجيزة أعلنت استمرار قطع المياه عن مناطق "مدينة العمال بإمبابة- مدينة الصحفيين- المنيرة الشرقية – بولاق الدكرور – صفط اللبن – كفر طهرمس" وذلك نتيجة لحدوث كسر مفاجئ في أحد محابس خط الطرد الرئيسي 1200 مم زهر مرن الخارج من محطة مياه إمبابة خلف المجزر الآلي. المسؤولية في نظر الوزير مدبولي صرَّح، خلال جولة تفقدية بالمنطقة: "ما حدث كسر عادي يحدث منه الكثير كل يوم، وكان من الممكن إصلاحه في وقت قصير، كالمعتاد، ولكن العمارات والأبراج المخالفة صعبت من مهمة العاملين بشركة مياه الجيزة المكلفين بالإصلاح، حيث لا يوجد أي مكان مثلاً لوقوف المعدات أو تصريف المياه الزائدة، فالتعدي وصل إلى الشارع وحرم الطريق، فضلاً عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالمنطقة لقربها من النيل، ووجود كابلات كهربائية، ما دفع الشركة إلى الدفع بالغطاسين لإنهاء أعمال الاصلاح في أسرع وقت ممكن". "التحرير" رصدت معاناة الأهالي، الذي لم يختلف ليل إفطارهم عن نهار صياهم فكلاهما بلا مياه، فقالت علا إبراهيم الشاذلي، إحدى القاطنات بحي الوراق: "هو الوزير لسه فاكر يجي.. المياه مقطوعة من أكتر من 31 ساعة.. الوزير كان مستني الجو يبقى حلو ودرجة الحرارة تنخفض، بجد حسبي الله ونعم الوكيل فيهم وفي كل واحد مش بيعمل اللي يرضي ربنا في شغله". "يا ناس ارحمونا بقى، المياه قاطعه بقالها 32 من منطقة بأكملها، ومفيش حد عنده نقطه ميه ولسه ده بيجي وده بيروح، عشان شوية الصور والشهرة.. ارحموا اللي جابونا بقى، عندنا أطفال مش لاقية نقطه مايه من إمبارح الصبح، يرضي مين ده والمسؤولين مش حاسين بينا منهم لله على الاستهتار، يومين بيصلحوا فى مسوره ليه يعني؟، دول حتى مفكروش يبعتوا عربيات ميه للناس، ده إحنا في رمضان"، هذا ما قالته فايقة شريف، من الأهالي. الناس تطلب الرحمة جيهان بنداري، من الأهالي أيضًا، عقَّبت على زيارة الوزير، فقالت: "لسه صاحي من النوم حضرته، كان فين من 32 ساعة"، فيما ذكر عبد الرحمن عبد الله، أحد السكان: "من أول يوم رمضان والميه قاطعة، لو حسبنا عدد الساعات اللي جت فيها الميه في الثلات أيام الماضية، مش هتلاقيها تقضي نشرب، بس هنعيش إزاي هما بيموتونا بالطريقه يعني". الغضب الشعبي هناك تجسَّد في مشهد آخر، تمثَّل في دعوات بعنوان "استرجل وانزل" لقطع الطريق الدائري أمام المناطق المتضررة. كريم حمدي، أحد الأهالي قال: "رجالة الوراق وإمبابة وبولاق الدكرور فين، وقف الطريق الدائري هو الحل، زي ما رجالة صفط اللبن عملت السنة اللي فاتت والمشكلة اتحلت خلال ساعات، لو إنت راجل وغيور علي أهل بيتك انزل وخد موقف إيجابي وبدون تخريب، بس لازم الصوت يوصل لكل مسؤول في الدولة واللي مقصر يتحاسب". وعلَّقت صافي عادل: "أنا عارفه أنهم مش هيجيبوا المية ولا يعبرونا، غير لما ناخد موقف، كل واحد بقي يلم جماعة وهتلاقي الناس اترصت جنبك". الوزير والمحافظ.. تليفون الأزمة وزير الإسكان جاءت تصريحاته عن الأزمة كثيرة، فقال إنَّه لن يترك الموقع إلا بعد التأكُّد من الانتهاء من تركيب الطبة والمحبس، منوِّهًا إلى أنَّه يتم حاليًّا نزح المياه الزائدة بالمنطقة تمهيدًا لضخ المياه في الشبكات. وعبَّر عن أسفه لانقطاع المياه لهذه الفترة نظرًا لهذا الحادث، مؤكِّدًا في الوقت نفسه أنَّ هناك تحديات كثيرة تواجه شركات مياه الشرب والصرف الصحى في أداء مهامها، وضرورة أن يتحمل الجميع نتائج مخالفاته، وبخاصةً من استغلوا فترة الانفلات الأمني وبنوا الأبراج المخالفة فأضروا نفسهم وغيرهم من المواطنين، حسب تعبيره. الوزير أجرى اتصالاً مع اللواء محمد كمال الدالي محافظ الجيزة، أشار خلاله إلى ضرورة التعامل بشدة مع مخالفات البناء التي أصبحت تسبب مشكلات وصفها ب"الخطيرة" لعموم المواطنين، وهو ما أكَّده محافظ الجيزة، مشيرًا إلى أنَّه يشن بصورة دورية حملات إزالة لكل هذه المباني المخالفة.