تعددت الملاحظات حول مضمون المقال السابق بعنوان (من سينافس الرئيس في الانتخابات المقبلة؟)، بداية من صعوبة التنبؤ بطرح أسماء محتملة لخوض الانتخابات المقبلة وخصوصا في حالة ترشح الرئيس السيسي، وصولا لمطالبة بعض المتابعين للمقال من الدخول في صلب التحليل المبني علي قاعدة احتمالية ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لدورة ثانية للانتخابات الرئاسية، لأنه الأقرب للتحقق،. وتأجيل التحليل الأول الخاص بمحاولة الإجابة علي ما هي خريطة المرشحين المحتملين للانتخابات في حالة عدم ترشح الرئيس السيسي للانتخابات القادمة 2018؟ وبالرغم من ضعف هذا الاحتمال إلا أنه احتمال قائم، بل الإجابة على هذا التساؤل هي الأهم والأخطر من وجهة نظري. ولكن دعونا نبدأ مما انتهى عليه ردود الفعل حول المقال السابق بطرح تساؤل حول خريطة المرشحين المحتملين للانتخابات القادمة علي قاعدة ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لدورة ثانية للانتخابات الرئاسية؟ (1) انتخابات 2012 في محاولة لقياس عناصر التأثير المباشرة في نتائج الانتخابات الرئاسية يمكنا القياس علي الانتخابات الرئاسية 2012، لأنها الانتخابات الوحيدة في تاريخ مصر تتوافر بها شروط المنافسة والحد الادني من الضمانات بجانب ارتفاع سقف الحريات نتيجة ثورة 25 يناير 2011، وبتحليل لمشهد الانتخابات نجد أن من وصل لجولة الإعادة (احمد شفيق ومحمد مرسي)، يمتلكان الكثير من عناصر النفوذ علي مستوي الداخل والخارج، يأتي في مقدمة عناصر النفوذ (التنظيم) سواء كان التنظيم لدي محمد مرسي "أيديولوجي" متمثل في جماعة الإخوان المسلمين بامتلاك الجماعة العديد من الأدوات والقدرات الاقتصادية المتمثلة في أشكال مختلفة سواء كانت تعليمية كالمدارس آو طبية كالمستشفيات او خدمية كالجمعيات الأهلية والعديد من رجال الاعمال، وعلي الجانب الآخر يأتي احمد شفيق بامتلاكه تنظيم "بيروقراطي" متمثل في "حزب الموظفين" وسيطرته علي ماكينة الحزب الوطني بشبكة مصالح واسعة مع العائلات وطبقة رجال أعمال مبارك وإعلامه، وهو ما جعل (شفيق ومرسي) يتفوقان علي باقي المرشحين في الجولة الأولي بالانتخابات الرئاسية، ومع جولة الإعادة يتراجع نفوذ "التنظيم" لصالح نفوذ مؤسسات الدولة السيادية آو بالاحري موقف المؤسسة العسكرية وأجهزة المخابرات ومصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية، ويحدد موازين القوي بين الداخل والخارج المعادلة علي الأرض وحسابات اللحظة في الداخل، لحين حدوث تلاقي بين أطراف القوي المؤثرة في الداخل (القوي التقليدية) مع أطراف الخارج كما حدث بإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح (محمد مرسي)، في المجمل نجد أن مقدمة الفوز في آي انتخابات رئاسية تنبع في المرحلة الأولي من "إطار تنظيمي"، يمتلك الحد الادني من أدوات النفوذ الجماهيري والإعلامي والمالي، المؤثر بشكل مباشر في القوي المجتمعية والشعبية، ثم يأتي عنصري الحسم متمثل في (نفوذ مؤسسات الدولة التقليدية – ومصالح بعض الأطراف الإقليمية والدولية). (2) انتخابات 2018 يعتقد البعض بان نتائج الانتخابات المقبلة ستكون محسومة قياسا علي عناصر التأثير المباشرة المتمثلة في ثالوث الفوز بالانتخابات ( إطار تنظيم - نفوذ مؤسسات الدولة التقليدية - مصالح بعض القوي الإقليمية والدولية)، لصالح مرشح معين، في وقت لم يتبلور البديل التنظيمي بأدواته بعد للقوي السياسية المختلفة، وبالرغم من صحة الاعتقاد من حيث الشكل إلا أن تحليل كل عنصر من عناصر التأثير الثلاثة يضاف عليها باقي عناصر التأثير الاخري من قوي سياسية فاعلة (الشباب المسيس– الأحزاب – المجتمع المدني والحقوقي- النخبة الثقافية والسياسية)، مجتمع رجال الاعمال، نجد أن مكونات كل عنصر من عناصر التأثير مليئة بالتباينات التي ستعطي مساحة أوسع لأسماء محتملة للانتخابات الرئاسية القادمة، فالحديث عن فوز ساحق يتجاوز 97% لأي مرشح كما حدث في انتخابات 2014 صعب حدوثه، بل يمكن اعتبار نسبة 75% فيما فوق أصبحت صعب التكرار، وعلية فالحديث عن احتمالية المنافسة الانتخابية هي احتمالية قابلة للتحقق ولا يعني ذلك "حسم النتيجة"، علي الرغم من إمكانية حدوثها طبقا لبعض التطورات والتفاعلات التي يمكن أن تحدث، ولكن الشئ المؤكد هو أن الانتخابات القادمة بغض النظر عن "حسم النتيجة"، ستكون مختلفة عما كانت عليه في 2014، من حيث ارتفاع نسبة المنافسة في حالة خوض مرشح لديه حالة من الاتفاق السياسي وتتوافر لديه بعض الصفات (والتي يمكن الحديث عنها في مقال لاحق). (3) المرشحين المستبعدين تم طرح في المقال السابق بعض الأسماء التي يتم طرحها من قبل البعض وان كان في اغلبها تعبير عن شبكة مصالح اقرب لنمط دولة مبارك وهم (احمد شفق رمز دولة مبارك- سامي عنان الساعي لتحقيق الرئاسة منذ يوم 28 يناير 2011- مراد موافي ضحية الصراع بين عمرو سليمان والمشير طنطاوي) الأسماء الثلاثة السابقة وخصوصا الأول والأخير مازال احدي الكروت لدي بعض الأطراف الإقليمية وخصوصا دول الخليج "السعودية"، وان كان الاسم الأخير يطرح من قبل بعض الأطراف الدولية والداخلية المحسوبة علي القوي المدنية. ولكن سيظل موقف مؤسسات الدولة التقليدية عقبة في وصل إحداهما لمنصب الرئاسة، بل صعوبة حتى الترشح في حالة خوض الرئيس السيسي للانتخابات الرئاسية القادمة ولكن سيكونوا حاضرين بقوة في المشهد الانتخابي في حالة عدم ترشح السيسي للانتخابات، آو ما بمفهوم أوسع ما يمكن ان نطلق عليه ماذا بعد السيسي؟ ويأتي استبعاد بعض الأسماء من بورصة الأسماء المحتملة للانتخابات القادمة 2018 السيد عمرو موسي لأكثر من سبب ولكن السبب الرئيسي ينبع من حكم السن فالسيد عمرو موسي سيبلغ من العمر ثمانين عام خلال هذا العام 2016، بجانب استبعاد ترشحه في حالة خوض الرئيس السيسي للانتخابات كما حدث في انتخابات 2014. (4) استبعاد مؤقت ويأتي اسم السيد حمدين صباحي وهو واحد من الفاعلين علي الساحة السياسية الآن كاسم مستبعد مؤقتا لما أعلنه بعدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، يضاف إليه المستشار هشام جنينة والذي لم يعلن سابقا او حاليا رغبة في الترشح للمنصب علي الرغم من طرح أسمة من قبل بعض الأطراف السياسية وان كان طرح أسمة متداول في حالة عدم خوض الرئيس السيسي للانتخابات. يتبقي الاسم الأخير في الاستبعاد المؤقت الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية 2012 وصاحب المركز الرابع بالانتخابات، ويمكن ان نطلق عليه "الاستبعاد الحذر" نتيجة تفاعلات الشأن الداخلي بعد 30 يونيو، ولكن حسم الاستبعاد لتلك الأسماء وخصوصا الأخير منها هو استبعاد مؤقت قابل للتعديل والإضافة علي النقطة التالية. (4) المرشح المحتمل يأتي في مقدمة بورصة الأسماء المحتملة للانتخابات الرئاسية بناء علي تحليل الخريطة السياسية في الوقت الراهن المحامي خالد علي والسفير نبيل فهمي والدكتور مصطفي حجازي، ثلاث أسماء مختلفة المنطلقات والتوجهات، فيأتي اسم السيد خالد علي كواحد من الأسماء الأكثر تداولا لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة 2018، وهو اسم قريب من القوي السياسية الديمقراطية الفاعلة ولديه تجربه في انتخابات الرئاسة 2014، ثم يأتي اسم الدكتور مصطفي حجازي كواحد من الأسماء التي لمعت أثناء توليه منصب المستشار السياسي للرئيس عدلي منصور خلال المرحلة الانتقالية بعد 30 يونيو وان كان يفتقر لقبول بعض الأطراف من القوي السياسية الفاعلة وخصوصا الشبابية منها إلا انه واحد من الأسماء المقبولة لدي مما يمكن ان نطلق عليها ( القوي التقليدية – بعض مؤسسات الدولة – بجانب قبوله من قبل بعض الأطراف الدولية)، ويأتي اسم السفير نبيل فهمي كواحد من الأسماء القريبة من الدكتور محمد البرادعي منذ تأسيس حزب الدستور في 2012، وهو ما جعل قربة من بعض القوي الشبابية والسياسية الديمقراطية دافعة له في العمل السياسي بجانب كونه واحد من أبناء الدبلوماسية المصرية بحكم عملة بها حتى تولي منصب وزير الخارجية 2013، يضاف الي ذلك كونه نجل وزير الخارجية الأسبق إسماعيل فهمي صاحب الاستقالة الشهيرة اعترض علي زيارة الرئيس السادات "لإسرائيل" في عام 1977. ولكن سيظل موقف بعض مؤسسات الدولة التقليدية عامل حاسم في قرار خوضه في الانتخابات الرئاسية القادمة. (5) نهاية القول إن حديث البعض علي حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة 2018 بناء علي معطيات الواقع الآن هو صحيح من حيث الشكل ولكن ليس من البديهيات لكثرة التفاعلات و حسابات اللحظة الآن وفي عام 2018، بجانب ان نتائج الانتخابات للطرف الفائز لن تتجاوز 60% إلى 70% وهو ما يعني ان الطرف الآخر قادر علي الاستحواذ علي ما يقرب من 30% من مجمل الأصوات. تلك النتيجة تعني في الحد الادني منها محاولة فتح المجال العام والتصدي لمحاولات تجفيف منابع السياسية التي تتم حالا، والوقوف أمام أي نية لتعديلات علي الدستور المصري الحالي علي نهج تعديلات 1980. رحم الله شهداء الطائرة المصرية