وكيل تعليم أسوان يستقبل فريق برنامج «مستقبلي» بمنظمة اليونيسف    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    «السياحة»: إيفاد 8 أئمة لمرافقة حجاج البر والاقتصادي لتوعيتهم دينيًا    توريد 578 ألف طن قمح لصوامع وشون الشرقية    بعد شكرها «القسام».. أسيرة محررة تريد العودة إلى الجيش لتصفية الحسابات (تفاصيل)    ماكرون: لا توجد معايير مزدوجة في سياسة فرنسا تجاه الشرق الأوسط.. ونؤيد حل الدولتين    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة بيراميدز وسيراميكا في الدوري والموعد    شريف عبد المنعم: الأهلي قادر على تخطي دور المجموعات في كأس العالم للأندية (خاص)    علي فرج يعلن اعتزاله الاسكواش.. ويوجه رسالة للشعب الفلسطيني    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    قرار قضائي بحق المخرج محمد سامى في اتهامه بسب وقذف عفاف شعيب (تفاصيل)    ضبط 54 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تامر حسني يعلق على احتفال باسم سمرة بعيد ميلاده (تفاصيل)    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    تصعيد إسرائيلي يهدد مسار التفاوض في الملف النووي الإيراني    زيلينسكي يقترح عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين    التفاصيل الكاملة حول إغلاق مكاتب البوليساريو بدمشق    الحوثيون: إسرائيل شنت 4 غارات على مطار صنعاء    18 شهيدا جراء غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    الإحصاء: ارتفاع العمر المتوقع عند الميلاد للإناث في مصر إلى 74.4 سنة عام 2025    افتتاح مسجد جديد بالمنطقة السكنية 26 واسترداد وحدات متعدى عليها بمدينة السادات    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    شبكة أمريكية: الأهلي والهلال أبرز الأندية الراغبة في ضم رونالدو    قبل مواجهات حسم الدوري.. كواليس تحركات فريق بيراميدز فى المحكمة الرياضية الدولية    هدف الهلال.. عرض مرتقب من إنتر لاستمرار إنزاجي    إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة الحزام الأخضر ب 6 أكتوبر    نائب وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء محطة مياه منشأة القناطر    محافظ المنوفية: تحرير 314 محضر مخالفات مخابز وأسواق وضبط 4 أطنان مواد غذائية    "أدهم ضحية بلا ذنب".. مقتل بائع متجول تصادف مروره قرب مشاجرة بسوهاج    رئيس بعثة الحج المصرية: استعدادات مكثفة لمخيمات منى وعرفات وخدمات مميزة في انتظار ضيوف الرحمن (صور)    جامعة القاهرة تحتفل بتخريج دفعة جديدة من كلية حقوق السوربون ( صور)    47 فيلما مشاركا في المسابقة الرسمية لمهرجان منصات    15 شهيدا وسط تصاعد استهداف الاحتلال لمراكز توزيع المساعدات فى غزة    هل نجح فيلم نجوم الساحل في تحقيق إيرادات قوية.. شباك التذاكر يجيب؟    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع.. لام شمسية يحصد نصيب الأسد من الجوائز ويفوز بأفضل مخرج وممثلة ومسلسل اجتماعي ومونتاج وعلي البيلي أفضل ممثل طفل ويغيب بسبب وفاة جده    ما بين القاهرة وهلسنكى: الفنانات المصريات وهموم الإنسانية    دليلك الذهبي في أعظم 10 أيام: كيف تغتنم كنوز العشر الأوائل من ذي الحجة؟    60 نصيحة من دار الإفتاء لاغتنام أكبر ثواب فى العشر الأوائل من ذى الحجة    أول أيام ذي الحجة 2025.. كيف نستعد؟    مسئولى الرعاية يتابعون العمل وخدمات المرضى بمركز الشهيد محمود ناصر الطبى.. صور    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة بخطوات بسيطة    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    مصر وتشاد تبحثان مستجدات إقامة مشروع متكامل لمنتجات اللحوم والألبان    صحة أسيوط تساهم بالحملة القومية للقضاء على «التراكوما»    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    أسعار الذهب اليوم بعد الهبوط الكبير وعيار 21 يصل أدنى مستوياته خلال أسبوع    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش تراثية| ماهر عبد الرحمن يكتب: فصل في الهوى
نشر في التحرير يوم 02 - 05 - 2016

يحتاط أبو محمد علي بن حزم الأندلسي في سبب توفره على كتابة رسالته المعروفة بطوق الحمامة في الألفة والإلاف والمحبة، بما سمعه من القاضي حمام بن أحمد الذي حدثه عن يحيى بسند مرفوع لأبى الدرداء أنه قال: أجموا النفس بشيء من الباطل ليكون عونًا لها على الحق. والذي حدث أن ابن حزم قد ذاع صيته واشتهر بما كتبه وصنفه في رسالته تلك من حديث عميق وجميل عن "اللغو" و"الباطل"، لا بما صنفه في علوم القرآن والحديث والفقه واللغة والطب وغيرها من المعارف المختلفة.
وكان ابن حزم من أكبر علماء الإسلام تأليفا، وكان مجددًا وموضحًا وشارحًا وباعثًا لمذهب الإمام داوود الأصبهاني الظاهري، بل ويعتبر ظاهريًا أكثر من داوود نفسه، ولعل ذلك يرجع إلى أسباب عديدة منها، الطريقة العميقة والجملية التي تناول بها ابن حزم موضوع الحب وأحوال القلب في كتابه هذا. وأنه كتبه وفقا لخبرته فيما أورد وحلل من وقائع عاينها بنفسه أو "صحت عنده بنقل الثقات". وأيضا بسبب طبيعة الموضوع نفسه عن أمور الحب وماهيته ودرجاته بما لها من شعبيية جارفة، وفي هذا الباب نذكر ما كتبه مولانا محيي الدين بن عربي في مقدمة ديوانه "ترجمان الأشواق" بأن كلَّ ما يذكره من أسماء ومديح وغزل في هذا الكتاب إنما هو إشارة إلى معان إلهية رفيعة.
وقال-أيضا- في الفتوحات المكية أن ما يذكره في أشعاره، فيما يخص ترجمان الأشواق وغيره، فإنها كلها معارف إلهية في صور مختلفة من تشبيب ومديح وأسماء نساء وصفاتهن وأنهار وأماكن ونجوم. ولعله ذكر ذلك للتوضيح وإتقاء لهجوم من أخذوا عليه كتابته لمثل هذا النوع من الغزل الواضح والذى لا يستقيم والحديث عن الذات الإلهية. أما لماذا استعمل ألفاظ وأوصاف الغزل الواضح، فيشير إلى أنه أراد هذا لتتوفر الدواعى على الإصغاء إليها وتلك هي طبيعة الأمور.
وفي هذا "اللغو" الطيب عن الحب والمحبة كتب ابن القيم الجوزية، وهو من تلاميذ ابن تيمية -وإن كان ابن تيمية أشد تعصبا- كتب ابن القيم كتابا بعنوان: "روضة المحبين ونزهة المشتاقين"، وفيما يبدو أنه تأثر بالطوق لابن حزم. وكثيرا ما أفكر كيف أن ابن القيم المتشدد كشيخه في كتابات مثل "زاد المعاد" و "الروح" هو نفسه ابن القيم المتسامح في "روضة المحبين" وفي "مدارج السالكين".
يعرف ابن حزم الحب في رسالته بقوله: الحب -أعزك الله- أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة. وليس بمنكر في الديانة ولا محظور في الشريعة، إذ القلوب بيد الله عز وجل. ويقول أن الناس قد اختلفت في ماهية الحب، ورأيه أن الحب هو اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة. وشاهده من القرآن قوله تعالى "هو الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق لها زوجها ليسكن إليها" فيجعل علة السكون أنها منه، وشاهده أيضا قول الرسول: "أن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف".
أما ابن القيم فلا يقطع برأي في معنى الحب وإنما يورد كلام الناس فيه، ويذكر منه أن الحب هو الميل الدائم، بالقلب الهائم. وقيل هي حركة القلب على الدوام إلى المحبوب وسكونه عنده. وهو يفرق بين الحب وبين الهوى؛ فالهوى لفظ في أكثر ما يستخدم يكون في الحب المذموم. وقيل أنه سمى هوى لأنه يهوي بصاحبه. ولذلك فقد فتح ابن القيم رسالته تلك بتفضيل من كانت الدولة أو اليد العليا لديه للعقل لا للهوى.
ونعود لابن حزم الذي يبين لنا أن مراتب الحب وأعلاها المحبة في الله، فيحب الإنسان لأجل التقوى مثلا أو القرابة؛ طاعة لله تعالى. وبعدها محبة الألفة والصداقة، وبعدها محبة العشق. ويفرق بين الحب الروحي والحب للشهوة، والأول لا يكون إلا لواحد، أما الحب الجسدي فقد يتعدد. وأن "للحب علامات يقفوها الفطن ويهتدي إليها الذكيّ. فأولها إدمان النظر" والعلامات تكاد تتطابق لدى ابن القيم ومنها "إدمان النظر إلى الشيء وإقبال العين عليه". وكلاهما يشدد على أن الحب المفرط يستر العقل فلا يعقل المحب ما ينفعه ويضره، فهو شعبة من الجنون. فكيف نعالج من إصابته لوثة الحب وكانت اليد العليا لديه للهوى وليس للعقل؟
لننتقل إلى مقام آخر تماما وفي حضرة عالم ثالث هو الشيخ الرئيس، أبو على الحسين بن عبد الله بن على بن سينا. فقد كتب مقال في كتابه "القانون في الطب" عن أمراض الرأس وفيه فصل عن مرض العشق أو لوثة الحب، ويعرفه بأنه مرض وسواسي شبيه بالمالنخوليا (Melancholy) وهي ما يمكن تعريفه بالمزاج السوداوي. ويقول ابن سينا أن هذا المرض يجلبه الإنسان لنفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل.
ومن ضمن علامات هذا المرض أن يكون الإنسان كثير الصعداء ويتغير حاله إلى فرح وضحك، أو غم وبكاء عند سماع ألفاظ الغزل والحب، ولا سيما عند ذكر الهجر والنوى. ولا يكون لشمائله ولا لنبضه نظام، كأصحاب الهموم. وعلاج هذا الأمر يكون باشغالهم، أو يحتال بحب آخر مما تحله الشريعة يجُبُّ ما قبله، وإن كان العاشق المريض على شيء من العقل، فيكون علاجه النصيحة والعظة والاستهزاء به وتعنيفه إن لزم الأمر. وينصح ابن سينا لعلاج العشق بتسليط العجائز على العاشق المريض، بتبغيض المعشوق إليه، ويذكرن منه أحوالا قذرة وأمورا منفرة، ويذكرنه بالجفا؛ "فإن هذا يسكن كثيرا".
وفي الختام فإني كتبت هذه المقالة من باب طرافة هذا المبحث وطرافة ما ذُكر فيه دون تزيد أو تسطيح، وفي ذهني ما ورد في الأثر بأن أريحوا النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.