ظروف العيش ألقت به في مهب الريح، اضطر للنزول إلى سوق العمل، وهو في الثامنة من عمره، طفل صغير لا يعي قسوة الحياة، لكن "إسلام المحمدى" قَبِلَ ذلك التحدي الصعب، الذي ألقته فيه الأيام، وتعلم حرفة صناعة الأحذية بكفيه الصغيرتين، فرسم أحلامه على تلك النعول التي يدقها. تعلم تلك الصنعة، ونهل منها إلى أن أصبح له ذوقه الخاص المنفرد، مواصلًا تعليمه، وحريصًا على اجتياز جميع المراحل التعليمية، فإيمانه بالعمل لا يقل عن الدراسة "الشهادة أهم حاجة حتى لو مش هشتغل بيها"، هكذا قال إسلام، موضحًا تمسكه بدراسته محققًا حلم والدته. بجسده الهزيل دقق وتمحص من العالم حوله، متمنيًا أن يمتلك ورشة لصناعة الأحذية خاصة به، فحفظ الحلم، وواصل في طريقه "كنت كل ما أحب أشتري حاجة أنزل أشتغل"، قالها مستطردًا: مرحلة دراسته بالثانوية العامة وكيف أصر على العمل مع استذكار دروسه حتى يحصل على مجموع يؤهله للدخول للجامعة، واستطاع دخول كلية الآداب قسم التاريخ بجامعة عين شمس. بعد بلوغه مرحلة التعليم الجامعي، فكّر في أهمية اقتناء ورشة خاصة به، يصنع فيها كل ما يرغب يشكل، ويطور مثلما يشاء "فضلت أحوش لحد ما بالفعل جبت ورشة بتاعتي، وشغال معايا صنيعية"، قالها إسلام فخورًا بما وصل إليه، معلنًا الإصرار على مواصلة أحلامه المشروعة التي ليست لها حدود. "مش مكسوف مش شغلتي بالعكس فخور بيها"، قالها الفتي الذي ما زال يتحسس خطاه في عقده الثاني، مشيرًا إلى المجهود الذي يبذله حتى يصل لمبتغاه، لم يكتف إسلام بمحاكاة نماذج الأحذية الموجودة في السوق، بل يبتكر، ويضفي على ما يصنعه خبرة السنوات، وذوقه المميز، الذي طالما شهد الآخرون بتفرده وتميزه عما هو موجود بالأسواق. بعقل مستنير راغب فى الوصول إلى أحلامه، يطلع إسلام على موديلات الأحذية في جميع بلدان العالم من الدول العربية وحتى الأجنبية، يحاكي ما يراه مع إضفاء اللمسة الخاصة بالشعب المصري ذوقه وتراثه ونظام عيشه "سعات مش بلاقي نفس الخامات بدور على خامات تانية بديلة" قالها، مستطردا أن تلك الحرفة أساسها التجديد، فهي تقبل التطويع مع ما يناسب ويتماشى مع الذوق العام والاحتياجات. عندما بدأ إسلام مشروعه ذلك جاب على محلات الأحذية يعرض عليهم صنع يديه، بعضهم شكر صنعه، وطلب منه المزيد، وآخرون لم يثقوا بذلك الشاب الصغير، ولم يتقبلوا التجديد الذي يحاول القيام به، لم يحبط معترفًا بقيمة أول حلم استطاع أن يحققه وهو أن يقتني ورشة لصناعة الأحذية خاصه به. يواصل طموحه دون أن يلتفت لمن يحاولون دفن موهبته، يصر على تحقيق أحلامه التي تبدو صعبة، لكنها ليست مستحيلة أمام عزيمته تلك "باحلم أنافس البرندات العالمية وألف بشغلي مصر والعالم كله".