من بدايةالحصول عليه من البراري وحتي استقراره مزهوا في حدائق وبلكونات القصور والفيلل يرصد هذاالتقرير رحلة ومعاناة صناعةالبامبو من . "مش أي حد يقدر يشتغل الشغلانة دي .. أصلها مش قص ولزق، دي فن وأصول ودقة وذوق ". هكذا بدأ عم أحمد، صاحب إحدى ورش تصنيع أثاث البامبو، كلامه، نافيا أن يكون فى مقدور أي شخص تعلم تلك الحرفة وإجادتها، ويكمل صاحب ال 53 عاما" :"منذ 26 سنة وانا بأشتغل فى صناعة البامبو، ومكنتش أقدر أشتغلها إلا وأنا عندي موهبة من الأساس، أصلي كنت بأرسم زمان، حتى الصنايعية إللى بيشتغلوا عندي كل واحد فيهم عنده ميزة، منهم إللى موهوب، ومنهم إللى عنده ذوق، ومنهم إللى بيهتم بالدقة جدا، عشان كده هم قدروا يشتغلوا فى البامبو". وعن أصل الصنعة يؤكد عم أحمد أن صناعة البامبو فى مصر تعود إلى مئات السنين، بعد إكتشافها فى الصين وإنتقالها، عن طريق التصدير، إلى العديد من الدول، ويتابع: "من زمان وإحنا بنستورد خشب البامبو من دول شرق آسيا، من الصين ومن غابات سنغافورة، وأندونسيا، وماليزيا، لإنه بيطلع عندهم فى الأراضي بشكل طبيعي وتلقائي، مش بيتزرع، ومن قريب بس بدأنا إحنا نزرعه فى القليوبية والقناطر، إللى بنسميه الخرزان". ويشير عم أحمد إلي وجود تسهيلات جمركية على الخشب الخام المستورد تصل فى بعض الأحيان إلى 10 %. ويضيف :"ربما ترجع صعوبة تلك الصناعة، إلى أنها بالأساس صناعة يدوية تتطلب خبرة ومهارة عالية، خاصة وأنها لم تعد تقتصر على صناعة الكراسي واالطاولات، لكنها إمتدت إلى كل أنواع الأثاث من غرف معيشة أو غرف نوم وحافظات الملابس، والأكثر من هذا أنها دخلت فى صناعة الشنط والأباجورات وسلال حفظ المجلات والجرائد والأطعمة أيضا". من جانبه يقول عبد الراضي منصور، صاحب إحدى ورش صناعة أثاث البامبو، "خشب البامبو له أنواع منها المالكان، والفرنساوي، والإكليس، والبلدي والأمويل، والقش أمويل" ، ويكمل "لازم البامبو يمر بأكتر من مرحلة علشان يوصل للشكل الأخير إللى بيصنع منه الأثاث، بيبقى فيه التعشيق، والبرشمة، والتقطيع، علشان نفرغه من السوائل إللى موجودة جواه، وبعد كده بنلفه فى ورق معين ونغليه فى مياه، وبعدين نتركه يجف فتره بتوصل ليومين أو ثلاثة، وبنكشطه بعد كده بسكين، وبعدين بننعم فروع البامبو بالصنفرة ونلمعها بالشمع على حسب ما إحنا عاوزين لونه، يبقى بيج فاتح أو بني غامق، وبعد كده بيكون جاهز عشان يتصنع منه القطعة إللى عاوزينها" ، ويضيف منصور "وفيه بامبو بيكون مجدول أو بامبو مفرغ ، وممكن إننا ندخل الإتنين فى بعض ونصنع منه قطعة أثاث ، وفيه قطع بندخل معاها الفورفورجيه أو الخشب العادي ، المهم إنها تعطي صناعة جيدة ومتينة وشكل حلو فى النهاية ". وعن طبيعة زبائن ذلك النوع من الأثاث يقول محمد سعيد، مدير إحدى معارض البامبو، "زمان كانوا أصحاب الفيلل والشاليهات هم إللى بيشتروا البامبو، علشان كان بيقتصر وجوده فى البلكونات أو حدائق الفيلل وكان رخيص نسبيا، لكن فى السنوات الأخيرة إرتفع سعره جدا وبقى يدخل فى صناعة الأثاث المودرن والإستيل أحيانا، فالزبون بتاعه بيبقى مستواه الإقتصادي مرتفع" ، ويفسر سعيد إرتفاع أسعار أثاث البامبو وعدم القدرة على تصديره خارج مصر قائلا "إحنا أساسا بنستورد الخشب الخام من بره من أندونسيا وسنغافورة وماليزيا، وهما زمان لم يقوموا بتصنيعه ، فكنا بنستورد كميات كبيرة منه ، لكن لما إتجهوا لتصنيعه فى الخارج، أصبحت كمية تصديرخشب البامبو لمصر قليلة جدا " ، ويضيف "إحنا بنزرعه دلوقتي فى مصر، لكن منقدرش نعتمد بشكل أساسي عليه لإن الإنتاج منه مش كتير عشان البامبو بيتطلب ظروف مناخ إستوائي زى سنغافورة وأندونسيا" ، ويكمل سعيد "طبعا، ده غير قلة الأيدي العاملة المحترفة والمدربة، وحتى إللى بيملكوا مهارة ودقة بيطلبوا أجور عالية جدا، وبيشتغلوا فترة بيتعلموا فيها ويفهموا سر المهنة وذوق الزبون، وبعد كده بيقولوا لنا شكرا ويفتحوا محلات لصناعة البامبو خاصة بهم " . ويختلف يحي حماد، مدير إحدى معارض البامبو، مع "سعيد" قائلا " أنا بأشتغل فى البامبو من سنة 1967، وده أساسا معرض أبويا، وبالرغم من إننا مش بنزرع البامبو فى مصر غير بحجم قليل جدا لإنه بيحتاج حرارة شديدة وأمطار زى مناخ دول شرق آسيا، إلا إننا بنصدر أثاث البامبو بعد تصنيعه" ، مضيفا " يعني إحنا بنستورد الخشب الخام من شرق آسيا وبنصدر أثاث البامبو المصنع للسودان والكويت" ، ويكمل حماد " طبعا حجم التصدير مش كبير لإنه بيعتمد على الكمية الستوردة وحجم البيع المحلي " ، ويرى حماد أن القوة والصبر هما أساس العمل فى تلك الصناعة موضحاً "العامل ممكن يقضي 3 أيام يصنع كرسي واحد، وممكن يبقى مش مظبوط فيضطر يفكه ويصنعه من أول وجديد" ، ويؤكد حماد أن موسم رواج صناعة البامبو وبيعها يكون فى فصل الصيف، ومع ذلك فهو يتفق مع الآخرين فى إرتفاع أسعاره بشكل كبير فى السنوات الأخيرة قائلا " أول كرسي بعته كان ب 60 قرش ، دلوقتى ثمن الكرسي الواحد بيبدأ من 150 جنيه ويصل إلى 600 جنيه " .