فريد شوقي ملك بأخلاقه.. وإسماعيل ياسين لم يزره ولم يحضر جنازته سلسلة "اسماعيل ياسين" أفضل أعماله.. وأحب له "الآنسة حنفي" والدي كان سريع الغضب وصاحب "قفشات" كوميدية عبد الحكم عامر هنأه على "الشاويش عطيه".. ولم يتم تكريمه في حياته ولا مماته في الذكرى ال53 لوفاة الفنان رياض القصبجي الشهير ب"الشاويش عطيه"، تكشف "التحرير" الكثير عن حياته العائلية، وعلاقاته ببعض رموز الدولة، إلى جانب تعاملاته مع زملائه خارج مواقع التصوير، وذلك من خلال ابنه الوحيد "فتحي"، الذي أكد أن والده لم ينل يومًا تكريمًا من الدولة، وهو ما كان يُحزنه، مع ذلك لم يسعى له، كذلك ذكر العديد من التفاصيل عن والده. *بعد سنوات من الوفاة واستمرار عرض أعمال الوالد على الشاشة، هل ترى أن رياض القصبجي نال حقه؟ بالطبع لم ينل حقه، لكنه نال من حب الناس له الكثير، ويكفي تذكرهم له باستمرار، فما إن يقابلني شخص ويستوقفني في الشارع، وبمجرد علمه بأنني نجل "الشاويش عطية" حتى يبادرني قائلًا: "نمرتك على المدفع برروم"، وهو شيء يسعدني كثيرًا، ويجعلني استكفي به عن غياب تكريم الدولة له، الذي لم يحدث لا في حياته، ولا بعد مماته، كما حدث مع رشدي أباظة "بجلالة قدره"، فقد كان هرم من أهرامات التمثيل، مع ذلك لم يتم تكريمه، ولا أعلم هل المسؤولين يتناسوهم أم لم يتذكروهم من الأساس. ألم يتم ترشيح اسمه في أي من المهرجانات السينمائية؟ لا، على الإطلاق، وأنا شخصيًا لا أسعى وراء تكريم الدولة، هناك البعض ممن يسعى له، لكننا نجد أن الشخص الذي نسعى لتكريمه توفى، وبالتالي لم يعد هناك سببًا لذلك، والمكان الوحيد الذي تم تكريم والدي من خلاله، هو "جمعية أبناء وأحفاد زمن الفن الجميل"، وهي تظل فرصة لنتقابل ونتعرف على بعضنا. وكيف بدأت رحلته مع المرض؟ كان ذلك في عام 1959، حينما شارك في فيلم "أبو أحمد" مع فريد شوقي، والمخرج حسن الإمام، وكان التصوير يتم في "كراكة"، وخلال المشاهد يهبطوا إلى الأسفل ليرتاحوا في موقع بعيد عن التصوير، وهو ما كان وراء مرضه، إذ أخبرنا الطبيب المعالج أن السخونية في المكان الذي توجه إليه ليرتاح، وصعوده إلى البحر مجددًا، إذ كان التصوير يتم في منتصف البحر، أثر ذلك على الشرايين وأدى إلى انسدادها، ومن ثم توقف الذراع والقدم الأيسر عن العمل، وأوضح لنا أن الشفاء من هذا المرض سيكون خلال فترة من 5 إلى 7 سنوات، وإن لم يحدث سيتوفى، وهو ما حدث بالفعل بعد 5 سنوات. وهل كان مرتبطًا بأعمال وقتها؟ لا، لكن كانت هناك سلسلة أفلام إسماعيل ياسين، والتي تعد آخر ما قدمه، وبعد وفاته، انطلق إسماعيل ياسين إلى لبنان لتقديم مونولوجات هناك. وكيف ترى اختتام مشواره الفني بهذه السلسلة؟ كان ختامًا عظيمًا، وهو نفسه كان يعتبرها أهم أعماله، ويعد تميمة حظ إسماعيل ياسين، إذ كان من عناصر نجاحها من أول فيلم فيها "إسماعيل ياسين في الجيش"، والذي حضر العرض الخاص له عبد الحكيم عامر، وكان ذلك في سينما ريفولي، وهنأ والدي شخصيًا على دور "الشاويش عطية"، واعتقد أن تذكر الجمهور لهذه الشخصية على وجه التحديد خلال إجمالي أعماله يرجع لنجاحها، وأن الشخصيات السابقة لها لم تكن على نفس المستوى. من كان حريصًا من زملائه زيارته في أيامه الأخيرة؟ فريد شوقي، فهو كان الفنان الوحيد الذي يحرص على السؤال عنه باستمرار، وجلس معه لمدة ساعتين وربما ثلاثة، وبعد وفاته كان يرسل لي أظرف فيها أوراق مالية يوضح أنها كانت من حق والدي، فهو كان ملك بالفعل بأخلاقه، وطريقة تعامل "شيك" مع الناس، ولم يكن ليحرجنا أبدًا، إلى جانب أمينة رزق، التي كانت تحضر لزيارة والدي لكن لمدة 10 دقائق فقط، كذلك فطين عبد الوهاب وجمال الليثي، والدولة وقتها اهتمت بمرض والدي، فمثلا الرئيس جمال عبد الناصر أرسل له رسالة ليطمئن على أحواله، ومنحه حرية اختيار المستشىفى التي يذهب إليها لتلقي العلاج، وكذلك صرف الرئيس محمد أنور السادات، لوالدتي معاشًا استثنائيًا ليعيننا على العيش. وهل زار إسماعيل ياسين والدك أثناء مرضه؟ لم يقم بزيارته ولا مرة، وهو ما جعلنا بعد وفاة والدي نعرفه على أصله، بل إنه لم يحضر العزاء أيضًا، ولم يهتم به وقت مرضه، وهذا ليس غريبًا عليه، فهو معروف عنه أنه لم يكن له صاحب سوى أبو السعود الإبياري الذي كان يكتب له أعماله، لكن كصداقة مع أحد أفراد الوسط الفني لا يوجد، فما إن ينتهي المشهد الذي يجمعه بغيره ليتوجه كلا منهما إلى غرفته، رغم أن والدي ساهم في نجاح سلسلة إسماعيل ياسين، لكنه لم يتذكر ذلك، ولم يدفعه الأمر للسؤال عنه، ووالدي في المقابل لم يكن ليشكو من هذا الإهمال. وهل للقصبجي أبناء آخرين غيرك؟ كان لدي شقيق آخر، لكنه توفي بعد وفاة والدي، ولم يكن لنا أي علاقة بالفن، وذلك ليس بدافع من والدي، وإنما لم تتوجه ميولنا إلى هذا المجال، فأنا أعمال في مجال السياحة والفنادق وفقًا لدراستي. ما هي أهم ذكرياتك مع والدك؟ والدي توفي حينما كان عُمري 16 سنة، وأذكر له أنه لم يكن يحب أن يغضبه أحد فهو سريع "النرفزة"، مثلاً كانت هناك مساعدة له تدعى "نوال"، كانت مسؤولة عن مساندته في حركته لأنه لم يكن يستطع ليقوم بمفرده، طلب منها ذات مرة أن تعطيه مياه يشربها، فأخبرته أن ينتظر دقيقة حتى تنتهي من "تنقية" الأرز، وهو ما أغضبه لذلك أخذ منها الصينية وألقى بها من البلكونة وسقطت على رأس رجل "أقرع" في الشارع، وصارت أزمة. غالبًا ما يُقال أن الفنان الكوميدي في حياته الخاصة لا يكون كذلك.. هل كان رياض القصبجي هكذا؟ صحيح، لكن والدي كانت له بعض "القفشات" التي تجعل الشخص الموجود مع يضحك بشدة، خاصة أنه كان سريع البديهة ويلق "الإفيه" فتتصاعد الضحكات، وكثيرًا ما أجلس وأتذكر مواقفه وأضحك حتى الآن. وما أكثر الأفلام التي تحب متابعتها له؟ "الآنسة حنفي"، و"الكمساريات الفاتنات"، والحقيقة أن رياض القصبجي كان يتمتع بسمة أن وجهه لم يكن يناسب فقط الكوميديا، إنما الدراما وأدوار الشر، فمن يتابعه في "اسماعيل ياسين في الأسطول" يندمج مع بكائه في أحد المشاهد، فيما يتفاعل مع إجرامه في فيلم "عنبر".