"غادر الطالب الإيطالي جوليو ريجيني البالغ من العمر 28 عامًا، شقته في القاهرة في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، لمقابلة بعض الأصدقاء، ولكنَّه لم يعد للمنزل، واستغرقت السلطات المصرية تسعة أيام لتعلن عن العثور على جثته وبها آثار تعذيب ملقاة في الصحراء خارج حدود العاصمة المصرية". هكذا بدأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تقريرًا لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني، قالت فيه: "الآن وبعد مرور شهرين ونصف تقريبًا وتنازّع السلطات المصرية الإيطالية على حادثة مقتل الطالب الإيطالي، فإنَّ هناك تشكيكًا في صحة ما توصّلت إليه السلطات المصرية بخصوص القضية". وأضافت: "في البداية، قال المسؤولون المصريون إنَّ ريجيني قُتل في حادثة سيارة ثمَّ قالوا إنَّ عصابة قتلته، ولكن السلطات الإيطالية تُصر على أنَّه قتل على يد أجهزة الأمن المصرية، وكان وزير الخارجية سامح شكري قد صرَّح مسبقًا بأنَّ حديث إيطاليا بأنَّ مقتل ريجيني على يد أجهزة الأمن المصرية هو شيء مُربك للغاية". وكانت إيطاليا، والكلام للمجلة، قد أرسلت وفدًا إلى مصر لمحاولة المُضيّ قدمًا في التحقيق، والذي قوبل من القاهرة بعدم إبداء الرغبة في التعاون وتسليم سجلات المكالمات الخاصة بهاتف ريجيني أو الاشتباه في أحد في القضية. وتابعت: "يبدو أنَّ المفاوضات لم تنتهِ بشكل جيد، فقد استدعت روما سفيرها في مصر موريتزو ماساري، وقال وزير الخارجية معلقًا على استدعاء السفير، إنَّ ماساري سوف يعود إلى روما لمناقشة كيفية معرفة الحقيقة حول حادثة القتل الوحشية ل ريجيني". وذكرت المجلة: "استدعاء السفير هو أحدث خطوة في الأشهر القليلة الماضية التي كانت بمثابة كارثة على علاقات مصر الخارجية، ففي سبتمبر الماضي فجَّرت قوّات الأمن المصرية بالخطأ مجموعة من السياح المكسيكيين، ممّا أدى إلى مقتل 12 شخصًا، وبعد أقل من شهرين أعلن تنظيم داعش مسئوليته في إسقاط الطائرة الروسية في سيناء ومقتل 224 شخصًا كانوا على متنها". ونقلت المجلة عن إريك تريجر الخبير في الشؤون المصرية، والزميل بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله: "عودة ماساري إلى روما سوف تؤثر سلبًا على القاهرة، لأنَّ الدبلوماسي الإيطالي كان يدعو إلى المشاركة والاستثمار في مصر". وأضاف: "الوضع يخرج عن السيطرة بهذه الطريقة، مصر لم تخسر فقط سفير إيطاليا لديها، لقد خسرت مصر دولة صديقة، رغبة مصر في التضحية بعلاقتها مع حليف اقتصادي ودبلوماسي مهم مثل إيطاليا يعكس عدم الأمان الذي يشعر به عبد الفتاح السيسي في مصر، وإذا ألقى عبد الفتاح السيسي باللوم على رجال الشرطة في حادثة القتل الوحشية – والتي على الأرجح هم من نفذّوها – سوف يخاطر بخسارة مساعدة رجال الشرطة، والذي يحتاجهم الرئيس للدفاع عنه في حالة إذا ما كان هناك ثورة أخرى قادمة فقد تولّى السيسي الحكم بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي في 2013، وحكومة السيسي حقًا استبدادية وهدفها الأوحد هو البقاء، وعندما يكون خطر السقوط هو الموت فسوف تنظر الحكومة إلى الداخل دون الاهتمام بالمصالح الخارجية". وذكرت المجلة: "لقد أنكر وزير الخارجية المصري أنَّ قوات الأمن كان لها علاقة بمقتل ريجيني الوحشي، ولم تعلق السفارة المصرية في إيطاليا على الحادث، ولكن حادثة اختفاء ريجيني قبل موته، وإنكار السيسي أنَّ قواته الأمنية كان لها أي علاقة بموته تزامنًا مع حملة مصرية كبيرة لفرض النظام في مصر على الصحفيين والنشطاء الذين كانوا يوثقون حوادث الاختفاء والتعذيب". ومضت المجلة تقول: "ريجيني نفسه كان أحد هؤلاء وكان يعمل، بشكل جزئي، قبل موته، ككاتب في جريدة إيطالية باسم مستعار وينشر القضايا عن حقوق العمال المصريين، وحاولت مصر أن تضم موت ريجيني لمزاعمها المتكررة أنَّها متعرضة للنقد دائمًا من المجتمع الدولي، وبخاصةً عند بدء محاربتها للإرهاب". واختتم الموقع تقريره بجملة للكاتب إريك يقول فيها: "لقد شكَّ المصريون أنفسهم بالأمر عندما ظهرت جثة ريجيني في نفس الأسبوع الذي زار فيه وفد من رجال الأعمال الإيطاليين القاهرة، وهذا جزء من الإدارة المصرية، فهي تعرض إحدى نظريات المؤامرة، ويتكفل الباقون بعرض النظريات الأخرى، فمصر دولة استبدادية غير فعالة، ولا تستطيع حتى أن تعرض نظريات المؤامرة الخاصة بها بشكل صحيح".