«لم يعد أمراً ممكناً الدفاع عن قطر»، هكذا علقت صحيفة الجارديان البريطانية على التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية يوم الخميس الماضي، وأدانت فيه «الظروف المعيشية الكارثية» للعمال المغتربين القادمين من أسيا في قطر، ولاسيما من الهند وبنجلادش ونيبال، الذين يعملون في تشييد ملاعب من المفترض أنها ستستضيف منافسات كأس العالم 2022. «العفو الدولية»، التي تتخذ من لندن مقراً لها، أ دانت كذلك «الإجبار بشكل ممنهج للعمال على العمل في ظروف بالغة القسوة»، كما ذكرت الاتحاد الدولي لكرة القدم بعبارات قاسية باعتباره « لا يفعل شيئاً يُذكر» لوقف هذه الانتهاكات. وجاء في تقرير المنظمة أيضاً «سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في قطر أمر بالغ الخطورة بالفعل»، وكان من بين الانتهاكات المذكورة «إقامة قذرة مكتظة بعدد كبير من المغتربين، والخداع عند التعاقد بشأن الراتب المتفق عليه، وعدم سداد المرتبات لشهور متتالية قد تصل لخمسة وستة أشهر في بعض الأحيان، وعدم تمكنهم بسبب ذلك من دفع رسوم تجديد الإقامة، وتعمد أرباب العمل تأخير إصدار التصاريح اللازمة لممارسة العمل، ما يعرض العمال لمطاردة رجال الشرطة والسجن باعتبارهم مخالفين للقانون». كما أدانت نظام الكفيل الذي وصفته قناة «دويتش فيله» الألمانية بعبودية العصورالوسطى ولكن بتعديلات طفيفية. ووصفت صحيفة الفايننشال تايمز أحوال العمالة الأجنبية في قطر بالمثيرة للقلق، حيث تمثل 90% من إجمالي العمالة في الإمارة الصغيرة التي يبلغ تعداد سكانها 2,1 مليون نسمة، كما أن القلق بات محلقاً فوق ملف استضافة الدوحة لمونديال 2022 برمته، إذ من المتوقع أن يفتح الحديث عن أحوال العمالة حديثاً آخر عن الرشاوى التي دفعتها الإمارة الصغيرة لاستضافة الحدث العالمي. «العفو الدولية» وجهت نداءً لرعاة مونديال 2022، وأبرزهم ماكدونالد وأديداس وكوكاكولان؛ لممارسة ضغوط على الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لحماية حقوق العمال، وتساءلت صحيفة «نيوزويك» الأمريكية موجهة حديثها للمنظمة: «لماذا لا يكون هذا النداء للأسرة الحاكمة في قطر». وفيما يبدو أنه عزف لمنظومة أوركسترا دولية هدفها فضح انتهاكات الإمارة الصغيرة، نشرت صحيفة لوموند الفرنسية اليومية عرضاً مبسطاً لكتاب بعنوان «Dans les griffes du Qatar»، أي «المواجهة في قطر»، الذي يحكي فيه لاعب كرة القدم الجزائري زهير بلونيس عن تجربة مريرة في الإمارة الصغيرة حيث قال: «ما عشته لا أتمناه لأحد، وحتى ألد أعدائي.. كنت سجينا ورهن نظام حرمني من حريتي ومن إمكانية مغادرة البلاد، كنت على وشك الجنون وتخيلت أنهم سوف يسلخون جلدي في بعض الأوقات»، وتم احتجاز بلونيس عام ونصف قسرياً في الدوحة، وأصبح بمثابة رمز لانتهاكات جسيمة بمجال حقوق الإنسان تمارسها العائلة القطرية الحاكمة. وكانت قصة بلونيس بدأت حينما احترف عام 2007 كلاعب كرة قدم في الدوري القطري بنادي الجيش الذي تملكه وزارة الدفاع، وكان راتبه متواضع، إلا أنه استطاع بفضل تطور مستواه الكروي من مضاعفة ما يحصل عليه من أموال، ولكنه لم يهنأ بذلك، فبين عشية وضحاها تحول حلمه إلى كابوس لمجرد أنه أبدى نوعا من الاعتراض على إدارة ناديه، إذ تم وضعه قيد الإقامة الجبرية هو وزوجته وبناته وحُرم من العمل ومن مغادرة البلاد. في هذا الكتاب، يحكي بلونيس عن مقابلته بالرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، ورئيس الوزراء، مانويل فالس، وعن سلبية السلطات الفرنسية، وخطابه الذي كتبه للاعب الفرنسي السابق والمدير الفني لفريق ريال مدريد، زين الدين زيدان، والتهديدات والابتزازات التي تعرض لها بمختلف الأشكال. كما يروي عن معركته الشجاعة ضد القطريين لينال حريته.. قصة بلونيس صادمة لكل من قرأها، وقد تكون واحدة من جملة أسباب ربما تحرم قطر من استضافة العرس الكروي العالمي، الذي لا يتكرر سوى كل أربع سنوات.