يأتي افتتاح المركز المصرفي الإسلامي في وقت تفرض الدول الغربية عقوبات ضد روسيا، على خلفية الأزمة الأوكرانية والتي طالت قطاعات مختلفة من الاقتصاد الروسي ومنها القطاع المصرفي. العقوبات الغربية تحظر على عدد من المصارف الروسية الاقتراض من الأسواق العالمية لفترة تتجاوز 30 يومًا، إضافة إلى ذلك، نصحت بروكسل وواشنطن مصارفها بعدم المشاركة بتداول السندات الروسية التي تعتزم موسكو إصدارها والبالغة قيمتها نحو 3 مليارات دولار بحجة تقويض نظام العقوبات المفروضة ضد روسيا. وإذا كان البعض يرى أنه من شأن المركز المصرفي القائم على مبادئ الصيرفة الإسلامية، أن يحرك رؤوس الأموال الإسلامية المجمدة داخل روسيا، فهناك من يرى أيضًا أن البنوك الإسلامية مهتمة بشغل حيز في السوق الروسية، منها "البركة" و"الشمال"، وهما بالفعل يقومان بمفاوضات في الوقت الراهن بشأن الانضمام إلى رأسمال منظمات ائتمان روسية، مما يسمح لهما بالعمل وفقًا للقواعد الروسية مع المحافظة على القواعد الأساسية للشريعة الإسلامية. على هذه الخلفية، افتتح في جمهورية تتارستان ذات الحكم الذاتي في إطار روسيا الاتحادية، الخميس 24 مارس، أول مركز إسلامي للخدمات المصرفية يعمل وفق مبادئ الصيرفة في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. في هذا الصدد قال رئيس جمهورية "تتارستان"، أثناء افتتاح أول مركز مصرفي إسلامي في تاريخ البلاد: "نحن نعيش وقتًا عصيبًا، الظروف الاقتصادية الصعبة تجبرنا على البحث عن بدائل جديدة. والخدمات المصرفية الإسلامية جديدة بالنسبة لنا، علينا تنظيم خدمة للعملاء لا تتعارض مع التشريعات الروسية ومبادئ الصيرفة الإسلامية. وأعرب عن قناعته بأن هذا سيكون خطوة من شأنها أيضًا جذب أسواق مالية جديدة للبلاد، مشيًرا إلى أن المركز الجديد سيركز على الخدمات المصرفية للأفراد والشركات والمستثمرين الأجانب. من جانبه، قال وزير مالية تتارستان أرتيوم زدونوف: إن "الافتقار للاقتراض الخارجي دفع روسيا للبحث عن مصادر أخرى للتمويل، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية بما في ذلك من الدول الإسلامية"، منوّهًا بأن قطاع التمويل الإسلامي واحد من أسرع القطاعات نموًا في العالم بمعدل سنوي يتراوح بين 15% و20%. وجاء افتتاح المركز المصرفي الجديد على خلفية تمرير قانون جديد في يناير الماضي، من قبل مجلس النواب في الجمعية الاتحادية لروسيا، الذي يمثل السلطة التشريعية في البلاد، وبموجب القانون الجديد، يمكن للنظام المصرفي الروسي إدخال تعاملات تتوافق مع متطلبات المؤسسات المالية الإسلامية. هذا ويمنح المركز الإسلامي للخدمات المصرفية فرصة ذهبية للانتشار في السوق الروسية التي يبلغ تعداد سكانها نحو 143 مليون نسمة، منهم 20% مسلمون، خاصة وأن موسكو تتجه نحو تفعيل نظام مصرفي إسلامي بهدف تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الغرب، كما تدرس بعض المصارف في روسيا مسألة إصدار صكوك إسلامية لتنويع مصادر التمويل في ظل العقوبات، وبالفعل، قام مصرف "فنيش إيكونوم بنك" بإرسال فريقًا مصرفيًا إلى دول الخليج لدراسة "مبادئ التمويل الإسلامي".