غضب شديد شهدته الأوساط الحكومية والإعلامية ببرلين، بعد فضيحة الإدارة الأمريكية المتعلقة بالتجسس على شبكة الانترنت والمعروفة باسم فضيحة بريزم، أحد مظاهر هذا الغضب تجلى في مقال لزابينه لويتهويسر شنارنبرجر، وزيرة العدل الألمانية، والتي شنت هجوما على الرئيس الأمريكي باراك أوباما في صحيفة دير شبيجل الألمانية. بعنوان «فضيحة أمريكية...الأمن ليس هدفا في حد ذاته»، تسائلت الوزيرة في بداية مقالها «متى يصبح الرصد والمراقبة أمرا أكثر من اللازم؟»، مضيفة «لقد تجاوزت الولاياتالمتحدة الحدود فيما يتعلق ببرنامجها التجسسي بريزم». وأشارت إلى أنه قبل وقت قصير من زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لبرلين، كان الألمان منزعجين فيما يتعلق بدرجة ومدى رصد الولاياتالمتحدة لشبكة الانترنت بجميع أنحاء العالم، هل صحيح، كما يدعي الإعلام، أن الولاياتالمتحدة تستطيع تتبع كل شكل من أشكال التواصل الإلكتروني؟، مضيفة أن عمالقة الانترنت مثل فيسبوك وجوجل سارعوا إلى نفي الأمر، مؤكدين أنهما لا يفرجان عن أي بيانات تخص المستخدمين دون أوامر من المحكمة، لكن الشكوك لا تزال قائمة. وأضافت «هذه التقارير مقلقة جدا، عندما ينظر إليها في مجملها، فهذا الجهد الهائل للحصول على المعلومات، إذا كان صحيحا، سيكون خطيرا، وفي عطلة نهاية الأسبوع، كان رد فعل الرئيس أوباما على الأمر بأنه من المستحيل أن يكون هناك أمن أو خصوصية 100 %، لكني لا اتفق مع وجهة النظر تلك، فكلما كان المجتمع مراقبا لمواطنيه كلما كان أقل حرية، وفي دولة دستور ديمقراطية، الأمن ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو أداة لتأمين وتوفير الحرية». وبعنوان فرعي توازن معقول، قالت الوزير الألمانية في مقالها بالصحيفة «لقد أصبحت الولاياتالمتحدة بلدا مختلفا بعد هجمات ال11 من سبتمبر الإرهابية، لقد تم إعادة تشكيل الهيكل الأمني في البلاد بشكل كبير، وكان الهدف ربط جميع المؤسسات وتوفير تدفق واسع للمعلومات من الأجهزة الأمنية المختلفة، لكن العلاقة بين الحرية والأمن تحولت وأصبت على حساب الحرية؛ خاصة بعد قانون باتريوت، الذي قدم بعد عدة أيام فقط من هجمات برجي التجارة العالميين، هذا القانون يعطي الفرصة للمراقبة ويخلق إمكانية المراقبة بالسجن بهدف مكافحة أعمال الإرهاب. وقالت «خلاصة القول إنه بقدر ما نريد أن تكون مكافحة الإرهاب فعالة، يجب أن يكون هناك توازنا معقولا بين الأمن وحرية المواطنين، قانون باتريوت يقلص الحقوق المدنية للأمريكيين بشكل ملحوظ، والرئيس أوباما، المحامي المتخصص في القانون الدستور الأمريكي كان حاسما فيما يتعلق بهذا الأمر في الماضي، لكن القيود المفروضة على الحقوق المدنية والحريات التي سنت في عهد سلفه جورج بوش، لم تتراجع وتتحرك في الاتجاه المعاكس منذ تولي خليفته الرئاسة». وأضافت «علينا أن نتذكر أن قوة الدولة الدستورية الليبرالية تكمن في ثقة مواطنيها، والضمانات الدستورية هي التي تحمي تلك الثقة وتحقق هدفين، الأول هو معاقبة المذنبين والثاني حماية الأبرياء، ولقد قال الكاتب والسياسي الأمريكي بنجامين فرانكلين ذات مرة إن أولئك الذين يتخلون عن الحرية من أجل شراء الأمن والسلامة المؤقتة لا يستحقون لا الحرية ولا الأمان»، محذرة من أن شبهة الرقابة المفرطة على الاتصالات في الولاياتالمتحدة، تنذر بالخطر ولا يمكن تجاهلها، ولهذا السبب على الإدارة الأمريكية تقديم توضيحات حول الأمر، ولابد من وضع كافة الحقائق على الطاولة.