14 توصية لدعم وتعزيز صناعة الغذاء في مصر    المؤتمرات الدولية.. ركيزة الحوار البناء والشراكات الاقتصادية بين الدول    إعلام الاحتلال: الجيش ينهي عملية نزع السلاح من غزة داخل الخط الأصفر    وزير خارجية روسيا: ناقشنا مع الشركاء إصلاح مجلس الأمن وتعزيز ميثاق الأمم المتحدة    زيلينسكي يرفض مطالب بوتين بإجراء انتخابات في أوكرانيا    دبلوماسي روسي سابق: الضغوط الغربية تسهم في تشكيل موقف موسكو لكنها لن تغيّر سياساتها الاستراتيجية    أمريكا: اختفاء 16 ملفا على الأقل من ملفات قضية إبستين من الموقع الإلكتروني لوزارة العدل    آرسنال يهزم إيفرتون ويستعيد صدارة البريميرليج    إيدي هاو يثني على ثنائية فولتمان أمام تشيلسي ويؤكد: أفضل مباراة له    قبل كأس الأمم الإفريقية.. تامر أمين لجماهير الكرة المصرية: الدعم ثم الدعم حتى نهاية البطولة    وزارة الداخلية تنفذ أكثر من 60 ألف حكم قضائي في حملات أمنية مكثفة    محمد صبحي: احترمتكم فاحترمتموني.. وكلما هوجمت دافع عني 100 مليون    الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما.. الإفتاء توضح التفاصيل    وزير البترول: فاتورة استيراد المواد البترولية ترتفع في الصيف ل 2 مليار دولار    برنامج «دولة التلاوة» يكرم الشيخ المقرئ أحمد نعينع    إيمي سمير غانم تمازح الجمهور: «لو حسن الرداد اتجوز عليّا ده حقه»    تامر حسنى يقدم ميدلى من أغانى العندليب الأسمر فى حفل عابدين    مقتل 5 متهمين بترويج المخدرات بعد ساعتين من تبادل إطلاق النار مع الأمن في أسوان    طائرة الزمالك تهزم وادي دجلة في الدوري    إعلام عبرى: إسرائيل تدرس إقامة سجن أمنى جديد محاط بالتماسيح بطلب من بن غفير    مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    مصرع طالبه جامعية أسفل عجلات قطار المنوفية    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    وزير خارجية بوتسوانا: المنتدى الروسي - الأفريقي منصة مهمة لتحديد أولويات التعاون    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    سوريا.. إحباط تهريب مسيّرات ومتفجرات إلى قسد والسويداء وداعش    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    أمين مجمع البحوث الإسلامية يحاضر علماء ماليزيا حول ضوابط الإيمان والكفر    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    زعم أن أخاه يسيء معاملته.. تفاصيل واقعة إشعال شقيق ناصر البرنس النيران في نفسه بالشيخ زايد    الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري السابق يفتح ملف أمن مصر المائي في حوار مع «صوت الأمة»: القيادة السياسية لن تفرط في نقطة مياه واحدة.. والأمن المائي واجب وطني ومسؤولية جماعية    التنمية الشبابية بالجزيرة يعرض كاس أمم أفريقيا علي شاشة عرض عملاقة    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 70 ألفا و925 شهيدا    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    ليلة حاسمة في البريميرليج.. مانشستر سيتي يواجه وست هام في مواجهة القمة    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    مباراة الزمالك وحرس الحدود اليوم والقنوات الناقلة في كأس عاصمة مصر 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال حمدان.. وسيناء ونهر النيل والثقافة د. صبرى حافظ
نشر في التحرير يوم 08 - 06 - 2013

فى أثناء حديثى عن جمال حمدان كقيمة ثقافية وعلمية كبيرة، وكنموذج للمثقف الوطنى الذى لا يساوم على العلم ولا على القيم الأخلاقية النبيلة، جرت مياه كثيرة تحت الجسر. فبعد العملية المهينة لاختطاف الجنود السبعة فى سيناء، وعرض الفيديو الردىء لهم وهم يطالبون الرئيس بتنفيذ تهديدات مختطفيهم للدولة التى هانت وسهل الهوان عليها، جاءت فضيحة التهديدات الفارغة على الهواء مباشرة فى أثناء نقاش رئيس الجمهورية لأحد أخطر التحديات التى تواجه مصر منذ تسلمه السلطة، ببناء سد النهضة المشؤوم على النيل الأزرق وما سيترتب عليه من خفض حصة مصر من الماء ومن الكهرباء معا. ودار هذا كله فى تواز مع الهجمة الشرسة على الثقافة منذ تعيين الوزير الإخوانى الجديد، وسعيه الحثيث لتنفيذ سياسة الإخوان الثقافية، وما أدراك ما سياسة الإخوان الثقافية. وكلها أمور تتطلب من المتابع ملاحقتها، والانصراف عن مواصلة الحديث عن جمال حمدان ومشروعه.
لكنها جميعها فى حقيقة الأمر تردنا إلى مشروع جمال حمدان الكبير، وتدفعنا إلى العودة إلى تذاكر دروسه، وخصوصا فى ما يتعلق بما جرى فى سيناء وأهمية شخصيتها كإقليم جوهرى من أقاليم مصر. لذلك طالبت فى الأسبوع الماضى بضرورة العودة إلى ما كتبه عن سيناء فى تلك الموسوعة كى ندرك مدى خطورة ما دار فيها وما يدور حتى الآن. وأطالب مرة أخرى بإعادة قراءة ما كتبه عن النيل فى نفس الموسوعة قبل أن نشرع فى صياغة الرد على من يريدون النيل من حقنا فيه، وبتشجيع ودعم وتخطيط من العدو الصهيونى البغيض. ولنبدأ بالموضوع الذى وعدت القارئ بتناوله، وهو سيناء التى أفرد لها فصلا ضافيا فى الجزء الأول من سفره الكبير. وسيناء من «سين» إله القمر، ومعناها أرض القمر، وهى كما يقول لنا المتمم الطبيعى لجسم مصر الذى يكتمل به مربعها المنتظم، وهى من هذه الناحية مصر الصغرى أكثر مما هى جزيرة العرب الصغرى (شخصية مصر: ص552).
ومن يقرأ ما كتبه عن شخصية سيناء، والكتابة عن شخصية الإقليم هى أعلى مراحل الفكر الجغرافى، يدرك فداحة التفريط فى أمنها، أو تركها مرتعا لإمارات المختلين والإرهاب. وكيف أنه يشكل خيانة عظمى لمصر على المستوى الاستراتيجى والتاريخى معا. فسيناء، تلك السلة المدلاة على كتف مصر الشرقى كما يصفها، تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة الدلتا. وتصل إلى خاصرة مصر كلها حيث إن رأس محمد فيها تقع على نفس خط عرض ملوى فى محافظة أسيوط. فهى كتكوين جغرافى جوهرى بالنسبة إلى جغرافيا مصر كلها، ويشكل ثلث عمقها، رغم أنها لا تشكل إلا ستة فى المئة من مساحتها الكلية. كما أنها تستأثر بما يقرب من ثلث سواحلها (فلها 700 كليو بينما كل سواحل مصر 2400)، وهى لذلك أكثر مناطق مصر جزرية وأقلها قارية. أى أن فى سيناء كيلومترا ساحليا لكل 87 كيلومتر مربع، بينما النسبة العامة فى مصر هى كيلومتر ساحلى لكل 417 كيلومتر مربع. كما أن كتلة سيناء الجبلية الجنوبية التى يصل ارتفاع بعضها عند جبل أبو مسعود إلى 2135 مترا فوق سطح البحر، بواحتى فيران وسانت كاترين فيها إمكانيات أن تتحول إلى جبال لبنان مصر. وكما أن نسبتها عالية من الشواطئ فهى أيضا عالية من الحدود مما يجعل أمنها أساس أمن مصر كلها.
وتكاد سيناء جيولوجيا أن تختزل جيولوجيا مصر كلها، حيث تحمل فى طواياها كل عصور مصر الجيولوجية، وعصورا تنفرد بها فوقها. كما تجمع فى صحاريها الصحراء الصخرية التى تسود صحراء مصر الشرقية، والصحراء الرملية الكثيبية التى تميز الصحراء الغربية، كما أنها أغزر مطرا من الصحراوين وأكثرها آبارا وعيونا. فيها أكثر من 250 بئرًا من مختلف القدرات والتدفقات. كما أن الركن الشمالى الغربى فيها مثلث سهل الطينة هو مورفولوجيا جزء من دلتا النيل مما يجعله خصبا للزراعة. ولذلك فهى غنية بالنباتات وتتميز بكثرة أنواعها النباتية (أكثر من 527 نوعا) ربعها على الأقل لا وجود له فى أى منطقة أخرى فى مصر. وقد عرفت سيناء التعدين منذ العصر الفرعونى. ففيها مناجم الحديد والمنجنيز والفوسفات والنحاس والفحم بمئات الملايين من الأطنان، التى يمكن أن توفر لها اكتفاء ذاتيا من الطاقة الكهربائية لو صنعت. ومن هذا ترتبط أكثر اقتصادياتها بالزراعة والرعى والتعدين والصيد. ثم زاد عليها النفط والسياحة فى العقود القليلة الماضية.
وهى فضلا عن أنها مصر الصغرى كما تُدعى، فهى جيوسياسيا جوهرية لمصر. ليس فقط لأنها تعزز موقعها الجغرافى وتجعلها حلقة وصل بين قارتى آسيا وإفريقيا، فبدونها تصبح مصر مجرد دولة إفريقية، لكن أيضا لأنها جغرافيا جزء أساسى من مصر يمتد طبيعيا إلى ما وراء خليج السويس. فبرغم أن خليج السويس أطول (275 كم) من خليج العقبة (180 كم) وأعرض حيث يعادل ضعف عرض خليج العقبة، وضعف مساحته بشكل عام، فإن خليج العقبة بالغ العمق (1000 متر عمقا) أى أعمق أكثر من عشر مرات من السويس (70 مترا) الذى يعد ضحلا إلى حد كبير. وهذا ما يجعل العقبة حدا حقيقيا وصارما لمصر. فهى المفصل أو العقدة الطبيعية التى تربط إفريقيا بآسيا، ومصر بالمشرق العربى. ثم هى أرض المعركة فى الصراع العربى الصهيونى. لذلك يدعو إلى القضاء على عزلتها التقليدية فى المستقبل، ودمجها فى كيان مصر العضوى وإدخالها فى كهربائه الحيوية والحياتية. والمواصلات والتصنيع والزراعة والتعمير وهى أدوات هذا الدمج الرئيسية». ويتحدث عن قرار بمد ثلاثة خطوط حديدية فيها، كما يدعو إلى نقل الصناعة إلى مناجمها بدلًا من نقل خاماتها للتصنيع فى الوادى. وذلك للقضاء على عزلة سيناء بدلا من زيادة عزلتها.
ألا يكشف لنا جمال حمدان هنا عما يجب عمله فى سيناء، بدلا من تركها نهبا لخلل المختلين من أنصار حماس وصنائعها كى يقيموا فيها إماراتهم الوهمية، ويجعلونها لقمة سائغة لمخططات العدو الصهيونى؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.