« عذراء حسناء هيفاء ولهاء دعجاء سمراء فيحاء، في العشرين من ربيعها الوردي، الزاهر المزدهر، تملك سيارة وفيلا ودار أزياء، تطلُب زوجًا ».. مشهد ل زينات صدقي في فيلم « عريس مراتي » هذا، ما كان يعبر جيدًا عن واقع أغلب الفتيات عام 1959، وهو الوقت الذي طُرح فيه الفيلم، لكن بمرور السنوات أصبح أكثر ما يعبر عن فتيات يحلمن بالزواج في أسرع وقت، ليس لاقتناعهم بذلك بقدر ما هو انصياعًا لرغبة أهلهم، وخوفًا من لقب «عانس»، الذي يتحاشونه كأنه سهم يصوبه المجتمع تجاههم. على جانب آخر، هناك من لازالن يرفضن الوقوف في طوابير الانتظار، أو الذهاب للمناسبات ل«اصطياد العريس» أو الاقتناع بأن «جلسات الصالونات» لأشخاص لا يعرفوهم هي حل حتى يلحقن بقطار الزواج ويستبدلن لقب «آنسة» ب«مدام»، لكن لم تكن تلك المقاومة بالسهلة، فوجدن «متنفسًا» لمعاناتهن في ورشة حكي مشروع «بُصي». جيلان 24 سنة بكاروليوس تجارة إنجليزي تعمل في أحد البنوك المصرية «أنا مخطوبة عن قصة حب، لكن اشتركت في ورشة الحكي عشان أقول إنه في روتين بيحكم البنت في مصر، يعني لازم تمشي خطوات معينة ورا بعض، تخلص الكلية عشان تتخطب وبعدين لازم تتجوز وتخلف بسرعة ولما تخلف لازم تخاوي الولد، أنا أهلي ميعرفوش موضوع الورشة، لكن خطيبي يعرف وبيدعمني». نسمة 25 سنة بكاروليوس إعلام ممثلة مسرح «أهلي بيضغطوا عليا علطول بكلام زي: الوقت بيجري والعمر بيعدي، لازم تتجوزي ومش مهم تبقي مطلقة بعد كده المهم تتجوزي، وأنا رافضة ووجهة نظري أن الجواز يجي وقت ما يجي، أنا حبيت قبل كده والقصة مكملتش.. عادي مش هموت يعني من غير جواز». رشا 35 سنة بكاروليوس تربية تعمل بإحدى شركات الدعاية والإعلان «بيسألوا ليه آنسة ولا مدام؟، هما مالهم؟، اللي بيسأل السؤال ده لو ناس غريبة بيكون رد فعلي عنيف ولازم الشخص يلزم حدوده، أما لو ناس مقربين فبفهم بيسألوا ليه ولو موضوع عريس، دايما ردي "لو عندك عريس خلهولك"، كنت الأول بنزعج من الموضوع لكن دلوقتي أتعودت وأتعلمت أرد، لازم الناس تحترم خصوصياتي». جيهان 25 سنة «أنا مش هقول على دراستي أو شغلي أو حالتي الاجتماعية عشان بشوف أن كل دي حاجات تخصني أنا بس، إحنا عندنا معاناة حقيقية بسبب التدخل في قرار اللبس والدراسة والارتباط، سواء ولاد أو بنات، مفيش حرية اختيار، لكن المعاناة عندي خفت بالحكي بعد ما اشتركت في الورشة». تقول المنسقة بمشروع «بُصي»، يارا أحمد، إن ورشة الحكي بدأت من أكتوبر 2015، وشملت عرض تجارب مختلفة وقعت لكل فتاة، وكانت الضغوط المجتمعية التي تتعرض لها الفتاة غير المتزوجة في مصر، هي العامل المشترك. وتكمل يارا ل«التحرير» أن نتاج ورشة الحكي سوف يعرض في المركز الثقافي الفرنسي يوم 16 من الشهر الجاري، بهدف التوعية بالقضية. «بُصي».. هو مشروع مستقل بدأ عام 2006 من مجموعة شباب متطوعين، قدموا عرضًا على مسرح الجامعة الأمريكية، ويقوم المشروع بتوثيق وعرض القصص الحقيقية في شكل عروض مسرحية تتحدث عن التحرش والاغتصاب، والتمييز، والزواج القهري، والختان، والعنف الأسري، والاعتداء الجنسي على الأطفال، وغيرها من الموضوعات التي يصنفها المجتمع كمحرمات ممنوع الكلام عنها، وفقًا لموقعهم الإلكتروني. يشار إلى أن العرض يتزامن مع يوم المرأة المصرية، لأنه ذكرى سقوط أول ضحية من النساء المصريات في ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني.