أبدت واشنطن قلقها واعتراضها تجاه القانون الجديد للجمعيات الأهلية. وقالت الخارجية الأمريكية إنها تقوم فى الوقت الحالى بتقييم مسودة مشروع القانون المقدمة إلى مجلس الشورى، إلا أنها حذَّرت من تبعات ما تضمنه من قيود تشريعية قد تعوق عمل المجتمع المدنى فى مساعدة المصريين، وأيضا تلحق الضرر بسمعة مصر. وقالت جين ساكى المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ردا على سؤال ل«التحرير»: بالنسبة إلى وضع قانون الجمعيات الأهلية.. أنا متأكدة أنك تعرف، ولكن فقط لكى يعرف كل شخص أنه تم تقديمه لمجلس الشورى. ونحن فى الوقت الحالى نقوم بتقييم المسودة الأخيرة، وكما تعرف وكما قلت أنا أمس، نحن لدينا مخاوف قديمة فى ما يخص الطابع التقييدى للمسودات السابقة، وقد قمنا بِحَثّ الحكومة بالتشاور مع المجتمع المدنى على مراجعة المسودة لكى تتوافق مع التزامات مصر الدولية، ونحن نود أن نرى مصر والمنظمات غير الحكومية فيها تعمل بأسلوب يتسم بالشفافية والمحاسبة، وأن القيود التشريعية على نشاطات المنظمات غير الحكومية التى نشعر أنها ما زالت جزءا من المسودة الأخيرة سوف تضر ليس فقط صورة مصر العالمية ولكن أيضا بقدرة المنظمات غير الحكومية على تقديم المساعدة الضرورية للناس فى مصر. وكانت «التحرير» قد طرحت فى الموجز اليومى للخارجية يوم الأربعاء الماضى قضية قانون الجمعيات الأهلية فى مصر والمخاوف المثارة حوله، وبما أن القانون بمسودته الأخيرة وتقديمه لمجلس الشورى كان قد تم إعلانه فى اليوم نفسه فقد تم أخذ السؤال ومن ثم الرد عليه فى اليوم التالى (الخميس) عندما طرحت «التحرير» السؤال نفسه متسائلة «وهل من جديد؟». من جهة أخرى انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومقرها نيويورك فى بيان لها القانون الجديد مشيرة إلى أنه يسمح للدولة بأن تتحكم فى نشاط الجمعيات غير الحكومية وأيضا فى تمويلها سواء كان من الداخل أو الخارج. وأن النسخة الأخيرة منه أكثر تراجعا من المسودات السابقة. وقالت سارا ليا ويتسن مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى «هيومان رايتس ووتش» إن هذه المسودة تحطم كل الآمال بأن مجموعات مستقلة يمكن أن تعمل بحرية واستقلال عقب الثورة، كما أن القانون المقترح سوف يعطى للحكومة الحرية فى قطع تمويل ووقف نشاط جماعات ترى أنها غير مريحة. وخلال اليومين الماضيين تتابع المنظمات الحقوقية وجماعات المجتمع المدنى فى الولاياتالمتحدة وأوروبا باهتمام وقلق، التصريحات الصادرة من القاهرة بخصوص القانون الجديد المنظم لنشاط المنظمات غير الحكومية وما تناقلته وسائل الإعلام مما قالته الدكتورة باكينام الشرقاوى مساعدة الرئيس للشؤون السياسية. كما أن الأمر نفسه (قانون الجمعيات غير الحكومية) أثاره أكثر من عضو فى الكونجرس خلال جلسات عقدت أخيرا حول الأوضاع السياسية فى مصر وعملية التحول الديمقراطى، وصحف أمريكية عديدة تساءلت على مدى الأسابيع الماضية عما إذا كان «الإخوان» تسعى لقتل المنظمات غير الحكومية والحقوقية منها على وجه الخصوص؟ وهل ستكرر أخطاء نظام مبارك، وفى ما بعد فى التعامل مع هذه المنظمات سواء فى ما يخص نشاطها أو تمويلها. ومن هنا جاءت بعض «التطمينات الإخوانية» باللغة الإنجليزية والإشارة إلى «عليكم الانتظار حتى النسخة الأخيرة من القانون التى سيتم تقديمها للإقرار من مجلس الشورى». ورسائل «التطمين» بالإنجليزية أتت غالبا من مكتب عصام الحداد مستشار الرئيس وأيضا تصريحات منسوبة إلى ابنه جهاد الحداد متحدثا باسم حزب الحرية والعدالة. وطبعا حدث كل هذا فى وقت تتوالى فيه التحذيرات والتهديدات و«التلويحات» باللغة العربية والتى يتم ترجمتها فورا والتعامل معها فى العواصمالغربية على أساس «أن هذا هو الموقف الحقيقى لصناع القرار». وقد جاء خالد القزاز سكرتير رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية فى خطاب مفتوح ل«واشنطن بوست» فى بداية شهر أبريل ليكتب ردا على افتتاحية نشرتها الصحيفة تحت عنوان «قوانين جديدة سوف تشل مؤسسات ديمقراطية مصرية». قال القزاز: «يبدو أن واشنطن بوست تجادل بأن التشريع المصرى يجب تقييمه بمقياس عما إذا كان هذا التشريع يقلل من قدرة الغرب على التأثير فى المسار المصرى»، مضيفا: «إنه لأمر مقلق أن صحيفة محترمة مثلها تأخذ موقفا على أن شؤون مصر يجب أن تدار من واشنطن» وبما أن سكرتير الرئيس أشار فى خطابه إلى أن المطلوب هو «إيجاد نسختنا من الديمقراطية» فقد ذكر «نحن نتوقع من أصدقائنا فى المجتمع الدولى النصيحة والمساندة، ولا نتوقع ولا نقبل المراقبة أو التدخل». واشنطن وأهلها من صناع القرار وناشطى حقوق الإنسان بالتأكيد سوف يتابعون فى الأيام المقبلة ما يجرى فى مصر بخصوص هذا الملف، وأيضا القضية المسماة «التمويل الأجنبى» والمنتظر النطق بالحكم فيها يوم 4 يونيو الجارى.