القاهرة في 20 مايو/أ ش أ/ يتناول كتاب «اللاهوت التاريخي والمسار الارتقائي للعقلانية التوحيدية» الظاهرة الدينية على اعتبار أنها تتوزع على مستويين متمايزين مستوى أولي يتمثل في خبرة الاتصال العاطفي مع المبدأ الإلهي القدسي، ومستوى ثان تتم فيه عقلنة هذه الخبرة في معتقدات وعبادات وتنظيمها في طقوس وشعائر. ويقول مؤلف الكتاب صلاح سالم إننا بالنسبة إلى المستوى الأول أمام جوهر روحاني باطني يمكن امتلاكه، كما يتصور فقده، مع امكانية تنشيطه بحسب القوة الروحية للفرد التي يلهمها تكوينه النفسي واستعداده الجواني، ومن ثم فلا سبيل للحديث عن ارتقاء تاريخي أو تدهور حضاري، فالإيمان هنا هو نتاج العوالم الداخلية للإنسان، كما أنه وسيلة مثلى لإنماء هذه العوالم. وعلى المستوى الثانى يضيف المؤلف نحن أمام قواعد مدرسية وتقاليد تنظيمية تقبل التطور، مثلما تتفاوت في درجة الإحكام، بحسب الترقي في طرق تأويل وتدوين النصوص، وفي مسارات احتكاكها بالواقع التاريخي، ومن ثم نكون أمام تأمل عقلاني لدور الدين في الوجود البشري.
وبحسب المؤلف أيضا، فإن هذا الكتاب الصادر حديثا عن دار مصر العربية للنشر والتوزيع لا يعدو أن يكون محاولة جادة، وإن قاصرة أو حتى خاطئة، للإجابة على تساؤلات مثل هل ارتقى الدين بالعقل الإنساني، كيف أثر ذلك العقل في الدين، وكيف تمكنا معا من صوغ المجال التاريخي- الحضاري لعالمنا؟، من داخل النسق الديني التوحيدي بشرائعه الثلاث، عبر التعرض لمجموعة المفاهيم اللاهوتية التي تصوغ رؤيته الوجودية للكون والتاريخ والإنسان، وفحص المسارات التي اتخذتها من شريعة إلى أخرى، ارتقاءا نحو التعقيل والأنسنة، أو تدهورا باتجاه الخرافة والعنصرية.