قالت "فرانس برس"، إن "مدام كلود" التي تعتبر من أشهر "القوادات" في فرنسا والعالم، توفيت وفق وثيقة وفاة اطلعت عليها الوكالة. والراحلة اسمها الحقيقي "فرناند جر ودي" فارقت الحياة، في أ حد المنتجعات في مدينة نيس عن عمر يناهز ال92 عاما، بعد قضائها فترة علاجية في المستشفى. وتخفت "مدام كلود" دائما، وتفادت الظهور العلني أو حتى الكشف عن وجهها الحقيقي أيام عصرها الذهبي. مدام كلود، التي يشبه مسارها على الإطار المحلي ما كانت عليه "عفاف" أو ماريكا سبيريدون، نجحت في أيامها بإنشاء شبكة دعارة تخطت حدود فرنسا. قبل عرضها "بروفايل" حياتها، تمكنت من العيش بعيدا عن الأضواء خلال شيخوختها التي أمضتها في جنوبفرنسا، ونقلت مجلة "جالا" بأنها أمضت هذه المرحلة في منزل صغير وبنمط حياة متواضع جدا، حيث عاشت في محيط جغرافي بعيدًا عن العاصمة وأضوائها ومراحل الزمن الذهبي التي عرفته في صباها. حيث قصدت العاصمة باريس في الخمسينيات من القرن الماضي، لتشق طريقها في درب الدعارة وتمارس المهنة، وتتمكن من صنع شبكة دعارة من الصف الأول، واستطاعت أن توقع برجال سياسيين وفنانين واقتصاديين كبار في شباك فتيات الهوى التابعين لشبكتها، وأخفت لائحة بأهم هذه الأسماء التي كانت تقصدها رغم أن بعض الكتاب الذين حاولوا رسم حياتها لمّحوا لأسماء مشاهير قصدوا بيتها على غرار شاه إيران والرئيس الأمريكي جون كينيدي، أما هي فلم تتردد في الغوص في حياتها وأسرارها المتشعبة من خلال إصدار في العام 1994 كتابا حمل عنوان "مدام" مع الإشارة إلى أنها تمنعت عن ذكر أشياء تمس خصوصية مشاهير عدة. وكان ويليام ستادييم، الكاتب في "فانيتي فير"، يعمل على رواية قصة حياة مدام كلود، الشخصية الأسطورية التي عُرِفت في باريس في الستينيات بالسيدة الأكثر حصرية في العالم. والتقى ستادييم بكلود في الثمانينيات في محاولة لوضع كتاب عنها تخبر فيه كل شيء لكنه لم يرَ النور، وهو يتحدّث مع أصدقائها والمؤتمنين على أسرارها وزبائنها السابقين عن صعودها إلى النجاح والنساء المثقفات اللواتي عملن لديها، وقد تزوّج عدد كبير منهن رجالاً أثرياء ونافذين، بحسب تاكي تيودور أكوبولوس، كاتب العمود الخاص المخضرم عن حياة المشاهير في مجلة "سبكتايتور" اللندنية، كانت كلود "قد أصبحت أسطورة" في باريس في أواخر الخمسينيات. يروي لستادييم: "لم يكن يُنظَر بازدراء إلى زيارة المومسات في ذلك الوقت". ويضيف "كان منزلها خلف الشانزيليزيه، فوق فرع لمصرف روثشيلد، حيث كنت أملك حسابا، التقيتها ذات مرة، كنت أسحب أموالا باستمرار وأصعد إلى شقّتها". كتب ستادييم أنه كانت لكلو، -التي انتقلت إلى لوس أنجلس عام 1977 بعدما بدأت السلطات الفرنسية تلاحقها على خلفية التهرب من الضرائب- لائحة تُحسَد عليها من الزبائن المؤلّفين من رجال نافذين جدا، وكانت تحمل في جعبتها روايات كثيرة: "طلب جون كينيدي فتاة تشبه جاكي "إنما مثيرة". وجاء أرسطو أوناسيس وماريا كالاس مع طلبات فاسقة جعلت كلود تحمر خجلا. وكان مارك شاجال يقدّم للفتيات رسوما قيّمة جدا يظهرن فيها عاريات، وكان الشاه يحضر هدايا عبارة عن مجوهرات، كانت لائحة الزبائن تتضمن شخصيات متباينة، مثل موشيه ديان ومعمر القذافي، ومارلون براندو وريكس هاريسون، حتى إن إحدى الروايات تتحدث كيف أن "سي آي إيه" استعانت بخدمات كلود للمساعدة على الحفاظ على المعنويات خلال محادثات السلام في باريس". وأصرّت فرانسواز فابيان، الممثلة التي أدّت دور كلود في فيلم Madame Claude، لجاست جايكين عام 1977، على تمضية بعض الوقت مع ال"مدام" كي تتمكّن من تقمّص الدور، وتروي فابيان لستادييم أنها وجدت أن كلود هي "امرأة رهيبة، كانت تحتقر الرجال والنساء على السواء، كان الرجل محفظة في نظرها، والمرأة ثقبا، كانت أشبه بسائقة عبيد في مستعمرة في الجنوب الأمريكي، عندما كانت توظّف فتاة، كانت تغيّر لها شكلها، وكانت كلود تدفع كل الفواتير لديور وفويتون ومصفّفي الشعر والأطباء، ثم تفرض على الفتاة العمل لتسديد هذا الدين، كانت عبودية جنسية بموجب عقد، وكانت كلود تتقاضى نسبة 30 في المئة، كانت تأخذ نسبة أكبر، لكنها اعتبرت أنها لو أخذت المزيد، لقامت الفتيات بخداعها". يخبر ثيودور أكوبولوس ستادييم، أنه لدى انتقاء الفتيات المعروفات بClaudettes، كانت كلود متخصّصة في "استخدام عارضات الأزياء والممثلات الفاشلات اللواتي لم ينجحن في مهنتهن، لكن فشلهن في تلك المهن المستحيلة لا يعني أنهن لسن جميلات". مالك الأراضي الثري رينالدو هيريرا، يروي لستادييم: "لا عار في أن يُربَط اسمك بالعمل مع شخص محترف من أمثال مدام كلود، معظم النساء يحببن أن يكون لديهن ماضٍ".