كتب: طاهر الحساني «إحنا مش لاقيين ندفن أمواتنا» هكذا عبّر أهالي قرية ترعة ناصر بمركز إسنا جنوبالأقصر عن مأساتهم بعد هدم مقابرهم وإغراق جثثهم في المياه، والتعدي عليها بتجريف الأرض من أجل حيازة قطع الأراضي ووضع اليد عليها، مطالبين المسؤولين ب"إكرام أمواتهم ودفنهم". ورصدت "التحرير" مشكلة مقابر قرية ترعة ناصر بلقائها مع الأهالي، الذين أشاروا إلى حجم معاناتهم الكبيرة وعدم اعتبار حرمة الموتى من قِبل بعض الأشخاص الذين أتوا من قرى مجاورة لحيازة أملاك مقابر موتاهم والاستيلاء عليها وتحويلها إلى رقعة زراعية. بدأ محمد عثمان، أحد أهالي القرية بقصة الطريق الذي يصل طوله إلى نحو 3 كيلو مترات من القرية للوصول إلى المقابر، موضحا مدى ضيقها وعدم تسويتها جيدًا وتركها مهملة ليتعثر الأهالي بها عند ذهابهم إلى أمواتهم بعد تجريف المزارعين لشوارعها، مما أدى إلى هلاكها وتركها دون إنارة، ويصعب السير فيها إن أرادوا تشييع جثمان ليلا. مسلسل فساد ويقول جابر حفني، أحد الأهالي، إن أرض المقابر تقع على مساحة أكثر من 14 فدانا و17 قيراطا بآخر حدود محافظة الأقصر المجاورة لأسوان، وقام مجموعة من الأهالي بالتعدي عليها والاستيلاء على 7 أفدنة ونصف، محيطة بها وريها بالمياه، مما أدى إلى سقوط المقابر فوق الجثث وظهورها أيضا، وجعلها عرضة للكلاب الضالة لتأكلها. وأكد بشاري أحمد أن ما قام به المعتدون على الأراضي بمساعدة مسؤولي الأملاك بالمحافظة ومجلس المدينة، مضيفا: "استقطع المعتدون مساحة الأرض ووضعوا يدهم عليها دون إدراجها في دفاتر سداد الرسوم الأميرية بمنافع الدولة وتم تحرير محاضر ضدهم دون جدوى"، قائلا: "المخالفة ما زالت موجودة بالحجة والبرهان وماحدش سامع صوتنا". وأضاف الأهالي أنهم قامو بعمل شكوى بالشئون القانونية لمحافظة الأقصر بتاريخ 24 ديسمبر 2012 برقم صادر 240 من مجلس مدينة إسنا ولتخصيص أرض المقابر على المساحة المذكورة سابقا أملاك دولة لمنع الاعتداء عليها حيث لا يوجد لها بديل وأكدوا في تصريحاتهم ل"التحرير" أنه لم يتم إصدار أي قرار حتى الآن وتم إخفاء جميع المستندات الخاصة بها. ومن داخل إحدى المقابر أوضح سليمان سلمان عدم قدرة الأهالي على دفن موتاهم لما تشهده من نسبة مياه موجودة بداخلها جعلت أرضها طينا لينا، مما يحدث من ري الأراضي الزراعة حولها. وناشد محافظ الأقصر: "أنت ليك سنة عندنا، وأمواتنا بتغرق والكلاب بتاكل في الجثث، وماجيتش شوفت أسباب غرقهم والوحدة المحلية نفس الكلام مش بتسأل ولّا علشان إحنا قرية حدودية بالنسبة للمحافظة"، وتابع: "بعتنا فاكسات أكتر من 20 ألف مرة مافيش واحد فيها وصل إيدك علشان تشوف الناس دي مشكلتها إيه؟! كرامة الميت دفنه وإحنا مش لاقيين ندفن أمواتنا". استغاثة واستغاث أحمد عبد النعيم رئيس قسم البيئة بالمجلس القروي لقرية ترعة ناصر بالرئيس عبد الفتاح السيسي: "إحنا قرية مهملة نهائيا ماعندناش مياه ولا صحة، وأبسط شيء المقابر اللي استولوا عليها واتعرضت للكلاب اللي أكلت الجثث فيها، وقمنا بعمل محاضر من شهر يناير 2015 ضد المعتدين على أراضيها، فقاموا باتهامي زورًا في قضيتين جنح، والمسؤولين اللي فوق ماحدش باصص علينا ولا بينزلنا". ويتابع بألم شديد وعيناه تنهمر بالدموع: "أنا موظف وأقوم بتحرير مخالفات أراها بعيني، ولكن برفعها إلى من هو أعلى مني لا نراها ثانية، وتقابلت مع رئيس مجلس المدينة لهذا الأمر ولم يتم حلها، الواحد بيروح يشوف الميت قريبه بيلاقي الكلاب نهشته، فنرجو منكم الرحمة للأموات، الواحد في الدنيا بيتشال ويتحط يبقى نكرمهم في الآخرة".
* مقابر تهدمت (4) * عظام ميت * مقابر تهدمت (1) * تسرب المياه للمدافن * أرض المدافن مزروعة * مقابر تهدمت (3) * مقابر تهدمت (2) * المياه حول قبر * طريق المدافن الضيقة