- القمع لن يوقف مظاهرات 25 يناير - برلمان 2015 هو تعبير عن الثورة المضادة - أغلب حكومات الغرب لا تهتم بالديمقراطية مطلقًا - سيناء.. جريمة مبارك أكملها المجلس العسكري وزاد عليها مرسي ويعاندها السيسي يرى الناشط الحقوقي، جمال عيد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يهتم إلا بتأسيس «دولة الفرد». مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير أجرى «التحرير»، حوارًا مع عيد، للحديث عن أوضاع العاملين بمجال حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين والحقوقيين.. وإلى نص الحوار: ثورة يناير * ما رأيك في دعوات النزول لذكرى "25 يناير" المقبل؟ - دعوات النزول يوم 25 يناير القادم حق مشروع، نتيجة الفشل الاقتصادي والقمع السياسي الموجود حاليًا، وأتمنى ألا تضع الدولة نفسها في مواجهة الشعب:«الناس هتنزل والقمع مش هيحل مشكلة، ويجب أن تُظهر الدولة أي إرادة للإصلاح، والشعب لا يريد أن يثور لمجرد الثورة، بل يريد الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية التي لم تتحقق حتى الآن، وأنا مع حقوق الناس».
* كيف ترى تشكيل «كتلة 25 يناير» داخل البرلمان؟ - البرلمان الحالي يعتبر برلمان الثورة المضادة وليس برلمان ثورة يناير التي خرجت تُطالب بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، ومن يمثل ثورة يناير داخل البرلمان الحالي يعدون على أصبع اليد الواحدة، وللأسف رغم نواياهم السليمة، فالطريق إلى القمع وتجميل صورة الحكومة مفروش بالنوايا الحسنة. ويكفي أن نرصد تصدّر توفيق عكاشة، ومرتضى منصور، للمشهد السياسي والإعلامي بعد أسبوع واحد من نجاحهما في الانتخابات البرلمانية، فهذا دليل على أن كل نظام يفرض رموزه على المجتمع، وهؤلاء وأمثالهم داخل مجلس النواب هم رموز ما بعد 30 يونيو. * ما سلبيات ملف حقوق الإنسان في مصر خلال فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي؟ - حالة حقوق الإنسان خلال عامين من حكم السيسي الفعلي منذ ثورة 30 يونيو، شهدت انتهاكات غير مسبوقة، بدأت من إصدار بعض القوانين الجائرة الظالمة التي بدأها الرئيس المؤقت عدلي منصور واستكملها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعها أصبح ملف حقوق الإنسان شائكًا، كونها قوانين قيدت الحريات وسمحت لممارسات أمنية متوحشة، مثل القبض العشوائي والقبض المطول ومد الحبس الاحتياطي، وانتشار ظاهرة التعذيب وسوء المعاملة في السجون، وصولًا لمرحلة الإفلات من العقاب، بمعنى أن الذي يرتكب جرمًا أصبح بمأمن من العقاب أو على الأقل يشعر بذلك. وإذا ما رصدنا تلك الحالة بلغة الأرقام، فإننا نتحدث الآن وقت إجراء الحوار أن هناك 63 صحفيًا بالسجن، وهذا ما لم يحدث من قبل في تاريخ مصر الحديث، ولدينا أكثر من 12 ألف محتجزًا في الحبس الاحتياطي -لم تتم إحالتهم للقضاء- لأسباب سياسية، بعضهم تعدى ال700 يوم مثل المصور الصحفي شوكان، وبعضهم تخطى ال500 يوم مثل الطفل محمود محمد، الذي قبض عليه لارتداءه «تي شيرت» «وطن بلا تعذيب»، وأما المعتقلون أنفسهم فنحن نتحدث في أقل تقدير عن 60 ألف معتقلًا، مقبوض عليهم ومتهمين في قضايا سياسية، تتكدس بهم السجون بشهادة المجلس القومي الذي يعد ضمن المؤسسات الحكومية نفسها. والآن في مصر لدينا الإعلام الذي أصبح إعلام الصوت الواحد، والرأي الواحد، والآن مفروض الحصار على صاحب رأي مختلف مع النظام، الذي يتم طوال الوقت على الكلمات والأقلام والأعمدة الناقدة واستبعاد الصحفيين المهنيين، والترحيب بالمنافقين والمهللين، وأحكام الإعدام الغريبة عن المنطق، فملف حقوق الإنسان هو الأسوأ منذ أن تحررت مصر بفترة الخمسينيات. لا يقارن بعهد «عبد الناصر» * ما أبرز الاختلافات بين انتهاكات تلك المرحلة وما كان يحدث في عهد مبارك؟ - عهد مبارك كان سيئًا وبه انتهاكات، ولكن الفارق الجوهري فيما يحدث الآن، أن تلك الانتهاكات تحدث رغبة في الثأر، بمعنى ليس فقط أجهزة أمنية تقمع مثل أيام مبارك، ولكن تولد لدى أفراد تلك الأجهزة، أسباب إضافية للقمع بلا حدود، مثل الثأر من المطالبين بالديمقراطية وثورة يناير، الذين تسببوا في كسر الداخلية في يوم 28 من فبراير 2011. ويوجد عامل آخر يجعل تلك الفترة أسوأ من عهد مبارك، وهو وجود الجيش نفسه في المعادلة السياسية، مما أعطى إحساسًا بالحماية من العقاب لتلك الأجهزة الأمنية، فزاد توحشهم، وأصبحوا الأكثر قمعًا وفي تصوري ما يحدث الآن فاق بكثير ما كان يحدث في عصر عبد الناصر المعروف بأنه كان ضد الحريات. * تحدثت عن وجود أكثر من 60 ألف معتقل سياسي.. ما التصنيفات الأيديولوجية لهؤلاء المعتقلين؟ - تقديرنا الذي من الممكن أن يزيد أو يقل قليلاً، أن هناك نحو 5 آلاف سجين من التيارات السياسية بخلاف الإسلام السياسي، ونحو 50 ألف معتقل من التيار الإسلامي، ونحو 5 آلاف مواطن ليس لهم نشاط سياسي مثلما نقول «اتاخدوا ف الرجلين». * ما حقيقة السجون السرية «غير الرسمية» في مصر؟ - أنا شخصيًا أصدق وجود مثل هذه الأماكن، وسأضرب مثالاً لمكانين أعرفهما ولكن ليس هناك حصر دقيق لها، لأنها غير رسمية فأنت لا تعرف أماكنها، ومن تلك الأماكن معسكرات الأمن المركزي ومنها على سبيل المثال معسكر شهير جدًا على طريق «القاهرة إسكندرية» الكيل (عشرة ونصف)، والذي أصبح به محكمة، لكن بعهد مبارك تم حجزي بأكثر من معسكر أمن مركزي، ومنها معسكر أمن الدراسة، والجبل الأحمر الموجود بالسلام في منطقة النزهة، وليس لديَّ دليل أنه توقف الحبس بها. ولا ننسى طبعًا سجن «العازولي» السجن العسكري الذي تم اكتشاف مدنيين به. * ما الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لتأميم العمل الأهلي؟ - هناك ثلاثة خطوط متوازية تتم الآن في هذا المسار، ونحن بحكم عملنا كشبكة ننشر لجميع المؤسسات المصرية والعربية، ونرصد ونجمع جميع أعمالها، فنحن قريبون من معرفة المنظمات الجديدة. وأول خط يتم به تنفيذ هذا المخطط، هو استحداث مؤسسات تلمع صورة النظام حقوقياً، ومنها من المنظمات الجديدة على سبيل المثال منظمة داليا زيادة، وعدد من المنظمات التي كانت تشكر حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، على وقف التعذيب، وهناك الآن بعض المنظمات التي كان لها مصداقية تراجعت وأصبحت تروج للنظام مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، فالجاد تراجع، وهناك أعداد فيما نسميه المنظمات المتوقفة ذاتيا. وهنا أشير إلى أنه في عهد مبارك كان عدد الجمعيات أو المؤسسات الحقوقية نحو 60 منظمة، الجاد منهم كان نحو 15 منظمة ليس بأسير ولا يتواطأ، أما الآن فإن عدد المنظمات نحو 150 منظمة الجاد منهم نحو 10منظمات فقط. أما الخط الثاني في خطة النظام لكسر عمل المنظمات، فهو حملات التشهير ليل نهار، والكراهية الموجودة من الإعلام مثل أحمد موسى، فيما يتلخص الخط الثالث في التهديدات القانونية واستحداث قانون للعمل الأهلي أكثر ظلمًا من القانون الذي كان أمن الدولة قد تقدم به بعهد مبارك، والذي كانوا يحاولون إصداره 2010. ودائمًا يحاول النظام التغطية على عمله المرتبك، فيتم تحويل مسار القضية، إلى أزمة التمويل، ولكن المشكلة ليست في التمويل المشكله إنهم يغلقون مجال العمل، فكل منظمة ملزمة بالإعلان عن مصدر تمويلها وحجمه والجهة الممولة وكيفية إنفاقه، والقضاء يحكم، ولكنهم يريدون أجهزة الأمن مسيطرة عليها لكي تسمح للمنظمات التي تلمعها بالوجود ومثلنا لا يعمل. أما الجناح الأخير في الخطة، فهو مصادرة العمل الحقوقي، فهناك من توقف ومن أغلق ومن سافر، وهناك من قرر أن يكمل إلى أن تغلقه الدولة، وما أُغلق أعداده بالمئات، وليس بسبب القانون لأنه لم يقر لكنهم يحاولون جعلنا نسجل على القانون القديم المخالف للدستور، بمعنى أننا لن نسجل مع القانون غير الديمقراطي، ولن نسجل مع القانون الاستبدادي الموجود الآن المخالف للدستور. وهناك من العاملين في تلك المنظمات من تم القبض عليه، وتم منع البعض من السفر، وتمت مصادرته، وتم منع فعاليات من الأساس، وكان هناك المنع من السفر، دون إذن قضائي مثل محمد لطفي، مدير المفوضية، الذي تم منعه من السفر وسحب الباسبور منه، وهناك إجراء المنع من السفر، والذي لم يحدث في عهد مبارك، وفكرة أن تقوم بالاستيلاء على الباسبور، وهذا نمط القذافي وزين العابدين بن علي، ومن أسماء الذين تعرضوا للحبس يارا سلام، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهذه كانت تعمل في المفوضية الإفريقية وفي المبادرة مدافعة حقوقية. * ما سلبيات قانون الجمعيات الأهلية الجديد؟ - أولاً.. ينزع اختصاص القضاء ويعطي الجهة الأمنية حق الحل أو رفضه، وليست بالإخطار بل بالموافقة وأن يكون بالترخيص أنه يمنع أي عمل متعلق بالمجال الديمقراطي، وذلك على الرغم من أن كل العمل الحقوقي المفروض أنه متعلق بالعمل الديمقراطي، وهكذا سيجعل الجمعيات الحقوقية أقرب لمكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية لا مؤسسات مستقلة، على قدر المساواة في المجتمع المدني بين الدولة والمواطن. المخابرات الحربية تدير الملف * هل تتدخل المخابرات الحربية بملف منظمات المجتمع المدني؟ - نعم، وهذا واضح منذ أيام قضية التمويل الشهيرة 2011/2012، التي كانت معتمدة على مذكرات وتحريات من المخابرات، والآن حالات المنع من السفر التي تتم بناءً على ما يسمى بقضية 250 التي تضم الكثير من الحقوقيين، حسب معلوماتنا أن المذكرات معمولة من المخابرات، فنحن هنا نتكلم على التدخل في العمل الأهلي والمدني، حيث إن المخابرات الحربية المفروض أن نطاق عملها بالخارج. * ما أبرز المخالفات التي تم توثيقها من قبل المنظمات الحقوقية؟ - التكدس والمهانة وسوء المعاملة الموجودة، وهناك مبدأ الكيل بمكيالين، وذلك عن طريق معاملة مساجين معاملة الفنادق، في نفس الوقت الذي يعامل الآخرون بشكل مهين، وأنا لم أنسَ مذبحة أبو زعبل وتكدس عدد ضخم بداخل عربة واحدة وإلقاء قنبلة بداخله. * هل تؤجج المخالفات التي تتم داخل السجون فكرة التطرف في مصر؟ - بالتأكيد غياب سيادة القانون وغياب مكافحة الفساد يخلق بيئة حاضنة للتطرف تخرج متطرفين، وا قاصرين على الإسلاميين، وسيصبح أغلب من له أحد ظُلم وتعذب سيكون له رغبة في الثأر لأنهم لن يروا، وهذا هو المناخ والهستيريا الموجودة، فهو مناخ يساعد على وجود التطرف والإرهاب في الوقت القريب من الجميع.
* ما تقييمك للرئيس عبد الفتاح السيسي بكلمات بسيطة؟ - السيسي مهموم ببناء الدولة القوية «دولة حكم الفرد»، لكنه ليس مهتما ببناء الدولة العادلة، حيث سيادة القانون كما أنه لا يستمع لصوت الشارع. * هل من الممكن أن تشاركوا في ثورة ضد عبد الفتاح السيسي؟ - الثورة هى ثورة شعب وإحنا جزء من الشعب، والثورة تطالب بوضع أفضل ونحن مع الأفضل طبعًا. * كيف تلخص الأوضاع في سيناء؟ - سيناء جريمة نظام مبارك، أكملها المجلس العسكري، زاد عليها مرسي يعالجها بالخطأ السيسي، بالتمييز ضد سكان سيناء، والتشكيك فيهم وحرمانهم من التنمية والقبول بشروط مجحفة بما يسمى كامب دايفيد، ومواطنو سيناء مواطنون مهمشون فقراء جدا ومغضوب عليهم ومشكوك فيهم، فأصبحت مرتعًا للإرهابيين سواء من الداخل أو الخارج تحتاج إلى معالجة ليست أمنية؛ حيث إن سكان سيناء ليسوا بإرهابيين فهم مواطنون يعانون من كل شيء. * ما المناطق المرشحة لتكون في وضع سيناء؟ - الأحياء الشعبية والعشوائية؛ حيث تسلُّط الشرطة وغياب الخدمات والمرافق والاهتمام، بالإضافة لوجود الفقر الشديد وجهل وعدم شعورهم أن هذا بلدهم يؤدي لذلك.