جاء التعديل الوزارى كسيحا ومجروحا كما سبق أن توقعت، لأن الرهان على الإخوان (الرئيس وجماعته) خاسر وواهِم، كما أنه يعتبر لطمة شديدة على وجوه تيار «المراوغة» فى جبهة الإنقاذ، الأمر الذى يستدعى السؤال العاجل: ماذا أنتم فاعلون الآن؟! وهل أعددتم أنفسكم لبدائل أم أنكم ما زلتم ستفكرون وتفكرون إلى أن يشاء الله؟! فقد اشترطت جبهة الإنقاذ مجتمعة لدخول الانتخابات البرلمانية -حتى لو كانت وهمية- إقالة الحكومة وتغييرها كاملة وفى المقدمة رئيس الوزراء، وقانون انتخابات جديدا يضمن النزاهة والشفافية، مع الرقابة الدولية، والاتفاق على تعديلات دستورية تتم بعد الانتخابات بضمان الرئيس، وإقالة النائب العام المعين من الرئيس. ثم دخل على الخط قانون السلطة القضائية الإخوانى عن طريق ذراع الإخوان (الوسط) فرفضته جبهة الإنقاذ وطالبت بسحب هذا القانون وتجنب مذبحة قضائية، والأخونة القادمة، كما دخل على الخط قرض الصندوق فاختلفت الجبهة فى ما بينها، وصدر حكم بعدم شرعية تعيين النائب العام (طلعت إبراهيم) من قِبل الرئيس مرسى، فازداد الطلب على ضرورة تنفيذ الحكم! فتلك هى شروط جبهة الإنقاذ، ولم يُستجَب لأى منها على الإطلاق. فإن السؤال الملحّ الآن هو: ماذا ستفعل جبهة الإنقاذ؟ هل ستدخل الانتخابات وتصبح معارضة ديكورية معدومة التأثير للإخوان والمتأسلمين وتكريس اليأس والإحباط؟! أم أن عليها أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية فى إنقاذ البلاد من حكم فاشىّ يمكن تسميته (إخوانيزم)، تأكيدا لمسميات (فاشيزم)، (نازيزم)، وذلك بالانضمام إلى الخطاب الثورى وسلوكياته؟! ففى تقديرى أن الإخوان يفكرون ويتصرفون على خلفية عدم وجود معارضة لهم على الإطلاق، وأنهم وحدهم فى الساحة، وهى ذات السمة لنظام مبارك حتى سقط، ومن ثم فإنه بدلا من ترك الطغيان يستمر طويلا، فلا بد من بذل الجهود المكثفة للإطاحة به لثبوت عدم شرعيته، فماذا ننتظر بعد أن أثبت مرسى وجماعته أنهم يسخرون من جبهة الإنقاذ ويستهزئون بقادتها واشتراطاتها ويصرون على تسميتها بجبهة الخراب؟! وإعلامهم وتصريحات قادتهم شاهدة عليهم. فالانتظار على هؤلاء جريمة سياسية يرتكبها القادة فى «الإنقاذ»، وعدم صياغة خطاب ثورى حقيقى يلتزم به كل أعضاء الجبهة جريمة سياسية أخرى، وعدم تبنى مبادرة حقيقية واضحة تعيد الثورة إلى مربعها الأول لتنطلق منه الموجة الجديدة من الثورة بلا إخوان وبلا متأسلمين، ستكون جريمة سياسية ثالثة! لذلك فإن من بين أعضاء الجبهة بكل أسف، من لا يزال يؤكد شرعية صندوق مرسى! وأن مدته القانونية أربع سنوات، وأن تغييره لا يتم إلا عبر الصناديق، مثل هؤلاء أقول لهم لقد انفصلتم عن الواقع الثورى، وأدعوهم للجلوس فى البيت حتى لو كانوا فى سن متوسطة، وليس العواجيز فحسب. فالذين يقولون بذلك عيونهم على الخارج (أوروبا وأمريكا) وقد يتصورون أن هذا سيُرضِى الغرب وحتى لا يتم تصويرهم على أنهم «انقلابيون»، بينما لو طالبهم الغرب بتغيير هذه المواقف سيتغيرون، وهذه جريمة سياسية أخرى تُرتكب فى حق الثورة، وهؤلاء ممن قالوا عن جمعة الرحيل فى 4 فبراير 2011 (جمعة الرحيل من التحرير) والآن يحاولون الخداع والمداهنة والمراوغة وأشياء أخرى لا داعى للخوض فيها الآن. ولذلك فإننا نحذِّر من أنه مع الموجة الجديدة للثورة لن يكون لأمثال هؤلاء مكان على الساحة السياسية! الآن يجب أن تقول جبهة الإنقاذ بوضوح «لا.. للحوار مع الرئيس غير الشرعى وجماعته، ولا.. للانتخابات البرلمانية الوهمية، ولا.. للانتخابات الرئاسية المبكرة فى ظل قواعد الدستور الإخوانى، ولا.. لدستور الإخوان، ولا.. لحكومة قنديل»، ونعم لحملة «تمرد» مع صياغة مبادرة جديدة تستهدف إسقاط مرسى وجماعته للأبد ودون مراوغة. وقد دعوت لذلك منذ 12 أغسطس 2012، يوم أن تحول مرسى وجماعته عن المشروعية القانونية والدستورية، إلى شرعية «الغاب»، والآن آن الأوان لأن يرحل هؤلاء مثل مبارك وعصابته. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، ولا يزال الحوار متصلا.