نوجايريد: مسلمو فرنسا يخشون ربطهم بالإرهاب.. والجماعات اليمينية المتطرفة قد تدفع للمزيد من الكراهية قالت الكاتبة ناتالي نوجايريد، محللة الشؤون الخارجية لدى صحيفة "جارديان" البريطانية، إن المسلمين في فرنسا أصبحوا يخشون من ربطهم بالإرهاب، وهو ما قد يدفع الجماعات اليمينية المتطرفة لتغذية المزيد من الكراهية. نوجايريد قالت، في مقال لها بعنوان "هجمات باريس.. الصدمة الفرنسية والخوف من المستقبل" تعليقا على الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس أمس الجمعة، "مرة أخرى الرعب يعود إلى باريس، الجثث الملقاة على الطريق يتم عدها، والذعر ينتشر، والبلاد في صدمة، السنة التي بدأت بمأساة شارلي إبدو تنتهي بهجوم أكبر وأكثر دموية". الكاتبة الفرنسية أكدت أن تداعيات هذه الهجمات سيكون لها أهمية بالغة على فرنسا، والتطورات السياسية والتماسك الاجتماعي. وأشارت المتخصصة بالشؤون الخارجية إلى أن الرئيس فرانسوا أولاند، أعلن حالة الطوارئ، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2005 في باريس عندما اندلعت أحداث العنف بين المهاجرين المسلمين من الجيل الثاني وقوات الشرطة. ولكن عبارة "حالة الطوارئ" تتعلق، في الذاكرة التاريخية الفرنسية، بالحرب الجزائرية في الستينيات والانقلاب العسكري الذي تم بعد ذلك، مما يجعل مشاهد باريس بالأمس تحفظ في التاريخ باعتبارها "منطقة حرب". وأكدت "نوجايريد"، أن الصدمة ستكون عميقة وتطرح العديد من الأسئلة حول: كيف يمكن أن يحدث هذا. ما الثغرات الأمنية؟ كما أن توقعات العواقب السياسية ستكون: ما مكاسب اليمين المتطرف؟ وأشارت الكاتبة ناتالي نوجايريد إلى أنه بعد حادثة "شارلي إبدو"، تحدث رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمام البرلمان معتبرًا أن البلاد "في حالة حرب"، وأن بلاده "ليست في حرب على الإسلام" وكان ذلك إشارة إلى السكان المسلمين الأكبر في أوروبا، لكنها اعتبرت أن تلك الكلمات لم تفعل الكثير لتهدئة التوترات الكامنة والتي نشأت بين المجتمعات. الكاتبة الفرنسية قالت إنه من السابق لأوانه تحديد ما حدث بالضبط، إذ إن هناك تقارير إعلامية زعمت أن أحد المهاجمين قال "من أجل سوريا" قبل أن يفتح النار على الأبرياء، خاصة مع حديث الرئيس أولاند عن "الإرهابيين"، قائلاً: "نحن نعرف من هم هؤلاء الناس". وأشارت إلى أن الهجمات كانت معدة بشكل جيد، موضحة أن "باتاكلان" قاعة الحفلات الموسيقية الممتلئة في مساء الجمعة، والهجوم بالقرب من ملعب لكرة القدم في استاد فرنسا، حيث مباراة بين فرنسا وألمانيا بحضور أولاند تحمل دلالة كبيرة. وتحدثت "نوجايريد" عن الأهداف التي تم اختيارها بعناية، وأن التأثير النفسي والخوف الذي يعم أنحاء البلاد، من هذه المأساة الإنسانية والعدد الكبير من القتلى والجرحى في باريس، سيكون له تأثير طويل الأمد. وأكدت الكاتبة أن خبراء الأمن حذروا كثيرا بعد "شارلي إبدو" من تزايد التهديدات الإرهابية من الجماعات الجهادية العنيفة المتصلة بتنظيم "داعش" أو بالكيانات الإرهابية الأخرى، "لكن شيئا بهذا الحجم، في قلب العاصمة، لم يكن متوقعًا". وتابعت: "فرنسا كانت لسنوات طويلة القوة العسكرية الأكبر الضالعة بشكل عميق في مكافحة الإرهاب، خاصة في منطقة الساحل الإفريقي منذ يناير عام 2013، عندما شنت فرنسا عملية عسكرية في مالي شملت دولا إفريقية مجاورة، وذلك بجانب الضربات الجوية، منذ عام 2014، لمحاربة "داعش" في العراق، وتوسيع الضربات لتشمل سوريا أيضًا". وأوضحت محللة الشؤون الخارجية لدى صحيفة "جارديان" البريطانية، أن المسلمين في فرنسا، أصبحوا يخشون ربطهم بالتطرف والإرهاب، كما أن جماعات اليمين المتطرفة يمكن أن تؤجج مزيدًا من الكراهية. وذكرت أنه بعد حادثة "شارلي إبدو"، قد تم إرسال الآلاف من الجنود الفرنسيين في جميع أنحاء البلاد لتأمين المنشآت الرئيسية والمدارس ومحطات القطارات والمؤسسات، وذلك بعد استهداف الإرهابيين للصحفيين ورجال الشرطة واليهود، في هجمات استمرت على مدى ثلاثة أيام. وتم تنظيم مظاهرة ضخمة في الشوارع، كانت الأكبر منذ تحرر باريس في عام 1944، واعتبرت أن المسؤولين الفرنسيين الآن سيكون عليهم إرسال الإشارات التي قد تمنع هذا النوع من التفكك الاجتماعي والانهيار الوطني الذي يستغله منفذو هذه الاعتداءات. على الساحة الأوروبية الأوسع والغرب، ما حدث في باريس يمكن أن يكون نقطة تحول، والكثير سوف يعتبرونها تذكيرا صريحا للصدمة التي ما زلنا جميعا نعاني من أثرها وهي 11 سبتمبر.