ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    وزير المالية: نعمل على خفض زمن وتكلفة الإفراج الجمركي    غدا.. كامل الوزير يلتقي مع المستثمرين الصناعيين بمحافظة البحيرة لعرض مطالبهم    وزيرة التضامن الاجتماعي: نعمل على تمكين الشباب والسيدات وصغار المنتجين    «الأونروا»: يجب السماح بتدفق الإمدادات إلى غزة دون عوائق أو انقطاع    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    توتر جديد بين واشنطن وموسكو.. ترامب يُهاجم بوتين ويهدد بعقوبات غير مسبوقة    كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟    "كل لحظة ستظل في قلبي".. رسالة وداع من يانكون إلى جماهير الأهلي    التضامن: وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة    «الداخلية»: ضبط 310 قضايا مخدرات و170 قطعة سلاح ناري    ديانا حداد والدوزي يشعلان الصيف بديو "إهدى حبة" (فيديو)    حملة تبرع بالدم بمشاركة رجال الشرطة بالبحر الأحمر    فتح باب القبول بالدراسات العليا في جميع الجامعات الحكومية لضباط القوات المسلحة    أمين الأعلى للشئون الإسلامية: مواجهة التطرف تبدأ من الوعي والتعليم    انطلاق قافلة دعوية مشتركة إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    نقابة المهندسين تبدأ فى تسفير أفواج الحجاج إلى الأراضي المقدسة    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة للمغفرة مكتوب (ردده الآن كثيرًا)    باريس سان جيرمان بالقوة الضاربة فى مواجهة إنتر بنهائي دوري الأبطال    «الرعاية الصحية» تفوز بجائزة العمل المميز في التمريض مناصفةً مع السعودية    «الرعاية الصحية» تعتمد قرارات إستراتيجية لدعم الكفاءة المؤسسية والتحول الأخضر    نائب وزير الصحة يتابع تطوير المنشآت الطبية بالبحر الأحمر ب10 قرارات حاسمة    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    ماسك يكشف عن خلاف مع إدارة ترامب    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    "الشربيني": بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ب"سكن لكل المصريين 5" بنتيجة ترتيب الأولويات    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    أسعار البيض بالأسواق اليوم الجمعة 30 مايو    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    22 مصابًا في انقلاب "أوتوبيس" بالسادات في المنوفية    بعد أنباء رحيله.. كونتي مستمر مع نابولي    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغوة «ميسون صقر» الفائضة
نشر في التحرير يوم 03 - 05 - 2013

تظل التجربة الشعرية عند الكاتبة هى العمود الفقرى لمجمل تجربتها الإبداعية
هل تستطيع أى مختارات أن تجمِل رحلة المبدع؟، وهل تستطيع هذه المختارات أن تدل عليه بقوة؟، والإجابة: نعم، هذا ما فعلته الشاعرة ميسون صقر فى مختاراتها «رغوة القلب الفائضة»، الصادرة حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتعتبر هذه المختارات المنتقاة بعناية فائقة احتفال جيد ومبهج برحلة إبداع طويلة وعميقة وفاعلة، منذ ثلاثة عقود تقريبا، أى منذ صدور ديوانها الأول «هكذا أسمى الأشياء» عام 1983 عن مطبوعات إضاءة 77، حتى صدور ديوانها الجديد «جمالى فى الصور» الصادر عن دار العين، هذه الرحلة الإبداعية المتعددة الوجوه والأشكال، يقف الشعر منها بجدارة، إذ أن الشاعرة خاضت أنواعا أخرى من الإبداع مثل الفن التشكيلى وكتابة الرواية والإخراج السينمائى، ولكن تظل التجربة الشعرية عند ميسون صقر هى العمود الفقرى لمجمل تجربتها الإبداعية، ومن خلال الشعر قالت وباحت وعبرت ميسون عن رؤيتها وفلسفتها فى الحياة عموما، ويظل الشعر هو متنها وظلها الدائم الذى نعرفها جيدا منه، يظل هو غرفتها السرية والمعتمة التى تطلق فيها كل أسرارها، وكل ما تبوح به الروح التواقة والعاشقة للحياة بكل تفاصيلها.
تنقسم المختارات إلى ستة أقسام، القسم الأول منها قصائد حرة، والغالب أنها قصائد حديثة، ولم يتضمنها كتاب شعرى، أما الأقسام الخمسة الأخرى فهى مختارات من دواوين «جريان فى مادة الجسد، وتشكيل الأذى، ورجل مجنون لا يحبنى، وأرملة قاطع طريق، وجمالى فى الصور»، والجدير بالذكر أن الشاعرة استثنت دواوين أخرى من إدراجها فى المختارات، واكتفت بما ذكرناه من دواوين، ولكن المختارات بالفعل استطاعت أن تشير بدقة إلى محطات مهمة فى رحلة الشاعرة، وتكشف عن جوهر هذه الرحلة الشعرية بيسر وسلاسة، وتكثف الرؤية وتبسطها فى آن واحد، فالتجربة الشعرية الممتدة عند ميسون صقر لها ارتكازات فنية ولغوية أساسية، فالصورة ماثلة دوما فى القصائد، الصورة الملموسة والحادة والمتشكلة واضحة تماما، وبعد الصورة تأتى اللغة المعبرة والدالة عن مكنون الموقف ومضمونه، والصورة لا تتحرك فى فراغ أو سديم، إنها تتشكل عبر حياة مجربة، وعبر رؤية ملموسة، والشاعرة تقدم نفسها بطرق مختلفة، وعبر حوارات شاخصة دوما بين تقلبات الروح وتموجات الجسد، هذا الجسد المطروح طولا وعرضا وألما وفرحا وخوفا وتوجسا فى قصائد الديوان كافة، هذا الجسد الطبيعى، والذى خلقه الله ليحيا، وتكبله القوانين لدرجة أن يصبح ظلا وتابعا ومقيدا، الشعر يقول ذلك بدرجات مختلفة بين التلميح والتصريح، بين البسط والتكثيف، بين اللغة المركبة والصورة الحادة المحسوسة، فمرة تقول «أخجل من جسدى إذ يتكور، مكونا قبضة ستلتهمنى، وبانفجر لحظة القبض على تفاصيله، ظلى لا يستوعبنى، ولا يفهم جنونى»، ومرة أخرى تقول «أستطيع لأقوم بأى شىء مثلا، أن أفرد يدى فقط بجانب جسدى وأطير، يمكننى إذن ببعض ضئيل من معرفتى بهذا الجسد أن أكون قناصة جيدة» ومرة ثالثة تقول «كنت أحث هذا الجسد أن يحملنى، ويستجيب لتشكل يناسب هذه الروح التى أكونها لأجله لكنه يحول بيننا وبينه» وفى استطراد تكشف «يتبعنى كظل فى العراء، كأننى خساراتى، وأنا خسارة له»، وبالطبع لا تكف الإشارات إلى هذا الجسد الذى تكتنفه الأفراح والآلام والمآتم، هذا الجسد الذى يصير جثمانا أحيانا، ويصبح جثة فى موقع آخر، إنه رمز للحياة التى تتوزع عبر حركاته ومآلاته المختلفة والمتعددة عموما.
وفى بعض ثنايا ومتون القصائد تقدم الشاعرة نفسها فى أشكالها كافة عبر بطاقات شعرية مكثفة ومكتنزة، وتتسم هذه البطاقات الشعرية بجماليات السرد الشعرى، ومن خلال هذه البطاقات الشعرية يبرز الأب والأم والحبيب والأنا الشاخصة فى كل هؤلاء، ففى قصيدة «أبيض وأسود» نقرأ تفصيلا عن هؤلاء جميعا «كنا نتبادل الصور، صورة أمه مقابل صورة أمى، وصورة أبيه مقابل صورة أبى، وصورته إلى صورتى، أمه متشحة برداء بسيط وعلى رأسها.. لم تظهر الصورة سوى الجزء العلوى من الجسد، أما أمى فكانت تجلس معتدلة على كرسى عريض مذهب، يداها على المسندين كما يليق بأميرة، والصورة تظهرها كاملة»، وسيتضح من خلال هذا السرد الشعرى، الذى يلخّص مفردات لحبيبين من عالمين مختلفين تماما، أن الشاعرة تقدم نفسها ببساطة، وتقدم أمها الأميرة، وتبرز أباها الفارس الذى يئتزر سيفا، كل هذا التعقيد المرسل فى صورة بسيطة، ويصبح الحب جامعا، رغم تشتت العالمين، وربما تنافرهما كذلك، وفى قصيدة «الأيان التى تضيع» نلاحظ أن الأب يأتى بشموخ ليحل فى حياة الشاعرة فتتساءل «لماذا أعيش حياتك، أنت مجرد تراب، وأنا لحم يسير على الماضى» وتستطرد الشاعرة فى سرد أسئلة تبدو محض شخصية، لكننا لو مددنا هذه الأسئلة على استقامتها، ستنطبق على حيواتنا جميعا، وفى نهاية القصيدة تقرر وتجيب «أنسج من تجاربك أبا بديلا، وأحبه»، وبعيدا عن المنهج الفرويدى فى تحليل هذه الأفكار، فكل منا يكرر الماضى ويبحث عنه، ويختار منه مناطق مضيئة وناصعة، وربما يشكلها من جديد، حتى يستطيع أن يحبها وينتمى إليها، هى إذن عقيدة الانتماء التى تطاردنا فى صحونا ونومنا وشعرنا وبحثنا الدائم عن ماض ساطع ومضىء. هذه المختارات التى تحتاج إلى قراءة أعمق وأشمل، تضيف إلى الشاعرة ميسون صقر خطوة جديدة فى ميدان المحبة والإبداع والمغامرة والكشف عن مزيد من الجمال المهدر فى هذا العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.