كتب - أحمد مطاوع كالصاعقة التى سحقت معنويات المغردين فى سماء الفخر، وضربت كبرياء المتحدين على كره مغتصبهم، وخذلت دماء سالت لتسقى تراب الأرض الذى تعطش للكرامة فى نيل النصر.. هكذا استقبل المصريون قرار تصويت مصر لصالح إسرائيل فى لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجى التابعة للأمم المتحدة، لتصبح "أرض النيل.. رمز العروبة" أول دولة عربية فى التاريخ تصوت لصالح الكيان الصهيوني، وهو التحول الذى وصفته الدبلوماسية الإسرائيلية ب"اليوم التاريخى" و"الانتصار الكبير". زاد الأمر سوءًا تبريرات الخارجية المصرية المتأخرة – رغم استشاطة الشارع المصرى - التى أكدت "أن التزام مصر بدعم الدول العربية المرشحة للجنة هو الدافع الرئيسي وراء تصويتها لصالح القرار"، من أجل أن تنضم 3 دول عربية جديدة للجنة وهى قطروالإمارات وسلطنة عمان، بجانب إسرائيل وسريلانكا والسلفادور، خاصة وأن نظام التصويت بالموافقة أو الرفض كان إجمالا على الدول الست معًا وفى ورقة واحدة، وأشارت الخارجية إلى أن الموقف العربى الموحد بالاعترض على نظام التصويت جاء فى بيان مشترك عقب التصويت، وكأنها "محاولة لتحسين ماء الوجهة"، فى الوقت الذى أحرجت فيه دولة نامبيا الإفريقية الجميع برفضها التصويت لصالح القرار، بالإضافة إلى امتناع 21 دولة أخرى - أغلبها دول عربية - عن التصويت. قطر التى كان من الأولى لها التصويت بالموافقة كى تنضم إلى اللجنة الأممية، قررت رفض التصويت لصالح إسرائيل، لتزيد الطين بلة على الخارجية المصرية، والتى كان من ضمن تبريرات أحد دبلوماسييها أن قطر أخلت باتفاقها مع الدول التى قررت التصويت بالموافقة، وهو ما يدرج تحت توصيفات العامة "قطر ضحكت علينا"، ليتحول الأمر داخليًا إلى نفق السياسة والمقارنات ما بين شامت وناقد وصامت، فى الوقت الذى أشارت فيه بعض الأنباء عن التصويت جاء بالأساس لصالح الإمارات. ورغم التاريخ الثرى للدبلوماسية المصرية بالإنجازات والنجاحات، إلا أنها وعلى فترات كان لها مواقف تكاد توصف ب"المخزية" و"المستفزة" في أحيان أخرى، خاصة فيما يتعلق بالعدو الإسرائيلى، نرصد أبرز هذه المواقف فى السطور التالية.. - الموقف الأول "دبلوماسية مبارك" ديسمبر 2003: تعرض وزير الخارجية الأسبق أحمد ماهر، فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، لحادث تدافع داخل المسجد الأقصى بالقدس، نقل على إثره إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية، بعد محاولة الاعتداء عليه من قبل فلسطينيين غاضبين، من زيارته لإسرائيل للمرة الأولى قبل عامين من هذا التاريخ، لإجراء محادثات مع مسؤولين إسرائيلين، حول استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين، وهو ما استفز الفلسطينيين ليضعوا وزير الخارجية المصرى فى موقف مؤسف. - الموقف الثاني "دبلوماسية عمرو موسى" يناير 2009: انتقد الكثير من العرب موقف عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية - آنذاك -، والمحسوب أيضًا على الدبلوماسية المصرية، عندما ظل جالسًا بعد انسحاب رئيس وزراء تركيا -وقتها -، رجب طيب أردوغان، من جلسة المؤتمر الاقتصاد العالمي بدافوس، التى جمعته بموسى والرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، احتجاجًا على منعه من التعليق على حديث الأخير، بشأن كلمته عن العملية الإسرائيلية فى قطاع غزة والتى اتهم فيها أردوغان إسرائيل بأنها تعلم كيف تقتل الأطفال، لينسحب أردوغان ويترك عمرو موسى مقعده ليصافحه، ثم يعود إلى مقعده مرة أخرى لمواصلة الجلسة، وهو الأمر الذى استفز الشعوب العربية وقتها، ليدور جدلًا لم ينتهى حتى وقتنا هذا، حول عدم إنسحاب وزير خارجية مصر الأسبق هو الآخر. - الموقف الثالث "دبلوماسية مرسي" أكتوبر 2012: أثار خطاب اعتماد السفير المصري الجديد في إسرائيل عاطف سالم، والذي سلمه للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، والموقع عليه من الرئيس السابق محمد مرسى، استفزاز الشعب المصرى والعربى، إذ استهلت بدايته ب" صاحب الفخامة السيد شيمون بريز رئيس دولة إسرائيل.. عزيزى وصديقى العظيم". الخطاب الذى ظهر فيه أيضًا توقيع وإمضاء وزير الخارجية محمد عمرو كامل، وكذلك توقيع رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، تمنى فيه الرئيس السابق مرسى، السعادة لبريز والرغد لإسرائيل، مبديًا رغبته في "تطوير علاقات المحبة التي تربط البلدين، وتعهد أن يبذل السفير الجديد صادق جهده، طالبًا من بيريز أن يشمله بعطفه وحسن تقديره"، قبل أن يختتم الخطاب ب"صديقكم الوفي محمد مرسي". لتسود حالة من الثورة والفوران بالشارع المصرى آنذاك، رفضًا لهذا الخطاب وصيغته قبل أن تصفه الخارجية وقتها بأنه روتيني ومعمول به في جميع دول العالم، تزاداد الأجواء استفزازًا. - الموقف الرابع "دبلوماسية السيسي" سبتمبر 2015: قوبلت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام اجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التى انعقدت في نيويورك، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأن عاصمتها القدسالشرقية، باستهجان كبير فى العالم العربى وخصوصًا داخل مصر، حيث وصفها البعض بالتتنازل عن القضية الفلسطينية. وقال السيسي فى كلمته: "إن تسوية تلك القضية وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها (القدسالشرقية) سوف يقضي على أحد أهم عوامل عدم استقرار المنطقة.. وإحدى أخطر الذرائع التي يتم الاستناد إليها لتبرير أعمال التطرف والإرهاب". وجاء ذلك الموقف مباشرة، قبل الموقف الخامس والأخير بالتصويت لإسرائيل، الذى أثار استفزاز العالم العربى بأجمعه، ووضع دبلوماسية الرئيس السيسي فى حالة من المقارنة مع سابقيه، خاصة وأن قرار تصويت مصر لصالح العدو الصهيوني فى إحدى لجان الأممالمتحدة كان الأول من نوعه من جانب دولة عربية في التاريخ.