يتمتع البرلمان المقبل بحكم الصلاحيات التي منحها إياه الدستور، بنفوذ لم يحظ بها أي برلمان من قبل.. صلاحيات من شأنها أن تؤثر على استقرار السلطة التنفيذية، وتهدد نفوذها وصلاحياتها، ما يدفع السلطة التنفيذية لمحاولة التأثير على تشكيله واتجاهاته التشريعية، باستخدام أكثر من حيله وأسلوب. يستعرض "البرلمان"، دوافع وأسباب السُلطة التنفيذية للتأثيثر على تشكيل البرلمان المقبل "برلمان 2015"، وإخراجه بشكل محدد، بالإضافة للوسائل المستخدمة لتحقيق ذلك:
دوافع السلطة التنفيذية للتأثير على شكل البرلمان المقبل أقرّ دستور 2014 عددًا من الصلاحيات لمجلس النواب المقبل والتي من شأنها تهديد استقرار السلطة التنفيذية، فقد سحب الدستور من السلطة التنفيذية العديد من الصلاحيات ووضعها فى يد نواب المجلس النيابي، ما أثار مخاوف لدى النظام بأن يسير البرلمان المقبل وفق اتجاهات ورغبات فصيل معين، يسيئ استخدام تلك الصلاحيات، ويهز استقرار السلطة التنفيذية، من تلك الصلاحيات: ** عدم أحقية رئيس الجمهورية في إعفاء رئيس الوزراء والوزراء من مناصبهم إلّا بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان، ولا يجوز له أي تعديل وزاري إلّا بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ** يمكن لثلثيّ أعضاء البرلمان، الدعوة لاستفتاء شعبي للتصويت على سحب الثقة من رئيس الدولة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ما يمثل تهديدًا حقيقيًا لرأس السلطة التنفيذية. ** يملك البرلمان سلطة تمرير تشكيل الحكومة، وفي حالة رفضه للتشكيل المقترح من رئيس الجمهورية، يشكّلها ائتلاف الأغلبية داخل المجلس، وله "البرلمان" الحق في سحب الثقة منها. ** لثلثي أعضاء البرلمان أيضًا الحق في اتهام رئيس الدولة بالخيانة العظمى، أو انتهاك أحكام الدستور، أو ارتكاب أي جناية أخرى، ما يترتب عليه عزله مؤقتًا، لحين البت في حقيقة الاتهامات من جانب السُلطات المختصة. كل ذلك يشكّل قيودًا على عمل الحكومة والرئيس، ويهدد استقرارها، ما دفع السلطة التنفيذية لاتخاذ احتياطها؛ لضمان عدم إطاحة البرلمان المقبل بها. وسائل السلطة التنفيذية للتأثير على تشكيل البرلمان استخدمت السلطة التنفيذية عدة أوراق لضمان إحكام سيطرتها على تشكيل البرلمان المقبل، كان في مقدمتها اختبار مدى جاهزية الأحزاب والقوائم للمنافسة في الانتخابات البرلمانية، ومعرفة المرشّحين المحتملين الحزبيين والمستقلين، فجاءت عملية الدعوة السابقة لإجراء الانتخابات في مايو الماضي، بمثابة نموذج محاكاة للانتخابات البرلمانية، وهو ما ساعد في التعرّف على مرشّحي الأحزاب والمرشّحين المستقلين، كما سادت حالة من الارتباك بين الأحزاب عقب تأجيل الانتخابات، وإعادة تقسيم الدوائر، حيث تفجّرت بعض الأزمات الداخلية في أحزاب "الوفد، والحركة الوطنية، وتيار الاستقلال". أيضًا عانت أغلب الأحزاب من فقدان بعض مرشّحيها، وتوجّههم نحو الترشّح كمستقلين أو على قوائم أحزاب أخرى، ويعد ذلك مؤشرًا هامًا على حالة الأحزاب من ناحية الجاهزية لخوض الانتخابات، ودرجة الالتزام الحزبي لدى المرشّحين، وظهرت أيضًا الخلافات داخل القوائم وعانت حالة من التفكك والانشقاق والصراع، ما يعد مؤشرًا قويًا على ضعف تكوينها، وعدم جاهزيتها لخوض السباق الانتخابي. وجاء إعلان رئيس الجمهورية دعمه لتشكيل قائمة وطنية موحّدة تخوض الانتخابات، ليفتح الطريق لتكوين ظهير سياسي للسلطة التنفيذية داخل البرلمان، فظهرت قائمة "في حب مصر" كقائمة وطنية موحّدة، وعرفت منذ ذلك الحين بقائمة الدولة. ثاني أوراق السلطة التنفيذية للضغط على البرلمان المقبل، إمكانية حلّه من خلال تحرير المحكمة الدستورية من المواعيد المُلزمة لنظر الدعاوى والطعون الخاصة بقوانين انتخابات مجلس النواب، بما يتيج إجراء الانتخابات قبل الفصل في الطعون المتعلقة بقوانين الانتخابات، وهو التعديل الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليلغي به قرار سلفه عدلي منصور، الخاص بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، وذلك في خطوة كانت تستهدف تحصين مجلس النواب المقبل ضد الحل.