اعتبر المحلل السياسي الأمريكي "إتش إيه هيللر" أن "الإقبال الضعيف على المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر ربما يكون هو "المطلوب من وجهة نظر القاهرة"، لإظهار أن المصريين أكثر دعما لرئيسهم، غير أنه حذر من مستوى التشرذم الذي من المرجح أن يترتب على ذلك في هذا البرلمان، موضحا أن إقبال الناخبين الكبير يضفي "مستوى من الشرعية الشعبية على أي هيئة تمثيلية حتى تكون قادرة على مواجهة ومحاسبة السلطة التنفيذية". وفي مقال بعنوان "الانتخابات المصرية: لماذا قد ترحب الحكومة بضعف إقبال الناخبين" نشرته صحيفة "جلوب آند ميل" الكندية، اليوم الإثنين، قال الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إنه للمرة الثامنة خلال 4 سنوات يذهب المصريون هذا الأسبوع إلى صناديق الاقتراع، وستكون المرة العاشرة إذا تم احتساب انتخابات الإعادة، لكن السمة شديدة الوضوح هذه المرة يبدو أنها الاستياء العام: اللامبالاة بشكل كبير بالممارسة الرسمية للعملية الديمقراطية. وأوضح إلى أنه "خلافا للانتخابات البرلمانية السابقة عام 2011 التي استقبلها المصريون بحماس وإثارة، فإن هذه الانتخابات التي تجري في بلد ظل بدون مجلس تشريعي لمدة 3 سنوات، ينظر إليها على النقيض تماما وسط حالة من الملل والفتور، ولذلك جاءت استجابة الناخبين سيئة إلى حد كبير، وربما يكون هذا الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في هذه الانتخابات". وأشار إلى أن الإقبال كان منخفضا بشكل رهيب، حيث شهد اليوم الأول من المرحلة الأولى للتصويت أول من أمس الأحد نسبة مشاركة حوالي 15%، ولم يدع أحد، حتى الدولة نفسها، خلافا لذلك. ولفت إلى أن المشاركة الإجمالية في الانتخابات البرلمانية عام 2011 بلغت 54%، لذلك فإن الإقبال الضعيف في عام 2015 للمنافسة على 596 مقعدا في مجلس النواب، سيأتي بنتائج عكسية لرغبة الدولة في تصوير البلاد على أنها تستأنف مسار الديمقراطية، بعد تعليق العملية الديمقراطية عام 2013. ومضى قائلا: "من المؤكد أن الحكومة كانت تحتاج إلى الإعلان عن إقبال واسع، حتى يمكنها أن تؤكد أن كل انتقادات جماعات حقوق الإنسان الدولية والمصرية بشأن الانتخابات لا أساس لها من الصحة". وأشار إلى أن "القاهرة نجحت بالفعل في أن تصبح مقبولة تماما على الساحة الدولية. وقد تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأممالمتحدة مرتين، ومصر حصلت الآن على مقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ كما زار القادة الأوروبيون مصر، وكذلك، زار السيسي عدد من العواصم الأوروبية وسيتوجه إلى لندن في نوفمبر المقبل. غير أنه استدرك بالقول إن "مصر لديها سجل حقوق الإنسان سيئ على الرغم من ذلك- وهناك العديد من الانتقادات المشروعة والحقيقية التي يتعين اتخاذها في هذا الصدد - القاهرة ليست دولة منبوذة على الساحة الدولية. ولا تتطلب مشاركة كبيرة في الانتخابات البرلمانية من أجل المضي قدما في هذا الشأن". وأضاف: "على العكس من ذلك، فإن القيادة في القاهرة ربما تنظر إلى الإقبال الضعيف بشكل إيجابي للغاية" وأوضح أنه "في أي ديمقراطية سليمة، يجب أن يكون إقبال الناخبين كبيرا لإضفاء مستوى من الشرعية الشعبية على أي هيئة تمثيلية حتى تكون قادرة على مواجهة ومحاسبة السلطة التنفيذية". وتابع: ولكن مصر بشكل واضح ليست ديمقراطية سليمة، والرئيس أظهر في عدد من المناسبات أنه يرى البرلمان على أنه ربما يملك صلاحيات لا يجب أن تمارس في زمن "أزمة"، مثل ما تمر به مصر حاليا في "حربها على الإرهاب"، على حد قوله. ورجح أن "الإقبال الضعيف، قد يكون هو المطلوب من وجهة نظر القاهرة"، مبررا ذلك بأن مشاركة أقل مما كانت عليه في انتخابات الرئاسة في مايو 2014، حيث شارك 47% من الناخبين في الاقتراع، صوت أكثر من 95% منهم لصالح السيسي؛ من شأنها أن تؤيد الرأي القائل بأن المصريين هم أكثر دعما لرئيسهم من حفنة من الساسة المتشاجرين في البرلمان. وارتأى أن مستوى الانقسام الذي من المرجح أن يترتب على ذلك في هذا البرلمان ربما سيعطي بالتأكيد مصداقية لهذا الرأي. واختتم بقوله: "للأسف، لا شيء من هذا يعني أن الإصلاحات الهامة فيما يتعلق بالحقوق الأساسية، والاقتصاد، وقطاع الأمن، التي كانت تحتاج مصر أن تصبح مستدامة وصحية حقا، من المرجح أن تبدأ في أي وقت قريب"، على حد تعبيره.