أعماله تحتاج إلى سيناريست غير عادي لتحويلها لعمل فني.. و"حكايات الغريب" جعل المشاهد شريكًا في عملية التلقي تحدثت المخرجة إنعام محمد علي عن التجربة التي جمعتها مع الأديب الراحل جمال الغيطاني، من خلال فيلم "حكايات الغريب، مؤكدة أن أعمال الغيطاني مزجت بين الرمزي والواقعي. وتقول علي ل"التحرير" إن الغيطاني قدم في الفيلم الخط الواقعي من خلال بطل الفيلم الذي كان يعمل سائقًا في جريدة الأهرام ويوزع الصحيفة داخل مدينة السويس، وارتبط بصداقات مع أهل المدينة نتيجة لعمله اليومي، لكنه اختفى هو وسيارة الجريدة في وقت الحصار في غضون حرب السادس من أكتوبر، ما جعل الجريدة ترسل اثنين من موظفيها للبحث عن السيارة. وتضيف: "أما الجزء الرمزي في الفيلم هو تحويل هذا الرجل إلى بطل شعبي رُوت عن أساطير وحكايات كثيرة خيالية، وأسموه (الغريب) نسبة إلى شخص غريب دخل المدينة منذ زمن سحيق وحارب مع أهلها". وكشفت مخرجة الفيلم عن أنها كانت مهمومة في تلك الفترة بالبحث موضوع تستطيع من خلاله مخاطبة الأجيال الصغيرة التي لم تعاصر الحرب، خاصة وأن قطاع الإنتاج في التلفزيون لم يقدم أي عمل عن حرب أكتوبر حتى عام 1991، وتوضح: "بحثت عن موضوع إنساني من الدرجة الأولى يدور في نفس الفترة الزمنية للحرب، ووجدت ضالتي في قصة (حكايات الغريب) داخل مجموعة قصصية للكاتب جمال الغيطاني والتي تنتمي إلى أدب الحرب، فالغيطاني كان مراسلًا حربيًا لجريدة الأخبار في وقت حرب أكتوبر وتشبع من خلال عمله بالعديد من الحكايات التي حولها فيما بعد إلى مجموعة من القصص المتعددة قدمهم في مجلدين". وتري علي أن قصة الفيلم كشفت النقاب عن الروايات الشعبية التي تم تداولها حول هذه الشخصية، والتي وصل بعضها إلى الاعتقاد بأنه شخص خارق له تجليات وكرامات، وأضافت أنها اتفقت مع السيناريست محمد حلمي هلال على تحويل القصة من واقعة تخص شخص واحد إلى قصة تسرد فيها جزء من تاريخ مصر منذ عام 1967، وما حدث للمجتمع المصري من متغيرات بعد النكسة وحتى قيام حرب أكتوبر ثم ما بعد فك الحصار عن مدينة السويس في منتصف مارس عام 1975، وهو التاريخ الذي وصلت فيه بعثة جريدة الأهرام للبحث عن السيارة المفقودة. وتقول: "يتضمن الفيلم كل ما ورد في قصة الغيطاني لكننا لمن نختر نهاية للفيلم وتركنا للمشاهد حرية الانطباع والبحث عن مغزى الأحداث، سواء كانت أفكار هذا الغريب وبطولاته التي أصبحت غريبة في هذا العصر، أم أنه يشير إلى فكرة الأبطال الذين شاركوا في حرب أكتوبر والنصر ولكن غيرهم من حصد الغنائم". وترى مخرجة "حكايات الغريب" أن الفيلم كان ثريًا بالأحداث وتداخل الأزمنة والمشاهد، مؤكدة أن هذا الثراء والتأثير الذي تركه الفيلم عند الجمهور يعود الفضل فيه إلى قصة الغيطاني التي استلهمت منها التيمة الأساسية للفيلم. وعن قلة أعمال الغيطاني الأدبية التي تحولت إلى أعمال فنية، قالت إن روايات الغيطاني تحتاج إلى سيناريست غير عادي لتحويلها إلى عمل فني لأنها تمزج بين الرمزي و الواقعي، لذلك تحتاج إلى سيناريست على قدر كبير من العمق والثقافة وفهم أدب الغيطاني جيدًا.