لا أدرى هل يعى الإخوان ما يفعلونه فى الأمة المصرية، ويعرفون مدى خطورة هدم الدولة ومحاولة بناء دولة جديدة هى دولة الإخوان وهى دولة الخلافة الإسلامية الإخوانية، أم لا! ليس هكذا تُبنَى الأمم، بل هكذا تنحدر وتخرج من التاريخ لعقود لا يعلم إلا الله متى تعود لطبيعتها. مصر دوما على مدار تاريخها تمر بتلك المراحل. تخرج من التاريخ الحضارى وتكاد تموت ثم يعيدها القدر إلى ما كانت عليه، قوة ونفوذًا وقيادة. الإخوان ورئيسهم المندوب السامى الأمريكى فى القاهرة يعبثون بأصول الدولة المصرية. يهدمونها ظنًّا منهم أن تلك الخطوات هى الأولى فى تحقيق هدفهم فى بناء دولتهم. ويظنون أن الأمريكان يوافقون على ما يفعلون ما لم تهدَّد مصالحهم. ويعتبرون السعودية مثل، فهى الدولة الحليف فى المنطقة العربية، والاتفاق التاريخى الشهير، لكم البترول ولنا الأمان. وتترك البلاد من داخلها يفعلون بها ما يشاؤون. المهم أن المصالح الأمريكية والإسرائيلية لا تُمَسّ مهما كان الثمن. الإخوان يظنون أنهم يسيرون على نفس النهج ويملكون ورقة «حماس» لمنع أى اعتداء على شبر واحد من إسرائيل. وما يفعله الإخوان بعناصر «حماس» لا يدركون خطورته. فالقضية الفلسطينية ستفقد أهم عواملها وهو التعاطف الشعبى المصرى. الآن الناس تخلط ما بين أهل غزة وإخوان غزة. يخلطون ما بين القضية الفلسطينية و«حماس». فقدوا كل تعاطف مع القضية الفلسطينية. بل وصل الأمر إلى كره كل ما هو فلسطينى على أرض مصر. الجماعة لا تفكر لا فى الدولة المصرية ولا فى القضية الفلسطينية. أهل غزة والفلسطينيون ليسوا «حماس» ولا كتائب عز الدين القسام. القضية أكبر وأعمق من هؤلاء. كما أن تدخُّل «حماس» فى مصر بهذه الطريقة خطر كبير على سلامة المصريين. فعدد الحمساويين فى مصر يزداد يوما بعد يوم وبطاقات الرقم القومى التى تخرج لهم وعمليات التجنيس الدائرة عليهم هى الأخرى تزداد يوما بعد يوم. فلهم يد قذرة فى كل أحداث الدم التى تتم فى مصر منذ اندلاع الثورة باقتحام السجون وإحراق أقسام الشرطة وحتى الآن. يكفى أن الحرس الخاص القريب من مرسى هم عناصر مدربة من «حماس»، وهم الدائرة المغلقة حوله وحول خيرت الشاطر. والأخطر هو وجود عناصر من قياداتهم فى مصر تقوم بعمل اجتماعات تدريبية دورية لشباب الإخوان، يعلمونهم فيها فنون الاستخبارات، وأهمها الفرق ما بين الخبر والمعلومة، وفنون المراقبة وكذلك التدريب على فنون القتال واستخدام الأسلحة البيضاء والخفيفة والثقيلة. الدروس بدأت مع الشباب الإخوانى بشرح تجربة كيفية القضاء على منظمة فتح الفلسطينية، وكيف قاموا بعمل بطولى وتاريخى فى تلك القضية. الاجتماعات تتم فى بيوت مختلفة من بيوت الشباب الإخوانى مع عرض أفلام مصورة وصور وخرائط. الاجتماعات تتم بصفة دورية ويتم اختيار عناصر محددة من شباب الإخوان ليتلقوا التعليم الخاص منهم ويقوم محمود عزت بمهمة الاختيار. وقد وصل الفُجر الإخوانى إلى أقصاه فى الدفاع عن «حماس» فى مذبحة رفح الشهيرة. فقد طلبت إحدى الجهات السيادية تسليم اثنين من عناصر «حماس» لهما يد فى المذبحة ورفضت «حماس» ورفضت الرئاسة تسليمهما. ووصل الأمر إلى أن قامت الرئاسة بعزل اثنين من الضباط العاملين فى الملف ونقل ثلاثة إلى إدارات أخرى بعيدة عن ملف القضية الفلسطينية وبالتحديد فى ملف «حماس»، وهو السر فى هجوم كل من أبو العلا ماضى ومحمد البلتاجى عليهم وضاعت القضية أو فى طريقها إلى الضياع ما لم يُتخذ إجراء أمر آخر فى ظروف أخرى تكون مواتية للرد وأخذ ثأر الشهداء. فالأرض لا تشرب الدم، ولا بد من يوم حساب. إننا أمام مهزلة لا مثيل لها. الإخوان يعبثون بالأمن القومى المصرى تحت حجج واهية. والاستعانة بعناصر «حماس» وكتائب عز الدين القسام خطر لا مثيل له. وكلما سألت قيادة إخوانية عن سر الاستعانة بهم قالوا لك إنهم لا يثقون بأى جهاز أمنى فى مصر، فكل الأجهزة الأمنية لا ولاء لها للإخوان، بل هم لا يثقون بالحراسات الخاصة التى تحيط بالرئيس ويرون أن الإخوان يتعرضون لهجوم ضارٍ من مؤسسات الدولة وأجهزتها. وقد قاموا بمراقبة كل الأجهزة ومراقبة عملها ومراجعتها بما يقوم به جهاز مخابرات الإخوان ووجدوا أن هناك تقصيرًا متعمدًا وتضليلًا كبيرًا فى المعلومات، لذلك يستعينون بعناصر ولاؤها الوحيد للمرشد العام فى مصر. ثم تفاجأ بقول يصدمك، ويوضح لك كيف يفكر ويخطط هؤلاء، يقولون لك: «ومالهم (حماس)؟ أليسوا إخوانا لنا فى الإسلام؟»، وهى نفس الحجة التى سيطلقونها عندما يُعطَى جزء من سيناء لهم، فهم كما يقولون إخوان فى الإسلام، ولا ضرر ولا ضرار. الأمر جد خطير، ولا بد أن يتخلى الإخوان عن الاستقواء بالعناصر المسلحة من «حماس»، فالحرب الأهلية قادمة لا محالة، وهى الحرب التى ستدخلها «حماس» بالوكالة، والخاسر الوحيد هو الشعب المصرى. وحده سيدفع الثمن غاليا من حمَّامات الدم، فهم يقتلون بلا رحمة. يقتلون شبابًا لا يعرفونهم ولا يوجد صلة جغرافية أو تاريخية أو إنسانية تربطهم بهم. القتل سيكون بلا اختيار وبلا رحمة. معهم أحدث الأسلحة، ومدربون وينتظرون الأمر ليقلبوها نارا مستعرة. لكِ الله يا مصر...