عشية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى روسيا، أعرب وزير الصناعة والتجارة، منير فخرى عبد النور، عن اعتقاده بإمكانية توقيع عقد إنشاء محطة الضبعة النووية خلال زيارة الرئيس فى الفترة من 25 إلى 27 أغسطس الحالى. وكان الجانبان المصرى والروسى يدليان بتصريحات فى هذا الصدد، تشير إلى أن المفاوضات والمباحثات جارية بين القاهرةوموسكو لتدشين البنية التحتية للمشروعات النووية السلمية فى مصر، وذلك فى إطار اتفاق واسع للتعاون فى مجال الطاقة النووية. التصريحات المتفائلة، وإن كانت ترفع سقف التوقعات، تبرر نفسها، لأن ما يجرى فى الواقع قريب فعليا من هذه التصريحات المتفائلة من الطرفين المصرى والروسى، إذ إن المفاوضات تجرى فعليا بصورة إيجابية حول بعض الجوانب المتعلقة بالتمويل والتنفيذ والآليات الأخرى المرتبطة بمثل تلك المشروعات الحيوية والاستراتيجية. مصادر قريبة من الوكالة الروسية للطاقة الذرية تتحدّث بثقة حول الإرادة السياسية لقادة البلدين فى هذا الاتجاه، وتؤكد أيضا أن روسيا هى الأقرب للمشروع، وقد يتم إنجازه بواسطة روسيا على غرار التسهيلات التى قدمتها موسكو لنيودلهى مع بداية انطلاق المشروع النووى الهندى فى أواسط السبعينيات من القرن الماضى. المشروعات النووية والذرية، سواء العسكرية أو السلمية، تتعرض دائما لمنافسات دولية، تقترب من الصراعات، وربما المواجهات الخفية بين الشركات الكبرى ومراكز القرار الدولية المتنفذة وأجهزة الاستخبارات. وبالتالى، فالاتفاق على مثل هذه المشروعات لا يتم بين يوم وليلة، ولا يبدأ بمجرد الاتفاق أو التوقيع على عقود، ولا يتم الإنجاز بالسرعة التى يتصورها البعض. ببساطة، هذه المشروعات عادة ما تكون مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالسياسة الدولية والتقسيمات الجيوسياسية. فى هذا الصدد تحديدا، هناك ثقة متبادلة بين القاهرةوموسكو، على الرغم من الصراعات الدائرة حول هذا المشروع من قبل أطراف أخرى من مصلحتها إعاقة المشروع أو المشاركة فيه لكى لا تترك روسيا تتصرف بمفردها فى مشروع ضخم ومصيرى بالنسبة إلى المصريين ولدولة إقليمية كبرى فى الشرق الأوسط. وفى كل الأحوال، وعلى الرغم من التصريحات الكثيرة، التى تبدو متناقضة، حول مشروع إنشاء محطة كهروذرية فى الضبعة، فإن المفاوضات جارية، والقاهرة تراعى جميع الجوانب، لكى لا يتعطل المشروع لهذا السبب أو ذاك عند الشروع بتنفيذه. على صعيد التعاون المصرى- الروسى فى المجالات الأخرى، فالمنطقة الصناعية الروسية بالقرب من قناة السويس قيد التفاوض، والمؤشرات مبشرة للغاية، بينما مشروع منطقة التجارة الحرة يجرى الحديث بشأنه فعليا بين مصر وبين الاتحاد الاقتصادى الأوراسى الذى يضم عدة دول أخرى إلى جانب روسيا. لقد أشار الرئيسان المصرى والروسى فى مؤتمرهما الثنائى عقب المحادثات فى موسكو إلى جملة من المشروعات المهمة، وربما ليست هذه هى السابقة الأولى التى لا يتحدث فيها رئيسا دولتين بالتفصيل فى المشروعات. هذا التقليد غير موجود أصلا فى البروتوكولات الدولية والدبلوماسية. إن الحديث باستفاضة، وحول الأمور التقنية، والقضايا المالية ليس من اختصاص الرؤساء، وإنما من اختصاص الخبراء والمتخصصين واللجان العاملة مباشرة فى مختلف المشروعات، وبالذات المشروعات الحيوية والاستراتيجية. وعادة ما تلتزم الدبلوماسيتان المصرية والروسية بالاقتصاد فى التصريحات، والإدلاء بالمعلومات، حفاظا على مستوى التوقعات من جهة، والتزاما بالصمت الإيجابى اللازم فعليا للبحث والتفاوض والاتفاق، أو حتى الاختلاف وفقا لمعايير دبلوماسية لبقة بعيدة عن الاتهامات والصوت العالى والفرقعات الإعلامية. السفير الروسى فى القاهرة سيرجى كيربيتشينكو، أكد أن إنشاء المحطة النووية الأولى فى مصر سيكون خلال زمن قياسى، موضحا أنه بحلول عام 2018 سيكون المشروع فى مرحلة متقدمة من التنفيذ. وقال السفير الروسى، فى تصريحات على هامش القمة المصرية الروسية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، إن مشروع إقامة محطات الطاقة النووية فى مصر مشروع ضخم، وهناك خطوات إدارية تتخذ من الجانبين المصرى والروسى لنقل التكنولوجيا الروسية لمصر وتدريب الكوادر المصرية، وهى أمور ضرورية لإنجاح المشروع، مؤكدا أن روسيا ستقدم تسهيلات فى التمويل. من جانب آخر، أضاف السفير الروسى فى القاهرة أن مشروع تموين السفن مشروع قائم وعملى، وستتولى شركة «روسنفط» الروسية إقامته بمحور قناة السويس.