وسط حصار هجمات "داعش"، والحرب في اليمن، والمخاوف المتزايدة بشأن النفوذ الإيراني، يبدو أن القيادة السعودية الجديدة تسير على غير هدى، حسب مقال بعنوان "من الذي يوجه آل سعود؟"، نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، قال فيه الكاتب سايمون هندرسون، إن الفروع المحلية لتنظيم "داعش" في المملكة العربية السعودية اتضح أنها لا تميز في اختيار أهدافها. وهندرسون هو زميل بيكر في معهد واشنطن، ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج. في مايو الماضي، تعرض مسجدان تابعان للشيعية في المنطقة الشرقية لهجومين، ما أسفر عن مقتل 26 شخصا، وفي 6 أغسطس الجاري، فجر التنظيم مسجدا سنيا جنوبي غرب المملكة، على مقربة من الحدود اليمنية، ما أسفر عن مقتل 15 شخصا معظمهم من رجال الأمن. وهذا بحسب الكاتب، "تنبيه إلى أفراد العائلة المالكة، بأنه بينما يشاركهم داعش مشاعرهم المعادية للشيعة، فإنه يبغض أيضا آل سعود، وكل شيء يمثلونه"، كما أنه "تذكير بأن حملة المملكة الجارية ضد التنظيم ستستمر". والشهر الماضي، أعلنت السلطات السعودية القبض على 431 شخصا يشتبه بانتمائهم للتنظيم. وأشار الكاتب إلى أنه "على الرغم من أن الغالبية العظمى من مواطني المملكة الذين يبلغ عددهم قرابة 27 مليون ربما يفضلون قيادة الملك سلمان على الفوضى التي اجتاحت العالم العربي منذ عام 2011، فإن جزءا لا يستهان به من الشباب السعودي يستلهم على ما يبدو الأفكار الجهادية التي ُيلقنها باستمرار عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، ويجد أن حماسة الشباب في كثير من الأحيان لا يدينها المجتمع السعودي. واعتبر أن تفجيرات مساجد السعودية هي مؤشر واحد فقط على تصاعد الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة، وكثير منها له صلة حقيقية أو متوهمة مع إيران. وكان رد الرياض الأكثر وضوحا، هو جمع رسائل الدعم والمواساة من الحلفاء - في حين ربما تتساءل أي مشتبه بهم معتادين ستجمع شملهم هذه المرة. ورأى أنه مهما كان الإجراء، فإنه لابد من أن ينظر إليه على أنه يوحد بدلا من أن يقسم البلاد. وتحقيق هذا التوازن سيكون تحديا من نوع خاص إذا كان هناك المزيد من الحوادث التي تنسب إلى داعش، أو أي مؤشر على الانتقام من جانب السكان الشيعة في المملكة. ولكن، وفقا للكاتب، ليس من الواضح أن قيادة المملكة على مستوى المهمة – فيما يتعلق بسلسلة الهجمات الإرهابية على أراضيها أو المشاكل الأخرى التي لا تعد ولا تحصى التي تواجهها. ولفت إلى أن ملك البلاد لا يمكنه حتى أن يخطط لقضاء إجازة على نحو ملائم: الأسبوع الماضي، تبين للملك سلمان فيما يبدو أنه يكره جنوبفرنسا، على الرغم من إخلاء الشاطئ العام الذي تطل عليه فيلته التي يقضي فيها عطلته من الفرنسيين، ثم رحل مع أكثر من 600 شخص من حاشيته إلى قصره في المغرب. على الجبهة الداخلية، في غضون ذلك، فإن الحكم في يد ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الابن المفضل للملك، وعراب سياسات الملك. لكن، العلاقة بين محمد بن نايف، ومحمد بن سلمان أثارت الكثير من الجدل في دوائر السياسة الخارجية في جميع أنحاء العالم. وليس هناك شك في أن العاهل السعودي يريد أن يصبح محمد بن سلمان ملكا يوما ما؛ والسؤال الوحيد هو ما إذا كان سُيسمح لنايف بشق طريقه إلى الحكم بين الرجلين. والعديد من المراقبين السعوديين يعتقدون في الوقت الراهن أن الملك سلمان سيعلن تقاعده، ويعلن أن محمد بن سلمان قد حل محله- نظام الخلافة في حالة تغير مستمر، والقاعدة الصارمة الوحيدة يبدو أنها هي أن رغبات الملك ذات أهمية قصوى. ولكن هناك معلومات متضاربة بشأن ما إذا كان التنافس قائما بين الأميرين، حيث يقول البعض إن محمد بن نايف -أو على الأقل رجال الحاشية الذين سيخسرون في هذه المناورة- يخطط لارتقائه العرش، الذي سيهمش ابن عمه الأصغر سنا، بينما تقول تقارير أخرى من أجانب تعاملوا معهم، مع ذلك، إن الخصمين يمكنهما أن يعملا في الواقع بشكل جيد كفريق. وسيتم اختبار هذه الشراكة بشكل متزايد في الأشهر المقبلة، حيث يتحمل الرجلان عبء دفع المؤسسة العسكرية السعودية التي غالبا ما يسودها انقسامات للعمل نحو هدف مشترك: محمد بن نايف وهو أيضا وزير الداخلية المسؤول عن الأمن الداخلي، ومحمد بن سلمان وهو وزير الدفاع، وبالتالي القائد الفعلي للجيش السعودي والقوات الجوية، والبحرية. وعادة، لا تعمل وزارة الداخلية السعودية والجيش معا بشكل جيد. وهناك قوة ثالثة هي الحرس الوطني السعودي بقيادة الأمير متعب بن عبد الله، الذي تضاءلت طموحاته ليصبح ملكا عندما توفي والده قبل 6 أشهر، وتلاشت تماما عندما عين الملك محمد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد في أبريل الماضي. ومتعب الذي ينظر إليه باعتباره حليفا لمحمد بن نايف، يتشبث بدوره في الحرس الوطني على الرغم من التقارير التي تفيد بأن محمد بن سلمان يريد ضم القوة القبلية بالأساس إلى القوات البرية السعودية، ما يجعل متعب بلا عمل. غير أن حملة اليمن هي المشكلة الأكثر إلحاحا التي تواجه فريق الأمن القومي الجديد للمملكة، حيث فشلت الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودي، التي بدأت في مارس في إلحاق الهزيمة بالمتمردين الحوثيين، وحولت الوضع إلى لعبة توجيه ضربات ضد قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما أصاب المدنيين الأبرياء بأضرار جانبية ضخمة. ولكن حكومة الرئيس المنفى عبد ربه منصور هادي قد استعادت مؤخرا السيطرة على مدينة عدن الساحلية الجنوبية، التي تقدم منها شمالا تشكيل دبابات إماراتي في وقت سابق من هذا الاسبوع. لكن تحالف صالح-الحوثي لم يتأثر، ودعا الزعيم السابق في مقابلة لموقع "هافينجتون بوست" العربي هذا الأسبوع، إلى تقديم هادي للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. دور دولة الإمارات، وهي اللاعب الوحيد البارز الذي انضم إلى التحالف الذي تقوده السعودية، قد غير مجرى الحرب، فهي تعمل انطلاقا من قاعدة أمامية في إريتريا، وكان السلاح المفضل للقوات الإماراتية من الحرس الرئاسي حقائب الأموال، لأنهم يحاولون رشوة القبائل المحلية في جنوب اليمن للقتال ضد الحوثيين. وبشكل مقلق، تم أيضا تجنيد عناصر القاعدة في صفوف المقاتلين. "سكان عدن لا يقاتلون" كان ذلك هو التفسير اللاذع الذي برر به مسؤول يمني رفيع سابق سبب الحاجة لتنظيم القاعدة، لترجيح كفة الميزان في القتال، ما أدى لتراجع الحوثيين. غير أن احتمال استمرار النجاح بقيادة الإمارات العربية مع قواتها المدرعة مثار الجدل، فبعيدا عن وحدات النخبة، فإن قدرة الجيش الإماراتي مشكوك فيها، رغم المعدات ذات الجودة العالية. ولاتزال سوريا أيضا مصدر قلق سعودي كبير، بسبب الكراهية الرياض تجاه الرئيس السوري بشار الأسد والرغبة في إلحاق هزيمة استراتيجية بداعميه الإيرانيين. كان هناك قدر كبير من النشاط الدبلوماسي على هذه الجبهة في الأيام الأخيرة: التقى وزير الخارجية جون كيري، نظيريه الروسي سيرجي لافروف، والسعودي عادل الجبير في الدوحة هذا الأسبوع، كما سافر وزير الخارجية السوري إلى عمان، وسط شائعات عن زيارة رئيس المخابرات السورية إلى الرياض. فضلا عن المعارك ضد الأعداء الخارجيين والداخليين، يجب على حكام السعودية التعامل مع أزمة مالية. سعر النفط قد انخفض إلى 50 دولارا للبرميل مجددا، والمملكة أعلنت عن خطط لاقتراض 27 مليار دولار، لأن النفقات الباهظة في اليمن، والمنح التي قدرت بنحو 32 مليار دولار، لإرضاء السعوديين، عندما تولى الملك سلمان السلطة شكلت استنزافا واضحا للخزانة السعودية. واختتم متساءلا: "من هو صانع القرار الرئيسي السعودي فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية؟ إنه محمد بن سلمان البالغ من العمر 29 عاما، بصفته رئيسا لمجلس الاقتصاد والتنمية. وهذا، يشير مجددا إلى الصعوبات التي تواجه المملكة: حجم ما ينبغي القيام به مقابل الموارد المتاحة ليس متوازنا".