فاضل: الفيلم صحح معلومات تاريخية خاطئة.. وأستعد لعمل درامى يربط بين القناة القديمة والجديدة من تأليف محمد بغدادى فى الفيلم المهم «ناصر 56»، رصد المخرج الكبير محمد فاضل، وقائع الأيام العصيبة والحاسمة، قبيل وبعد قرار الرئيس جمال عبد الناصر، بتأميم قناة السويس عام 1956، وذلك فى عمل درامى عاش وسيعيش طويلا. فى الحوار التالى بعض من ذكريات هذا الفيلم الهام. ■ اخترت الأيام السابقة لقرار التأميم فى فيلم «ناصر 56»، ما أهمية هذه الفترة الزمنية من تاريخ قناة السويس؟ - تناول سيناريو فيلم «ناصر 56» خطوات قرار التأميم بداية من التحضيرات، وأعتقد أن الفيلم صحح معلومات خاطئة، منها أن عبد الناصر اتخذ القرار بين يوم وليلة، وأنه كان قرارا متسرعا بعد إلغاء البنك الدولى تمويله لبناء السد العالى، الفيلم حاول أن يوضح أن فكرة التأميم كانت موجودة فى الذاكرة المصرية منذ سنوات، فى عام 1942 طالب طلعت حرب باسترداد القناة، وجدنا أيضا أن بعد قيام ثورة يوليو فى ديسمبر عام 1952 طلب عبد الناصر من د. مصطفى الحفناوى أن يلقى محاضرة عن قناة السويس فى نادى الضباط، كما كلّف عبد الناصر عام 1953 أى قبل تأميم القناة بثلاث سنوات مدرسى اللغة الفرنسية بترجمة كل كلمة كتبت حول القناة، حيث كانت كل الوثائق مكتوبة باللغة الفرنسية، كل هذا أكدنا عليه فى الفيلم، كان مهما تصحيح هذه المعلومات، ركز الفيلم أيضا أن مجموعة العمل المصرية بقيادة المهندس محمود يونس، استطاعت أن تدير العمل فى القناة بكفاءة بعد استردادها وحتى الآن، خصوصا بعد رحيل المرشدين الأجانب، أكدنا أيضا وهذا درس أيضا للشباب أن المجموعة التى قامت باسترداد القناة كانوا شبابا، فى عمر الثلاثينيات مثل محمود يونس وعزت عادل وعبد الحميد أبو بكر وباقى المجموعة، أعتقد أن الفيلم أبرز هذا الدرس جيدا، منذ الخامس عشر من سبتمبر 1956 وحتى الآن استطاع ضباط القوات البحرية المصرية إدارة القناة بعد انسحاب المرشدين الأجانب لمحاولة إحراج مصر، أعتقد أن كل هذه التفاصيل مهمة جدا، والفيلم أبرزها، البعض تصور أن الفيلم عن عبد الناصر، وهذا تصور خاطئ، الفيلم عن الشعب المصرى بقيادة عبد الناصر، الذى استطاع أن يسترد ويدير قناة السويس. ■ هل هناك فترات أخرى فى عمر القناة يمكن أن نلقى عليها الضوء؟ - بالتأكيد، ولا بد أن تنتج أعمال فنية تتحدث عن فترة الحفر نفسها، والمصريون الذين ماتوا خلال عشر سنوات، والمليون مصرى الذين حفروا بأيديهم، وقتها لم يكن هناك أدوات أو آلات متطورة مثل اليوم، ورغم ذلك استطاعوا أن يشقوا القناة فى عشر سنوات بالسخرة وليس بالاختيار، أعتقد أن هذه ملحمة درامية كبيرة جدا يجب أن يتناولها الفن والأدب المصرى بشكل واسع وصولا إلى قناة السويس الجديدة، التى تعتبر أيضا ملحمة أخرى من ناحية الإنجاز فى وقت قياسى غير مسبوق فى العالم، هذا أيضا يؤكد الإرادة الشعبية المصرية، الذى يفكر شخص أو مجموعة أشخاص، ومن يعطى القرار السياسى شخص واحد، لكن الذى ينفذ عشرات الألوف من الشعب المصرى، وهذا درس هام جدا، ويجب أن يبرز فى أعمال فنية سواء فى أفلام أو مسلسلات أو أغان، وهذا لم يحدث حتى الآن، للأسف أخطأنا نفس الخطأ فى تناولنا لحرب أكتوبر، وهو حدث شعبى وعالمى كبير، لم يكن هناك رصد فنى لهذا الإنجاز الكبير حتى الآن. ■ لماذا تعانى السينما المصرية من ندرة إنتاج الأفلام الوطنية؟ - الأفلام الوطنية لن ينتجها القطاع الخاص، لأنه يبحث عن الربح السريع، ولو أن فيلم «ناصر 56» حقق إيرادات عام 1996 بلغت 14 مليون جنيه رغم أن تكلفته كانت 3 ملايين، لكن ليس لدينا المنتج، الذى عنده بعد نظر مثل آسيا، التى أنتجت «الناصر صلاح الدين»، هذا النوع من المنتجين غير متوفر حاليا، المنتج الخاص يبحث الآن عن الربح التجارى السريع، ولا أعتقد أن يغامر وينتج أفلاما وطنية، منتج فيلم «ناصر 56» لم يتوقع أن يحصد هذا الإيراد، الدولة هى التى أنتجته قطاع الإنتاج، وبالتالى فالدولة تتصيد لإنتاج مثل هذه الأعمال. ■ هل قناة السويس الجديدة قفلت الباب لإنتاج أعمال عن قناة السويس القديمة؟ - بالعكس أنا أعكف حاليا مع الأستاذ الكاتب محمد بغدادى، نحضر لعمل يربط بين تاريخ القناة القديمة مع الجديدة، هو عمل درامى مسلسل، المهم أن الدولة تهتم بإنتاجه، لا يوجد دور للدولة فى الإنتاج الفنى منذ ثورة يناير، وحتى هذه اللحظة، ماعندناش جهة إنتاج غير اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وهو جهة إنتاج كبيرة قدم لمصر خلال السنوات السابقة عشرات من الأعمال ذات الإنتاج الضخم، لكن كل ثورة لها ميزات وعيوب، وأرى أن من إحدى الخسائر الكبرى لثورة يناير تراجع دور الدولة فى الإنتاج الفنى. ■ لم تتفاوض مع جهات إنتاج خاصة للمشروع؟ - لم أعرض السيناريو حتى الآن على أى جهة، لكن الجهات الخاصة عادة تفرض شروطها على العمل، ولا يمكن أن يفرض شروطا على العمل الفنى الوطنى. ■ السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى دعا إلى إنتاج أعمال وطنية؟ - السيد الرئيس ينادى فقط، لكن لا توجد آلية، رغم أن معظم المشروعات التى نادى بها أوجد لها آلية، مثلا محاربة الإرهاب فى سيناء أوجد لها آلية بضم الجيش الثانى والثالث مثلا تحت قيادة الفريق عسكر، إذن أوجد آلية، مشروع قناة السويس الجديدة أوجد له آلية عمل من خلال مناداة شعب مصر، الذى أودع 64 مليار فى البنوك، إذن لا يكفى أن يوجه الرئيس كلمة عابرة لممثل، فالإنتاج ليس فى يد الممثل، لكن فى يد جهات الإنتاج، الرئيس لا يصدر أمرا أو قرارا سياسيا أو إرادة سياسية لعمل آلية لتقديم هذا الإنتاج الجيد، لكن أرجو بعد أن حصلنا على مزيد من الثقة قيادة وشعبا فى إنجاز قناة السويس الجديدة فى موعدها وبنجاح كبير أتمنى أن تكون داعما لنا فى إنجاز عمل فنى ضخم فى الثقافة والإعلام.