كتبت منة حسام الدين: تصوير: محمد عبد الوهاب السهيتي منذ اللحظة الأولى لدخول مدينة الإسماعيلية، يلاحظ الزائر فرق العمل الكثيفة والمنتشرة، بدءً من بوابة تحصيل الرسوم وحتى بداية الطريق الدائري للمدينة، والذي تقرر أن يكون خط السير الرئيسي لضيوف حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، في السادس من أغسطس المقبل. الجميع يعمل دون كلل أو ملل، سواء تحت أشعة الشمس الحارقة أو في عتمة الليل، هناك مهمة محددة يجب تنفيذها على أكمل وجه، وتسلميها في الموعد المحدد، فبعد أن يستلم القادم إلى مدينة الإسماعيلية تذكرة تحصيل الرسوم التي تم تزينها بعبارة «مبروك لمصر»، والإشارة إلى عدد الأيام المتبقية على افتتاح مشروع القناة الجديدة، وتظهر الشوارع المزينة بأعلام مصر، وأعمدة الإنارة المتساوية، والتي تم تجديدها لتناسب فخامة الحدث، لا مكان لأية مخلفات ملقاة بشكل عشوائي، ولا إمكانية لترك الحدائق لاستخدامات عامة الشعب، حرصًا على إنجاح مهمة «الأربعين يوم» التي تسلمتها أحياء المحافظة منذ بداية شهر رمضان. تزيين الشوارع الرئيسية للمدينة، وتشجيرها والتأكد من إنارتها وسلامة طرقها، هي المهمة الرئيسية التي وضعتها رئاسة الجمهورية على عاتق مسؤولي محافظة الإسماعيلية، وتركت لهم حرية التصرف في كيفية تنفيذها، بشرط أن يتم التسليم خلال الأيام الأخيرة من شهر يوليو، وبالفعل نجح مسؤولي المحافظة تسليم الطرق في الوقت المحدد، فالطريق الدائري الذي يربط مدخل المدينة بفندق «ميركيور»، حيث سيتم إقامة الاحتفالية الليلية للافتتاح، وأصبح متأهبًا لاستقبال زواره من الرؤساء والملوك، الأزهار متناثرة على جانبي الطريق وفي الجزيرة الوسطى، والفواصل الأرضية والمطبات تمت إزالتها لعدم عرقلة السيارات، كما أن الأشجار تم تقليمها وقصها، لتصبح متساوية ولائقة بهذا الحدث الفريد.
في الإسماعيلية: رئيس الحي يكافيء العمال «من جيبه» ومدير ينقل المعدات بنفسه في أحد جوانب الطريق الدائري، وقف عمال حي ثان الإسماعيلية، برفقة رئيس الحي، يتابعون المراحل النهائية لعمليات التشجير والتزيين، يحاولون تقييم مهمتهم فتتوحد أصوات العمال في جملة واحدة «الحمدلله راضيين عن شغلنا، بقالنا 40 يوم من غير إجازة، وبنشتغل في الشمس والحر، إحنا لأول مرة في حياتنا نشتغل بالمجهود ده». مصطفى محمد، أحد العاملين في حي ثاني الإسماعيلية، والذي تولى مهمة دهان جذوع الأشجار ودهان الأرصفة باللونين الأسود والأبيض، لم يمل من العمل المتواصل، فهو بمجهوده أراد أن يثبت أن لكل فرد دورًا هامًا في هذا المشروع القومي، وعلى الرغم من الطريق الدائري تم تسلميه رسميًا لمرور الإسماعيلية والجهات السيادية، إلا أنه لم يبخل على عمله بالمزيد من وقته، ويقول:«إحنا تقريبًا ده آخر يوم نشتغل فيه على الطريق، إحنا بنعيد على اللي عملناه، وعارفين إن حدث زي ده مش هيتكرر كتير، عشان كدا بنتفانى في شغلنا، كفاية إن الفترة الأخيرة زودوا مرتبتنا من 125 إلى 950 جنيه». زيادة المرتبات التي لحقت بعمال أحياء الإسماعيلية ليست مرتبطة بمجهودهم المبذول في خطة «الأربعين يوم»، لتجميل الشوارع لاستقبال ضيوف افتتاح القناة الجديدة، فهم حتى الآن لم يحصلوا على أي مكافات استثنائية، ويقول «محمد محمود»، عامل آخر في الحي:«كل عمال ومسؤولين الحي بيجوا مواقع الشغل، ومفيش مكافآت طلعتلنا، إحنا بناخد مكافأة كتحفيز يومي من رئيس الحي نفسه، كتر خيره بيطلع لنا من جيبه». وعلى بعد خطوات من تجمع «مصطفى» وزميله في العمل «محمد» والذي أصر على أن يقول إن عمال أحياء الإسماعيلية يتواجدون في مواقع عملهم منذ الثامنة صباحًا يوميًا، حتى أيام شهر رمضان، كان يجتمع رئيس حي ثاني، محمد عبد المنعم، بعدد من العاملين معه في الحي لمتابعة اللمسات الأخيرة على المكان.
«احنا مهمتنا في الحي كانت تمهيد الشوارع وتزينها فقط، مالناش علاقة بأي أمور أخرى في المدينة، كما أنه لم يطلب منا وضع أي منصات أو شاشات عرض، لنقل الافتتاح لأهالي الإسماعيلية»، هكذا يؤكد محمد عبدالمنعم، ويوضح أن تكلفة تمهيد الشوارع تحملتها محافظة الإسماعيلية وعدد من رجال الأعمال والأهالي، الذين منحوا تبرعاتهم للعمال وللمحافظة من أجل تلك المهمة. يضيف «عبدالمنعم»:«رجال الأعمال الإسمعلاوي، أشرف النادي، تبرع أنه يعمل نافورات عند الأماكن اللي هيعدي من عليها ضيوف حفل الافتتاح، وإحنا في الحي أشرنا فقط بالموافقة، لأن مساهمات الأهالي بتساعد إننا نقدم صورة كويسة عن المحافظة»، ويؤكد أن التصورات الأولية لتفاصيل يوم حفل الافتتاح تشير إلى:«فرض هدوء تام على كافة أرجاء المدينة، وعدم السماح بتواجد التجمعات في الشوارع لمنح قوات الأمن الفرصة لزيادة عمليات التأمين، على مكان حفل الافتتاح وأماكن تواجد الضيوف، وأن أي احتفلات للجماهير سيتم تأجيلها بعد رحيل ضيوف الافتتاح». وعن الاحتفالات المرتقبة في المدينة، يقول رئيس الحي: «تم التنسيق مع قصر الثقافة والمراكز الفنية في الإسماعيلية لتقديم عروض في الميادين ابتداءً من 7 أغسطس، وسنقوم بعمل مسرح مكشوف في منطقة الممر بالقرب من شارع السلطان حسين التجاري، لتقديم العروض الفنية للجماهير». الاهتمام بتزيين وتمهيد الطريق الدائري، مهمة كانت على عاتق مسؤولي حي ثاني وثالث الإسماعيلية، وعلى الرغم من أن نسبة العاملين الذين أشرفوا على تشجير ودهان هذا الطريق تعدوا ال250 عامل، إلا أنه لا يوجد من يمثلهم في حفل الافتتاح. «مش معقول بعد كل الشغل ده مانحضرش الافتتاح»، يستنكر إبراهيم محمد، العامل في حي ثالث الإسماعيلية، عدم توجيه أي دعوة لعمال المحافظة، فهو كان يظن أن الحضور مفتوح أمام الجميع، حتى وصلت إليه أنباء من أن النزول إلى الشوارع يوم 6 أغسطس سيكون محدودًا»، وربما سيتم إعطاء المدينة بأكلمها إجازة رسمية. تواجد مسؤولي الأحياء بجانب العمال في الشوارع، ليس أمرًا غريبًا خلال مهمة «الأربعين يوم»، لتجميل المحافظة لاستقبال حفل الافتتاح، ففي الوقت الذي يتابع فيه رئيس حي ثاني بنفسه سير العمل، تولى أحمد الجعفري، مدير إدارة الطوارئ والمشروعات بحي ثالث، قيادة إحدى الحافلات لنقل عبوات الطلاء للعمال، من أجل استخدامها في تزيين أشجار الزيتون والليمون التي تم زراعتها بكثافة، بدءً من منطقة مستشفى التأمين الصحي، وحتى مسجد الدوحة، الذي يبعد أمتار قليلة عن مكان إقامة الحفل الليلي المصاحب لاحتفالية افتتاح قناة السويس الجديدة. "إحنا كل تركيزنا على الطريق الدائري، ده خط السير الرئيسي، ولأن مفيش وقت ومعندناش في الحي سواقين، أنا سايق بنفسي العربية وبوصل معدات التجميل للعمال في الشارع»، يقول «الجعفري» متباهيًا بالشكل النهائي الذي يظهر عليه طريق الإسماعيلية الدائري، والذي من وجهة نظره أصبح «قطعة من أوروبا»، يزيدها جمالًا محاولات أهالي المنطقة للمشاركة في الحدث بتزين المنازل بأعلام مصر وتشجير مداخل منازلهم.
احتفالًا بالحدث.. علم مصر يزين منزل كابتن «حسني عبد ربه» على امتداد الطريق الدائري، وتحديدًا أمام شركة «المواني»، يظهر علم ضخم لجمهورية مصر العربية، يزين شرفات إحدى البنايات فيخطف أنظار المارة، ذلك العلم هو إحدى الوسائل التي لجأ إليها كابتن نادي الإسماعيلي، حسني عبد ربه، للتعبير عن تقديره لمشروع قناة «السويس الجديدة»، وللمشاركة ولو بطريقة بسيطة في استقبال ضيوف مدينته، الذين سيمرون أمام منزله بفضل موقعه. تثبيت الأعلام الضخمة على واجهة بنايات الطريق الدائري، وبالاخص حيث يسكن كابتن حسني عبد ربه، كانت فكرة مشتركة بينه وبين جاره المقاول راشد الشاكوري، حسبما قال «عم منصور» حارس البناية المجاورة لمنزل «عبد ربه»: علقنا العلم على منزل الكابتن من يومين ولسه في أعلام كبيرة هنعلقها عشان ضيوف الافتتاح، وكل الاستعدادت بجهود ذاتية». بجانب تثبيت الأعلام، يشارك الجيران في جمع الأموال لتمهيد الأرصفة المقابلة للمنازلهم، كما استقدموا على نفقتهم الشخصية عدد من العمال لزراعة النجيلة وتقليمها، ويضيف «عم منصور»:«من فترة كابتن حسني والحاج راشد فكروا أنهم يظبطوا الرصيف، ويحطوا نجيلة، ولما عرفنا أن الطريق الدائري هيكون مسار الضيوف، صمموا ينجزوا فكرتهم ويشاركوا في استعدادات استقبال الضيوف». * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *