فجأة -على ريق النوم- نكتشف أن هناك شيئاً اسمه: جبهة الضمير، أغلب المشاركين فى هذه النكتة البايخة من عتاولة الإخوان باستثناء بعض الانتهازيين جينياً من خارج الجماعة. فقط حفنة صغيرة تعد على نصف أصابع اليد الواحدة من كومبرسات السياسة الفاشلين قبلوا الانضمام لهذا الوكر الموبوء.. مادامت قد تأسست جبهة الإنقاذ الوطنى فلابد من إثبات أن الإخوان ليسوا أقل. إنها عقدة النقص التاريخية التى لا يبدو أن لها علاجاً. البلتاجى الذى شاهده العالم بأسره ضمن سلسلة من الفيديوهات يعذب مواطناً بريئاً بسادية تستوجب التدخل الطبى العاجل، يتمتع طبعاً بعضوية هذه الجبهة. أين الضمير إذن؟ وعلى فكرة: البلتاجى عضو أيضاً بالمجلس القومى لحقوق الإنسان هو وزميله فى فيديوهات التعذيب صفوت حجازى. نكتة أخرى بايخة على ريق النوم. المهمة الموكلة لهذا الوكر -كما اعتادت جماعة الإخوان منذ نشأتها فى 1928م- تتلخص فى تلويث سمعة كل من ينتمون إلى القوى الوطنية. بدليل أن البلتاجى لا يغادر من يوم أن تشكلت هذه البؤرة مقار الجهات الرقابية لعله يجد ما يدين أحداً من الثوار. القانون يحظر تعليق الملصقات فى الأماكن العامة إلا بتصريح كتابى من أجهزة الأمن. لكن من الواضح أن القانون هو الآخر يصاب بالتبول اللا إرادى عندما يتصل الأمر بالإخوان. فأين الضمير إذن؟ الظاهر أن هناك من أعطاه إجازة وضع. وعلى رأى المثل: اللى اختشوا ماتوا، أما اللى ما اختشوش فكعجول الخاصة الرئاسية: أكل ومرعى وقلة صنعة! على قلبنا لطالون. حاكم ما يبقى على المداود إلا شر البقر. اللعب أصبح على المكشوف. ما عادش فيها كسوف، مع خالص الاعتذار عن السجع الذى يزعجنى كثيراً، بالضبط كثرثرة مزورى الانتخابات حول ضرورة احترام إرادة الشعب، براقع الحياء صارت هى الأخرى كالقدرة على الحلم أو الغد الأفضل أو حرمة المال العام أو العدالة الاجتماعية أو التحرر الوطنى أو حتى الإحساس الشخصى بالكرامة، من ذكريات الماضى البعيد، الإخوان يرمون براقع الحياء بتهمة الكفر والخروج عن طاعة الخليفة: المستنصر بالله مرسى العياط. المستنصر قاد مصر إلى المجاعة وهو ما يكرره العياط. بالكفر، وبأنها ضبطت متلبسة والأجندة الأجنبية فى يدها. الواحد إما أن يكون متواطئاً حتى الأذنين أو منتفعا على طريقة الدود من الجثث أو انتهازياً كمن يملئون الآن الدنيا بالدفاع عن المرشد وجماعته ومرسيه. أعضاء جبهة موت الضمير يتحدثون عنها ليل نهار فى الفضائيات الخاصة أو المستقلة التى يتهمونها بالانحياز ضد الإخوان. لا أحد من أصحاب الضمير الغائب أخبرنا: إيه أخبار الفضائيات المسماة بالدينية التى عمرها ما استضافت حتى من باب الاستثناء أحداً من خارج الإخوان أو مستخرجات الإخوان، على وزن مستخرجات الألبان، هل يوجد من يستطيع أن يقول بالفم المليان، إنه مش فاهم؟ أوراق التوت سقطت بأكملها من زمان. لكن كم القبح الذى أصبح من يومها يفقع العين لم يستفز الناس لطول ما اعتادوا على القبح. لا أحد من أفراد التشكيل العصابى الذى يتحكم فى مصير البلد حاول أن يدارى عورته. وعلى مرأى ومسمع من سكان كوكب الأرض، أخذت فرقة على بابا والأربعين ألف حرامى الاستعراضية تقدم -بنجاح منقطع النظير- أحدث إبداعاتها فى عالم الاستربتيز السياسى، التحفة الفنية التى أضحكت العدو قبل أن تبكى الصديق كانت هذه المرة بعنوان: جبهة -لا مؤاخذة- الضمير، لا أحد من فرقة على باب والأربعين ألف حرامى الاستعراضية خطر على باله أن التسعين مليوناًَ الذين يشكلون القلة المندسة قد يرفضون أو يتذمرون أو يثورون. انتبهوا أيها الساسة! بالسين هذه المرة لا بالدال. الانتحار السياسى معناه المشاركة فى الانتخابات القادمة تحت إشراف حكومة اختيرت بس علشان تزور انتخابات مجلس النواب كما يطلق عليه حاخامات المقطم. الوطنيون يعرفون طريقهم إلى المقاطعة. ليس من حق الوطنيين أن يلعبوا مع القتلة دور الديكور القبيح. ليس من حق الوطنيين أن يكذبوا على الشعب. فيا كل من يطمح من خلال السياسة إلى الحصول على موقع أفضل فى الحياة! احترسوا من الوقوع فى مصائد الوهم! يا كل من اختار السياسة مهمة يتربح من ورائها! تماما كالتدريس أو الطب النفسى أو تخطيط المدن أو المحاماة أو طلاء أظافر السيدات أو أقدامهن أو الدعاية لكريمات تفتيح البشرة أو سحل المتظاهرين عراة على قارعة الطريق احترسوا من كذبة أن العطش يمكن أن يطفئه الماء المالح! فضلا عن أن الزلة الأولى هى دائماً الأخيرة. الساقطون بالفعل أنا لا كلام لى معهم! لا كلام لى معهم بالمرة أولاً لأن صوتى لن يصل إلى حيث هم الآن. فلقد استقروا هناك بعيداً فى قاع المزبلة مع سائر النفايات. ثانياً لأن التجارب أثبتت أن إدمان التردى من الآفات التى لا علاج لها. أما ثالثاً فلأن الدنيا قد علمتنى أن الترخص يمكن أن تنتقل عدواه من مجرد التخاطب حتى بلغة الإشارة. الذين يسترقون السمع فى هذه اللحظة مغمضى الأعين إلى حمحمات النداهة هم -بالتحديد- من يعنينى أمرهم، الذين يتحرقون شوقاً فى هذه اللحظة إلى التشمم -كالكلاب- فى مؤخرات أعضاء مكتب الإرشاد هم من أرى من بعيد سواد نهاياتهم. لو قامت النداهة بزيارة مخدعك ليلا فأصر على أن تبرز لك أوراقها الشخصية. وعلى الفور ستكتشف أنها من الأخوات. خذها إلى النور لترى كيف أن تحت المكياج ملامح سجان وأن تحت النقاب هناك خنجر مسموم. ستلاحظ أنها تسمى سفك الدماء استقراراً أو إنقاذا لقارب الوطن من عواصف التغيير الهوجاء وقد تسألك: ما البديل؟ ستلاحظ أنها تطلق على التعذيب فى سلخانات الأمن المركزى بالجبل الأحمر أو الأصفر أو الأسود بلون أيامهم اسماً مستعاراً هو حماية الأمن من مثيرى الشغب أو القلة المنحرفة، وأن بيع البلد بأكمله إلى كلاب السكك ما هو إلا خطوة على طريق الإصلاح الاقتصادى الشامل، وأن ما نراه خراباً ليس سوى مشروع النهضة الشاطرية. إذا بدا لك أننى أخرف أو أبالغ فتأكد من أنك بدأت فعلاً فى الاندفاع نحو المزبلة. سيأتى يوم نتذكر فيه كل هذا بقرف.. لابد أن يأتى.