فجأة - علي ريق النوم - نكتشف أن هناك شيئا اسمه: الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك، هكذا بدون مقدمات، ما بين طرفة عين والتفاتتها، امتلأت بآلاف البوسترات الملونة كل الشوارع أو الحواري في الأحياء الأكثر اكتظاظا بالسكان، قانون الطوارئ يحظر تعليق الملصقات في الأماكن العامة إلا بتصريح كتابي من أجهزة الأمن، لكن من الواضح أن قانون الطوارئ - شخصيا - يصاب بالتبول اللاإرادي عندما يتصل الأمر بأولي الأمر. اللي اختشوا ماتوا، هكذا قالوا قديماً، أما اللي ما اختشوش، فكعجول الخاصة الملكية أو الرئاسية: أكل ومرعي وقلة صنعة! «علي قلبنا لطالون»، «حاكم ما يبقي علي المداود إلا شر البقر»، اللعب أصبح علي المكشوف.. ما عادش فيها كسوف، مع خالص الاعتذار عن السجع الذي يزعجني كثيراً، بالضبط كثرثرة مزوري الانتخابات حول ضرورة احترام إرادة الشعب، براقع الخجل صارت هي الأخري، كالقدرة علي الحلم أو الغد الأفضل أو حرمة المال العام أو العدالة الاجتماعية أو التحرر الوطني أو حتي الإحساس الشخصي بالكرامة، من ذكريات الماضي البعيد. الواحد إما أن يكون متواطئا حتي الأذنين أو منتفعاً علي طريق الدود من الجثث أو انتهازيا كمن يملأون الآن الشوارع بصور نجل الرئيس أو من جهابذة الاستعباط في التاريخ علي غرار - لا مؤاخذة - مفكري المرحلة، أو كل هذا معا، ليقول بالفم المليان إنه مش فاهم. أوراق التوت سقطت بأكملها من زمان، لكن كم القبح الذي أصبح من يومها يفقع العين لم يستفز الناس لطول ما اعتادوا علي القبح. لا أحد من أفراد التشكيل العصابي الذي يتحكم في مصير البلد حاول أن يداري عورته، وعلي مرأي ومسمع من سكان كوكب الأرض، أخذت فرقة علي بابا والأربعين ألف حرامي الاستعراضية تقدم - بنجاح منقطع النظير - أحدث إبداعاتها في عالم الاستريبتيز، التحفة الفنية التي أضحكت العدو قبل أن تبكي الصديق، كانت هذه المرة بعنوان: الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك، لا أحد من فرقة علي بابا والأربعين ألف حرامي الاستعراضية خطر علي باله أن الثمانين مليوناً - الذين يشكلون القلة المندسة - قد يرفضون أو يتذمرون أو ينتفضون. سيأتي يوم نتذكر فيه كل هذا بقرف، لابد أن يأتي.