في تقرير بعنوان «سياسة الولاياتالمتحدة تجاه مصر الضبابية تجاه مصر»، انتقدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية الإبقاء على النهج القديم لسياسات واشنطن تجاه مصر منذ عهد مبارك؛ واصفة إياها بأنها لا تزال منحصرة في أساليب التفكير القديمة. وفي مقال نشرته المجلة قال مايكل وحيد حنا، المحلل بمؤسسة سينشري فاونديشن إن الولاياتالمتحدة سعت للحفاظ على مستوى منخفض من الشراكة مع مصر في أثناء مرحلتها الانتقالية المتقلبة والمضطربة، التي كانت تترنح خلالها من أزمة إلى أخرى، وتواصل طريقها خلال سلسلة من القرارات دون المستوى الأمثل؛ موضحا أن واشنطن أدركت أن شراكتها طويلة الأمد مع النظام الاستبدادي للزعيم المخلوع مبارك، أسفرت عن تآكل هيبتها الإقليمية، وعدم قدرتها على إملاء نتائج سياسية محلية في بلد آخر. ورأى أنه في مصر ما بعد مبارك، فإن التوسلات بضبط النفس تخفي ورائها حقيقة أنه لدى التعامل مع الإسلاميين الذين تمكنوا من السلطة في البلاد حديثا، السياسة الأمريكية تجاه مصر لا تزال محاصرة في طرق التفكير القديمة التي أثمرت عن الرهان على الاستقرار السلطوي. وحذر من أن النهج الضيق والأعمى الذي تبنته الولاياتالمتحدة تجاه مصر منذ سقوط مبارك القائم على تركيز الاهتمام كبير على تنمية العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمون، ويدفعه في المقام الأول المخاوف من تجاهل حكام مصر الجديدة للمعاهدة يسيء فهم المصالح الوطنية المصرية، ويقوض وضع سياسات بناءة، ويغفل غالبا ديناميكيات السياسية المصرية الأوسع. وفي الوقت الذي لا يمكن للولايات المتحدة السيطرة بشكل كامل على السياسة المصرية، لكنها تحتفظ بنفوذ حقيقي ويمكنها، على الأقل، محاولة تقوية الاتجاهات السلبية بدلا من تعزيز المخاطر الأخلاقية؛حيث تؤمن الحكومة المصرية الحالية بمركزيتهاوأهميتهاالاستراتيجية، كما تعتقد أيضا أنها تحظى بدعم خال من الانتقاداتمن الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي. ومضى بالقول مؤكدا على أن الاعتقاداتالمتزايدةبأن ثمة صفقات سرية بين الولاياتالمتحدة والإخوان المسلمون التي أصبحت طرفا أساسيا غير مرغوب فيه في الخطاب السياسي ما بعد مبارك لا أساس لها في الواقع، وذلك بالرغممن أن الولاياتالمتحدة بالغت في دفع وتصحيح جهودها الرامية إلى عكس السياسات الخاطئة في الماضي القريب عندما كان الإسلاميين منبوذين ويتم تشجيع قمعهم. ولاحظ أن واشنطن بالغت في تقدير دور مصر في التفاوض بشأن وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس في نوفمبر 2012؛ حيث أسفرت دوامة الأحداث التي أعقبت ذلك عن الضرربمستقبل مصر شاملة ومستقرة؛ فضلا عن سمعة الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أنه في أعقاب ذلك النصر للسياسة الخارجية ثم زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، استثمر مرسي بسرعة عاصمته المكتشفة حديثا لتوسيع صلاحياته بطريقة استبدادية. وتابع أنه بالأخذفي الاعتبار قوة تعاون مرسي في غزة، كانت الولاياتالمتحدة بطيئة في فهم خطورة الأزمة الدستورية بعد الإعلان الدستوري، التي كان لها تداعيات دائمة، كماأن واشنطن لم تستسغ إلقاء اللوم على شريكها الجديد،وهو ما يتضح عبر التصريحات والقراءات الرسمية المختلفة، حيث شاركت الولاياتالمتحدة بنفس القدر في تجنب أسباب الأزمة في البلاد. تبلورت هذه الأخطاء على حد قوله عندما استضافمستشار الأمن القومي للولايات المتحدة، توماس دونيلون، المتحدة الدكتور عصام الحداد، مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي في البيت الأبيض في خضم الأزمة، الذي ارتأى البعض أنه علامة على الدعم الخارجي للإخوان المسلمون في نضالهم السياسي الداخلي. في أحسن الأحوال؛وهو ما وصفه المحلل الامريكي بأنه نوع من الدبلوماسية الخرقاء التي تمثل خيارا استراتيجيا خاطئا. ويرى حنا أنه على الولاياتالمتحدة إعادة تقييم علاقة أوسع للمساعدات مع مصر وترتيب شروط قابلة للتطبيق بخلاف الدعوات إلى شروط حادة وفورية للمساعدات التي وصفها بأنها غير عملية وقد تأتي بنتائج عكسية. وأشار إلى أن قادة مصر الحاليين يتلهفون على القبول والشرعية الدولية ويعتمدون على الدعم والمساعدات الخارجية، لا سيما من المؤسسات المالية الدولية؛ولذلك ينبغي على الولاياتالمتحدة أن تستخدم هذه الأدوات في محاولة تشكيل طريقة رؤية قادة مصر لمصالحهم، واعترافهم بالقيود المرتبطة. وأضاف أنه مع زيارة وزير الخارجية جون كيري المقررة لمصر لأول مرة خلال الأيام المقبلة، فإنه يجب أن يوضح أنه في ظل هذه الظروف الولاياتالمتحدة ليست في وضع يمكنها من استضافة مرسي، كما يجري التخطيط له حاليا في وقت لاحق في الربيع. الولاياتالمتحدة قد تكون محقة بادعائها أنها لا تدعم أحزابا سياسية بعينها في مصر؛ وإنما تؤيد العملية الديمقراطية؛غير أن أفعالها الأخيرة بحسب الكاتب قوضت هذا الهدف؛بل إن إشارتها بالقبول غير المشروط لمرسي وحكومته، شجعت الإجراءات التي تهدد بشدة نجاح انتقال مصر من الحكم الاستبدادي. ويتابع أن الخيار النهائي بشأن تجاوزات جماعة الاخوان مسلم يقع على عاتق المواطنين في مصر، ولكن على أقل تقدير، يتعين على الولاياتالمتحدة الامتناع عن تشجيع الممارساتالمزعجة التي أظهرها الإخوان في الوقتالقصيرالمضطربمنذ تولوا مقاليدالسلطة. واختتم تقريره بأن إعادةاستخدامالصفقات الاستبدادية لم يعد خيارا مطروحا، والخضوع للأنماط القديمة سوف يعرضفقط مصالح الولاياتالمتحدة للخطر ويشجع بالطبع المسار الحالي غير قابل للإصلاح في مصر.