«الوضع الاقتصادى لمصر فى الفترة الراهنة يواجه تحديا صعبا».. هذا ما انتهت إليه المؤشرات الرسمية للأداء الاقتصادى، التى أعلنتها وزارة التخطيط مؤخرا، إذ سجل معدل نمو خلال الربع الثانى من العام المالى الحالى مستوى منخفضًا وصل إلى 2.2% بمتوسط 2.4% خلال النصف الأول من العام، وأوضحت المؤشرات أن إيرادات قناة السويس خلال هذه الفترة بلغت 2.6 مليار دولار، بنسبة انخفاض نحو 3.6% عن العام الماضى، وذلك لانخفاض أعداد السفن العابرة للقناة بنسبة 5%، وتراجع الحمولة الصافية بنسبة 2%. الدكتور على عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية، أوضح ل«التحرير» أن أسباب انخفاض إيرادات قناة السويس يرجع إلى تأثيرات الازمة المالية العالمية وتراجع حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى التأثير المحدود لأعمال القرصنة ولجوء عدد من خطوط الملاحة العالمية إلى تغير خطوط سيرها وتجنب المرور بقناة السويس نظرا إلى الحالة الأمنية السائدة والتهديدات المستمرة بتعطيل العمل فى القناة. وتابع بأن انخفاض الإيرادات يرجع إلى انخفاض الحمولات الصافية لناقلات الغاز الطبيعى والناقلات المشتركة وسفن الحاويات وسفن الركاب. من جانبه أشار أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور إبراهيم عبد الله، إلى أن ارتفاع أحجام سفن الحاويات أدى إلى انخفاض إجمالى السفن العابرة فى القناة، موضحا أن اقتصادات النقل البحرى فى العالم تسعى إلى إحلال السفن الأكبر حمولة محل السفن الأقل حمولة، ومن ثَم مرور سفينة عملاقة واحدة يغنى عن مرور سفينتين أو أكثر، ما يكون له تأثير سلبى على أعداد السفن المارة بالقناة. فى الوقت نفسه كشفت مؤشرات الأداء نفسها عن اتساع الفجوة الادخارية التى وصلت إلى 6.9% من الناتج المحلى الإجمالى، إذ تراجع معدل الادخار المحلى إلى الناتج خلال النصف الأول من العام الحالى مقارنة ب9.9% خلال نفس الفترة من العام الماضى، وهو ما قالت عنه الدكتورة سلوى العنترى الخبيرة المصرفية إن أخطر ما أعلنته المؤشرات أمس هو اتساع الفجوة الادخارية لأنها تعبر عن الفارق بين معدلات الاستثمار إلى الناتج الاجمالى المحلى. وأوضحت أن الفجوة ناشئة عن الادخار الحكومى السالب الذى يعبر عنه عجز الموازنة العامة للدولة. المفارقة فى مؤشرات الأداء الاقتصادى والاجتماعى عن الربع الثانى من العام المالى الجارى أكدت ارتفاع معدل نمو القطاع السياحى والإيرادات المتحصلة منه خلال تلك الفترة، وهى التى شهدت أحداث محمد محمود الثانية و«الاتحادية» والدستور والإعلان الدستورى، وما تبعها من أحداث عنف، حسبما قال عضو اتحاد الغرف السياحية عادل عبد الرازق تعليقا على البيانات الصادرة من وزارة التخطيط والتعاون الدولى والخاصة بزيادة إيرادات السياحة إلى 3 مليارات دولار خلال الربع الثانى من العام المالى الجارى سبتمبر/ديسمبر بزيادة قدرها نحو 11.9% مقارنة بالربع الأول من نفس العام الذى بلغت إيرادات السياح به نحو 2.7 مليار دولار. عبد الرازق أكد أن البيانات الخاصة بزيادة إيرادات السياحة غير صحيحة، خصوصًا أن هذه الفترة شهدت إحياء الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود وما تبعها من أحداث عنف أمام قصر الاتحادية، وهو ما أدى إلى هروب السائحين من مصر إلى دول أخرى. وتابع بأن حقيقية الأرقام التى يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التخطيط وغيرها من الجهات المنوط بها إجراء مثل هذه الإحصاءات السياحية خاطئة لأنها تعتمد على البيانات الصادرة من مصلحة الجوازات والهجرة وتقوم بحساب كل من يزرو مصر سائحا مثل السوريين والعراقيين والليبين الذين تركوا بلادهم بسبب أحداث العنف والثورات التى اجتاحت بلادهم. لذلك فالبيانات تشير إلى زيادة فى الأعداد. وبالنسبة إلى الإيرادات فهناك خطأ آخر، حسب عبد الرازق، هو أن من يقوم بالإحصاء يضع تقديرات بأن متوسط إنفاق السائح فى اليوم يقدر بنحو 102 دولار فى 2010 وانخفض فى 2012 إلى 84 دولارًا، وهذا غير صحيح لأن معدل الإنفاق انخفض إلى 56 دولارًا فى اليوم، خلال هذه الفترة، لأن السائح الموجود فى مصر الآن من الشرائح الدنيا للسائحين.