يجب منع المتطرفين من فرض سيطرتهم وتهديد نظام تعلَّم معظم رجاله فى أمريكا ويقدمون التزامات مستمرة مرسى كان متعاونا جدا فى التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة.. ولديه كثير من النيات الطيبة تجاه أمريكا لم يكن بمقدور وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، وهى تقف على مسافة قصيرة للغاية من مغادرة منصبها، أن تكون أكثر صراحة من ذلك عندما تحدثت خلال المقابلات الصحفية التى أجرتها مع عدد من الشبكات الإخبارية الأمريكية أمس، فقد أوجزت السيدة كلينتون خلاصة الموقف الأمريكى من جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المنتمى إليها، محمد مرسى، حتى الآن، وردت -سواء بكلماتها المباشرة أو تلميحاتها الضمنية- على أى مشكك فى دعم واشنطن الصريح لحكم الجماعة. فى البداية، استخدمت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، لغة متوازنة فى حديثها عن مصر، حيث أكدت أنه لا يجب السماح للمتطرفين باختطاف الثورة المصرية أو عودة الحكم الاستبدادى إلى مصر من جديد، لكنها قالت إن جماعة الإخوان المسلمين تفتقر إلى خبرة الحكم. وقالت كلينتون لشبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، «أعتقد أنه فى ما بعد الثورات العربية فى مصر وليبيا وتونس وتبعاتها فى دول أخرى، كان لا بد من وجود فترات للتكيف (على الوضع الجديد). وما يجب علينا أن نعمل من أجله، مع المجتمع الدولى ومع الشعب المصرى، هو أن لا نرى هذه الثورات وقد اختطفها المتطرفون، وأن لا نرى عودة للحكم الاستبدادى، وغياب سيادة القانون. وتابعت أن الأمر ينطوى على صعوبة بالنسبة إلى الانتقال من عقود من حكم الحزب الأوحد أو حكم الفرد، والاستيقاظ من غيبوبة سياسية وفهم الديمقراطية. لذا فأمامنا الكثير فى محاولة الإبقاء على هذه التحولات فى الاتجاه الصحيح. وتطرقت كلينتون للحديث عن الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وخصوصا تصريحاته الأخيرة المعادية لليهود وإسرائيل، قائلة «نحن قلقون للغاية بشأن تلك التصريحات. الرئاسة المصرية تنصلت منها وجددت التزامها باتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية، التى هى بالطبع، هى قطعا جوهر أى شىء نأمل أن نراه يحدث فى الشرق الأوسط». لكن كلينتون استدركت قائلة «لكن أعتقد أن عليك أن تعود خطوة للوراء وتنظر إلى حقيقة أن الناس الموجودين فى السلطة الآن فى هذه البلدان، لم يحكموا من قبل قط، ولم يكن لديهم أى فرصة ليتعلموا بشكل حقيقى كيف يديرون وكالات أو اتخاذ قرارات». وتابعت: «بالتأكيد نحن لا نتساهل أو نوافق بأى صورة من الصور على الكثير مما يفعله هؤلاء القادة أو يفشلون فى القيام به، لكننا نعلم كذلك أن من الأهمية بمكان أن نحاول تجنب أن تسيطر عناصر هى أكثر تطرفا ونشيطة فى أنحاء المنطقة، على الأرض بل وأن تمثل تهديدا لنظام حاكم، يقوده الأشخاص الذين تعلموا فى الولاياتالمتحدة فى الغالب ويقدمون باستمرار التزامات باتخذا قرارات قوية». وبصراحة أكثر مضت وأوضحت: «عندما تفاوضت على وقف إطلاق النار مع الرئيس مرسى كان متعاونا للغاية. كان من الواضح أننى سأذهب لإسرائيل أولا ثم ذهبت بعدها إلى مصر وأنجزنا الهدنة وهى ما زالت قائمة». وأضافت: «لذا علينا أن نواصل التحرك للأمام وأن نقوم برغم هذا بوصف الأمور كما نراها عندما نعتقد أن ثمة شيئا غير ملائم، مثلما فعلنا مع هذه التصريحات (المعادية لليهود من جانب مرسى)». وقالت كلينتون بسؤالها عما إذا كانت تشعر بأن مرسى شريك جيد يمكن للولايات المتحدة التعامل معه، إن الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين «لديه الكثير من النوايا الطيبة على ما أعتقد. وبالتأكيد، من خلال المحادثات الطويلة التى أجريتها معه، وعديد التقارير عن المقابلات التى تلقيتها من مسؤولين آخرين، ووفد من الكونجرس مؤخرا، فإنك تأخذ الانطباع بأنه والفريق المحيط به يحاولون أن يتعاملوا مع الاقتصاد وهو فى وضع سيئ فى مصر، وخسارة الكثير من الاحتياطى الأجنبى والاستثمارات والسياحة، والإصلاحات السياسىة الضرورية». لكن كلينتون تقول مع هذا إن الأمور لا يتم تقييمها بناء على ما يقوله الشخص بل ما يفعله، و«بعض ما قام به وافقنا عليه ودعمناه، والبعض الآخر، مثل الاستحواذ على الكثير من السلطات لنفسه شخصيا، وإعادة تدابير قانون الطوارئ الذى كان من علامات نظام مبارك، أمور مزعجة للغاية. وعلينا أن نقوم نتحرك بشكل متوازن، مثلما هو الحال بالنسبة إلى الشعب المصرى، إزاء نتيجة تلك التصرفات. من ناحية أخرى تحدثت كلينتون عن مشكلة تهريب السلاح عبر الحدود المصرية، وقالت إن المسؤولين الأمريكيين يخوضون محادثات مكثفة للغاية مع نظرائهم المصريين بمن فيهم الرئيس مرسى، لجعل هذه المسألة أولوية. وقالت «نريد وقف التطرف فى مصر. نحن بحاجة لوقف السلاح القادم عبر حدودكم، نريد فرض النظام فى سيناء. هذا فى مصلحة مصر وفى مصلحة إسرائيل. نحن نحاول وقف هجمات حماس المستمرة على إسرائيل وهو أمر يؤثر على مصر أيضا على المدى الطويل لأنه يصبح غير قابل للسيطرة عليه. ولدينا قائمة طويلة من القضايا التى نثيرها مع المصريين، وحدودهم مع ليبيا والسودان مهمة على نحو خاص». فى السياق ذاته، استهلت كلينتون مقابلتها مع شبكة «سى إن إن»، والتى أجرتها مع جيل دوجرتى قائلة «مبدئيا أتمنى أن لا تصدق نبوءة الجيش المصرى من انهيار الدولة؛ لأننى أعتقد أن هذا من شأنه أن يؤدى إلى فوضى عارمة وعنف غير مسبوق ومدمر بالنسبة لمصر والمنطقة بأسرها. لكن يجب أن يكون هناك نوع من التفهم لدى الحكومة المصرية الجديدة للتطلعات التى كانت لدى الشعب المصرى خلال الثورة، ويجب أن تأخذها على محمل الجد. ولا ينبغى تجاهل بأى حال من الأحوال أن هناك قطاعًا كبيرًا من المصريين ليسوا راضين عن توجهات الحكومة نحو الاقتصاد أو الإصلاح السياسى». وتابعت قائلة «من الصعب جدا الانتقال من نظام قائم على حكم الرجل الواحد إلى الديمقراطية التى لا تزال وليدة وتحاول أن تتعلم المشى، لكن يجب أن يكون كل الشعب يشعر أن هناك سيادة قانون تنطبق على الجميع، وأن يشعروا أن لديهم دستورًا يدرك ويحترم حقوق جميع المواطنين، ولا يهمش بأى شكل من الأشكال فئة من الشعب؛ لذا أتوقع أنه يجب أن تكون الرسائل المقبلة من القيادة المصرية تتحرك نحو إعطاء الناس مزيدًا من الثقة فى أنهم يسيرون نحو الطريق الصحيح، وأنهم فى سبيلهم لتحقيق المستقبل الذى يأملونه لأبنائهم وأحفادهم». وفى حوار آخر، أجرته كلينتون فى أيامها الأخيرة بالخارجية الأمريكية، مع شبكة «إن بى سى»، ردت على سؤال للإعلامية آندريا ميتشيل حول إذا ما كان هناك خلاف حول طريقة التعامل مع المخلوع حسنى مبارك؟ وإذا ما كانت منحت إشارة خطرة لحلفاء آخرين مثل السعودية والبحرين؟ وقالت وزيرة الخارجية ردا على السؤال «حسنا، أعتقد أنها كانت حركة تاريخية لا مفر منها، عندما ثار المصريون بأعداد كبيرة يطالبون بما يؤمنون به من حرية وفرصة أفضل لرسم مستقبلهم الديمقراطى، فكانت الولاياتالمتحدة لا يمكنها أن تقف إلى جانب أولئك الذين ينكرون عليهم حقهم هذا، وأعتقد أننا بذلنا جهدًا هائلًا فى تلك المسألة، ووصلنا رسائل عديدة لمبارك والمحيطين والمتعاملين معه حول الوضع وضرورة أن يخلق فرصة إصلاح حقيقية، ولكن تبين فى ما بعد أن هذا الأمر لم يكن ممكنا».