سأبدأ ب«المقدمة.. البداية» التى اختار الكاتب محمد عبد الكريم أن ينهى بها مجموعته القصصية الأولى والجديدة «زجاج عاكس»، وهى فى الحقيقة ليست مجرد مقدمة أو نهاية للمجموعة بل إحدى القصص التى تعبر عن حال كثيرين فى هذا العالم ممن مرت حياتهم ببعض الظروف فأوصلتهم إلى حالة ما من السكات، حتى إن موت والدة بطل القصة أمامه لم يغير فيه شيئا ولم يجعله يتحرك، لكنك عندما تنتهى من قراءة القصة قد تعذره.. »فقط اكتفيت بمشاهدتها وهى تسقط أمامى على أرض الغرفة، كما اكتفيت بلا مبالاة أن يضيع عمرى أمامى طوال تلك السنين.. أنا الآخر منذ وفاة أبى وحتى الآن لم أتغير فى شئ«. 17 قصة تحتوى عليها المجموعة القصصية «زجاج عاكس»، التى جاء اسمها معبرا إلى حد كبير عما يدور بداخل القصص جميعا، فطوال الوقت يرى بطل كل قصة شيئا ما غير تلك الحقيقة التى يعيشها، يتخيل أشياء غير موجودة، ويتعايش معها مكونا حياة جديدة، هى الحياة ربما التى تمناها كاتب المجموعة محمد عبد الكريم، والتى تُشعِرك بها آخر عبارة جاءت فى إلإهداء «طاوع أحلامك». يبدو لك معظم قصص المجموعة »أكثر من 10 قصص على الأقل« كأنه مجموعة من الأفلام الروائية القصيرة التى تسير على تيمة معينة، يكتشفها القارئ مع نهاية كل قصة، فبطل «XY.. الجنس» تكتشف إنه رجل فى نهايتها بعد أن تعيش معه صفحات كاملة على أساس أنه البطلة «حواء» التى تحب والدها أكثر من أى شىء فى الحياة، ثم تنتقل إلى حب جارها «أحمد»، وهكذا حتى «يستيقظ آدم فى غرفة عيادته، هو شبيه جدا بحواء، من حيث الشكل والطول والسن.. يفزع من مكانه بمجرد أن يسمع صوتا صادرا من مكان ما: أدخّلّك الحالة يا دكتور؟». وهكذا يعتمد عبد الكريم على تيمة ال«thrilling» أو الإثارة فى كتابة القصص كما يحدث فى أفلام الجريمة، ذلك ربما تسبب فى تكرار نمط الفكرة رغم اختلاف الموضوع، لكنه نجح بالفعل فى إثارة القارئ من خلال هذه القصص. قصتا «البحر.. الفرحة» و«28 يناير.. الاطمئنان... أكليشيه» ستشعر معهما أنهما دخيلتان على أفكار المجموعة، وهما أيضا الأقل فى المستوى بين ال17 قصة. الفكرة الجديدة الأخرى فى مجموعة «زجاج عاكس» هى أسماء القصص التى تتكون عادة من كلمتين، الثانية منهما دائما تعبر عما فى القصة وعن مضمونها النهائى الذى ستخرج به منها عقب القراءة، فسمى قصصه كالتالى «السبت.. الاعتماد»، «أنا.. الوشوش»، «العائلة.. الوحدة»، ولا أعرف إن كان عبد الكريم قصد ذلك أم لا، لكنها فى العموم فكرة جيدة وجديدة، بالنسبة إلى قرءاتى على الأقل. «زجاج عاكس» غلافها معبِّر عن موضوعاتها تماما، بيد سامح داوود، ورسومها الداخلية لأحمد عكاشة، وطبعا افتتاحيتها بكلام عمنا صلاح جاهين: «يا باب أيا مقفول.. إمتى الدخول؟».. إمتى.