جثة مذبوحة من الرقبة داخل شقة. ملابس ملطخة بالدماء ملقاة على شريط السكة الحديد، سكين قبضته مكسورة وعلى نصله دماء متجلطة، بعثرة فى محتويات غرفة نوم الضحية، شكلت كل هذه الطلاسم تحديا لرجال مباحث الجيزة بعد عثورهم على جثة عامل مذبوحا داخل شقته بمنطقة إمبابة، وكان الغموض صاحب الكلمة العليا فى الجريمة التى ارتكبت بحرفية شديدة لم يترك بها القاتل أى أثر يمكن لرجال المباحث تتبعه. لمعرفة لغز الجريمة وحله، كان على رجال مباحث الجيزة تحت إشراف اللواء كمال الدالى، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، أن يعرفوا كل صغيرة وكبيرة عن حياة الجثة، وجاءت تحرياتهم لتؤكد أن القتيل هو لطفى.س، البالغ من العمر 86 عاما، وله 7 أولاد، 3 منهم يعملون فى دولة جنوب إفريقيا، وواحد يعمل مدرسا، وآخر يعمل سائقا، وله ابنة وحيدة متزوجة، بالإضافة إلى ابن يبلغ من العمر 22 عاما، إلا أن هذا الشاب الأخير قد أحاط به الاكتئاب منذ وفاة والدته منذ نحو 7 سنوات، وأكدت التحريات التى باشرها العميد درويش حسين، مفتش مباحث قطاع شمال، أن الشاب كان يروى لجيرانه أنه يتحدث مع أمه فى اليقظة، وأنها كثيرا ما كانت تزوره فى المنام وتطلب منه الانتقام لها، وكشفت التحريات أن الأم المتوفاة كانت تعانى من معاملة زوجها السيئة، وأنها ماتت مريضة. القضية أصبحت واضحة الآن، خصوصا بعد العثور على ملابس القاتل ملطخة بالدماء وملقاة على شريط السكة الحديد بإمبابة، قصة «الإخوة الأعداء» التى كتبها الأديب المبدع ديستوفيسكى، وجسدها الراحل يحيى شاهين والفنان محيى إسماعيل، تكررت من جديد. الشاب القاتل تقمص دور «حمزة» وقتل الأب، ولم يكن يرغب فى سرقته، وإنما عثر على أمواله بالصدفة، فأخذها، ليوحى بأن الجريمة تمت بدافع السرقة. لم ينكر المتهم ارتكابه الجريمة فور وقوعه فى يد رجال المباحث أمام الرائد علاء بشير رئيس المباحث، وبعد عرضه على اللواء محمود فاروق، مدير المباحث الجنائية، واللواء طارق الجزار نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، اعترف تفصيليا بالواقعة، وقال إنه ذبح أباه فى أثناء نومه، ثم سدد له عدة طعنات فى حالة هياج انتابته، ثم استولى على مبلغ 350 جنيها وجدهم أسفل «مخدة» الرجل، وأرشد عن السكين الذى كُسر مقبضه من شدة العنف من جراء الطعن، وتم تحرير محضر بالواقعة العميد عرفة حمزة، رئيس مباحث قطاع شمال الجيزة، الجنائية، وتولت النيابة التحقيقات.