عبد الحكيم عبدالناصر ومصطفى بكري أبرز الحضور لإحياء ذكرى ثورة يوليو بضريح الرئيس الراحل    أسعار السمك اليوم في مطروح الأربعاء 23 يوليو 2025    23 يوليو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    حماس تدعو إلى أوسع حراك شعبي عالمي حتى كسر الحصار وإنهاء المجاعة في غزة    رئيس تونس يواجه مستشار ترامب بصور أطفال غزة ضحايا التجويع الإسرائيلي    استشهاد 17 فلسطينيا بينهم صحفية في قصف إسرائيلي متواصل على غزة    أوسكار رويز يعود للقاهرة بعد انتهاء إجازته الصيفية    تفاصيل اتفاق الصفاقسي مع معلول    مصرع 4 أشخاص في مشاجرة مسلحة بين عائلتين في حفل زفاف بقنا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025.. الموعد والخطوات والرابط المباشر    تستمر 6 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    تفاصيل الكليات والتخصصات المتاحة ضمن نظام البكالوريا الجديد من العام الدراسي 2025-2026    تكليف محمد عبدالحافظ ناصف مستشارا للشئون الفنية والثقافية بهيئة قصور الثقافة    «الصحة»: 1.3 مليون خدمة طبية وعلاجية بمستشفيات الأمراض الصدرية خلال 6 أشهر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    وزير الصناعة والنقل يشارك في الملتقى الاستثماري المصري الكويتي    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب الجامعات الحكومية جميع المحافظات    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    ننشر أسعار الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025.. عيار 21 يسجل 4700 جنيه    تشييع جثمان الطفلة السادسة المتوفية لأسرة ديرمواس بالمنيا وسط صدمة الأهالي    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    شمال سيناء تواصل عروضها التراثية بمهرجان جرش في الأردن    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 23 يوليو    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    تحرك مفاجئ في أسعار النفط بعد الاتفاق التجاري "الضخم" بين واشنطن وطوكيو    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    «يكرموه».. رد ساخر من أيمن عبدالعزيز بشأن تصرف الزمالك مع أحمد فتوح    تنسيق الجامعات .. مؤشرات الكليات والمعاهد التي تقبل من 55% علمي وأدبي (تفاصيل)    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    مشكلة قديمة عادت للظهور.. حظ برج الدلو اليوم 23 يوليو    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الخالق فاروق: الدَّين الداخلى ارتفع فى عهد مرسى إلى تريليون و300 مليار جنيه حتى الآن
نشر في التحرير يوم 10 - 01 - 2013


حوار- سميرة الديب
ناقوس الإنذار من وصول الاقتصاد المصرى إلى دائرة «الخطر الحقيقى» يدق خصوصا مع غياب رؤية جادة وعميقة ومتماسكة للخروج من الأزمة المالية الحالية، كما أن التخبط الحالى فى القرارات الاقتصادية سيزيد الأوضاع تدهورا ولا ينبئ بأى شعاع ضوء يمكن أن يلوح فى نهاية هذا النفق المظلم الذى دخلت فيه مصر والمصريون جميعا.
الدكتور عبد الخالق فاروق أحد أبرز الخبراء الاقتصاديين فى مجال مكافحة الفساد، عُرف بنضاله الطويل ضد نظام مبارك، وضد منظومة الفساد بشكل عامّ التى تمكنت من السيطرة على اقتصاد البلاد فى عهده.
يشغل فاروق الآن منصب مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الذى يُعَدّ بوابته لمواجهة الفساد من خلال الكتب والنشرات الدورية التى ينشرها المركز، حيث نُشر له نحو 40 كتابا فى مجالات مختلفة من أبرزها وأهمها كتاب «الفساد فى مصر» 2006، و«جذور الفساد الإدارى فى مصر» 2009، و«اقتصاديات الحج والعمرة» 2012.
إذا استمرت الفوضى التى يتبعها مرسى وجماعته ستدخل مصر دائرة الإفلاس فى شهور قليلة
سياسة الإخوان المسلمين الاقتصادية «معادية للفقراء».. والدولار سيصل إلى 7 جنيهات ونصف خلال عام تخفيض النفقات الحكومية فى التأمينات والمعاشات «جريمة» فى حق الشعب
■ فى البداية ما تقييمك للوضع الاقتصادى المصرى الآن فى ضوء الأزمة الحالية؟
- الوضع الاقتصادى الحالى «خطير جدا»، وذلك نتيجة للسياسات الضارة التى اتبعتها كل الوزارات منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، ونحن حاليا دخلنا فى دائرة «الخطر الحقيقى»، فالعجز فى الموازنة العامة للدولة يرتفع باستمرار وكذلك العجز فى ميزان المدفوعات، بالإضافة إلى أن الاحتياطى النقدى يتآكل. وزيادة على كل ذلك، فإن المشكلات الاجتماعية ومعدلات البطالة كما هى إن لم تزِد فى الفترة الأخيرة. كما أن الاستثمارات فى تناقص مستمر، وليس هناك أى سياسات تبدو جديدة وتبشر أنه فى نهاية النفق المظلم ضوء، بل على العكس كل الإجراءات التى يتبعها الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى المجال السياسى «ضارَّة» وتنعكس «سلبا» على الاقتصاد.
■ هل من الممكن أن توضح لنا تفصيلا المقصود بأننا دخلنا مرحلة الخطر الحقيقى؟
- لقد دخلنا بالفعل فى دائرة الخطر، كما ذكرتُ، فالاحتياطى النقدى الآن يبلغ 15 مليار دولار، من بينها نحو 4 مليارات دولار «ذهبا» خارج الحساب. والدولة عليها التزامات متعلقة بتسديد الدين الخارجى. أما بالنسبة إلى الدين الداخلى فيجرى سد العجز به عن طريق طرح أذون خزانة جديدة وسندات لتسديد الديون السابقة، ولكن حجم الدين الداخلى وصل إلى مرحلة خطيرة جدا، فعندما ترك الرئيس السابق مبارك الحكم كان مقدار الدين الداخلى نحو 888 مليار جنيه، ووصل اليوم إلى نحو تريليون جنيه و300 مليار، ومعنى ذلك أن الدين الداخلى زاد بنسبة 50% منذ الثورة حتى الآن، وإذا استمرت الفوضى التى يتبعها الرئيس مرسى ومجموعته من الإخوان المسلمين، فأعتقد أنه فى غضون أشهر قليلة من الممكن أن تدخل مصر فى دائرة الإفلاس.
■ هل كان لتصريحات وقرارات الرئيس محمد مرسى المتضاربة تأثيرات سلبية على الوضع الاقتصادى بشكل عام؟
- طبعا.. فهذه السياسات أثرت بشكل كبير وسلبى على الاقتصاد، ولكن الأخطر أنه لا يوجد فى السياسات المعلنة، ولا غيرها، ما يشير إلى تفهُّم هذه المجموعة للوضع الحالى، ومن ثَم طريقة التعامل معها. وللأسف الدكتور هشام قنديل ومجموعته الوزارية ليس لديهم خبرة فى تشخيص المشكلات الاقتصادية بصورة صحيحة، وليس لديهم القدرة أيضا على وضع السياسات التى تتوافق مع مفهوم «العدالة الاجتماعية»، ومن ثَم لجؤوا إلى نفس سياسات يوسف بطرس غالى والرئيس السابق مبارك، وهى تحميل الفقراء مزيدا من الأعباء من خلال زيادة ضريبية وزيادة سعرية.
من ثَم، فنحن أمام مجموعة سياسات تعكس مدركات سياسية قديمة، وهى مدركات الحزب الوطنى ورجال الأعمال وتحيزات اجتماعية معادية للفقراء. وأكبر دليل على ذلك هو السعى للاقتراض من صندوق النقد الدولى. بالإضافة إلى أنهم فى الفترات السابقة اقترضوا من أكثر من صندوق، مثل الصندوق العربى الإفريقى، ومن ثَم ففى استمرار هذه المجموعة فى إدارة الشأن الاقتصادى لمصر خلل.
■ وهل الاقتراض الخارجى يزيد الدين الخارجى فقط أم أنه يؤثر على المديونية الداخلية أيضا؟
- هناك جهات عندما تُقرِض الدول المتعثرة اقتصاديا لا تضع عليها شروطا غير تسديد الدين، ولكن صندوق النقد الدولى مختلف، فهو مؤسسة دولية أُنشِئَت لمراقبة الأداء المالى والاقتصادى للدول فى حال إذا ما طلبت معونته، وفى الغالب يضع صندوق النقد الدولى شروطا قاسية على الدول الفقيرة والنامية، مثل مصر، ويضع اقتصادها تحت الوصاية الدولية، ولكنه لا يستطع فعل ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، مثلا، رغم أنها أكبر دولة «مدينة» فى العالم.
فى السبعينيات كان خبراء صندوق النقد الدولى يفحصون كل البيانات، ثم يضعون البرنامج وعلى الحكومة التوقيع فقط، ولكن من عدة سنوات تم تغيير هذا الأسلوب، وبدأ يضع مجموعة من الأسئلة وعلى الحكومة تقديم إجابات لها، وتسمى هذه الإجابات «روشتة» صندوق النقد. ومن ثَم ووفقا لما يتطلبه الحصول على القرض، فالحكومة مطالَبة بضرورة تخفيض الإنفاق الحكومى، خصوصا ذات الطابع الاجتماعى مثل التعليم والصحة، والتأمينات والمعاشات.
■ كيف ترى تأثير الحصول على القرض على قطاعات الدولة المختلفة، التى تتعلق بتقديم خدمات أساسية للمواطنين؟
- لقد تم بالفعل التوقيع بالحروف الأولى لإثبات جدية إعطاء القرض. ومن المتوقع أن ترتفع أسعار المشتقات البترولية للمصانع، ومن ثَم زيادة أسعار السلع والخدمات فى الفترة القادمة أيضا. بالإضافة إلى أنه تمت بالفعل زيادة فى أسعار كهرباء مترو الأنفاق، وسينعكس ذلك على سعر تذكرة المترو، بالإضافة إلى تحريك العملة، وأنا أتوقع أن يصل سعر الدولار إلى سبعة جنيهات ونصف خلال العام.
وسوف يتم تخفيض الإنفاق الحكومى خصوصا فى النفقات ذات الطابع الاجتماعى، وعلى الأرجح سيتم الاستمرار فى برنامج الخصخصة الذى بدأ منذ 1991/1992 بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى، ومن ثَم الاستمرار فى برنامج «الخراب الاقتصادى» لا «الإصلاح الاقتصادى»، كما يتم الترويج دائما.
■ وما الآثار الخطيرة التى يمكن أن تترتب على هذا الأمر؟
- الخطير فى هذا الأمر، هو بيع مقدرات الدولة، لأن وضع مصر استراتيجيا سيكون أضعف، ولأن فكرة الخصخصة جريمة تم ارتكابها فى حق مصر، وكان من المفروض تطوير القطاع العام وتنشيط القطاع الخاص، بحيث تحدث درجة من التنافسية والتوازن، لأن كل قطاع سيقدم خدمة والمستفيد سيكون المستهلك المصرى. ورأينا أن القطاع الخاص مع أى هزة يبدأ فى تهريب أمواله خارج الدولة، فالقطاع العام هو الذى يحمل الدولة على أكتافه عند حدوث أى أزمة فى الدولة.
■ ما يشغل المواطن المصرى فى موضوع قرض صندوق النقد الدولى هو «الدعم»، وما يمكن أن يترتب فى حال تنفيذ القرض من آثار تمسّ المواطن البسيط. كيف ترى حل مشكلة الدعم من وجهة نظرك؟
- يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق أجرى لعبة محاسبية فى موازنة 2005/2006، وهى التى ظهر فيها لأول مرة دعم المشتقات البترولية بمبلغ 42 مليار جنيه، ولم يكن هذا الدعم موجودا فى السنة السابقة لهذا التاريخ، لم يكن هناك ما يسمى دعم المشتقات البترولية. قام يوسف بطرس غالى بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى بفرض ضرائب على المصانع التى تنتج البترول، وتدخل هذه الضرائب الخزانة العامة للدولة، وتُحسَب على أنها إيرادات ويتم حسابها فى بند النفقات على أنها «دعم». وقبل هذا «الاحتيال المحاسبى» كانت الضرائب المفروضة على قطاع البترول والشريك الأجنبى لا تزيد على 5 مليارات جنيه سنويا فى موازنة 2004/2005، وزادت إلى 12 مليارا فى 2005/2006، وزادت إلى 22 مليار جنيه فى 2006/2007، وفى عام 2007/2008 زادت الضرائب على المشتقات البترولية لتصل إلى 32 مليار جنيه.
■ ولكن لماذا تم اللجوء إلى هذا التحايل المحاسبى فى الموازنة العامة؟ ولخدمة من؟
- كان الهدف من هذا التحايل هو تقريب السعر المحلى إلى السعر العالمى، ثم تبدأ الحكومة فى ما بعد بتحريك الأسعار، ومن ثَم، ووفقا لهذه الطريقة، فالخزانة العامة لا تنفق من ميزانياتها، وذلك لأن الدعم وفقا للتعريف العلمى له هو تكلفة إنتاج خدمة أو سلعة بالإضافة إلى هامش ربح وسعر بيعها للجمهور. ولكن فى موضوع المشتقات البترولية، فالدولة تستورد بنحو 5 مليارات دولار مشتقات بترولية أى ما يعادل 30 مليار جنيه يتم بيعها فى السوق المحلية بنحو 4 مليارات جنيه. والدعم فى مصر الآن لا يزيد على 40 مليار جنيه وليس 100 مليار جنيه كما يدعون.
■ هل ينطبق هذا التلاعب والتحايل على باقى السلع والمواد الغذائية؟
- اللعبة الكبرى فى موضوع دعم المشتقات البترولية فقط، ولكن باقى المواد التى تقوم الدولة باستيرادها لسد العجز فيها تقوم الدولة بدفع ثمنها بالكامل، وتطرحها للبيع فى الأسواق بأسعار أقل، فالحكومة تدعم السلع الأساسية بنحو 20 مليار جنيه، ومع ذلك فهذا الدعم بسبب سوء استخدامه وإدارة الوضع الاقتصادى بالكامل يذهب لغير مستحقيه.
بالإضافة إلى أن سوء إدارة مرفق مهم مثل قطاع البترول ينعكس فورا على زيادة رقم الدعم، وإذا تمت إدارته بطريقة مختلفة سيؤدى ذلك إلى زيادة الإنتاج، ومن ثَم فلن تحتاج الدولة إلى الاستيراد بنحو 5 مليارات دولار مشتقات بترولية، وأمر آخر هو أن الدولة كانت تبيع الغاز الطبيعى للأردن وإسرائيل فى أول اتفاقية بدولار وربع، وارتفع فى الاتفاقية الثانية إلى 3 دولارات وربع، وهذا إهدار واضح للغاز الذى نحن فى أشد الحاجة إليه.
■ ما تأثير تخفيض التصنيف الائتمانى للبنوك على الاقتصاد المصرى، خصوصا على الاستثمار، فى الفترة القادمة؟
- التصنيف الائتمانى يُبنى على عدة اعتبارات لدى مؤسسات التقييم الدولى، وهى أربع مؤسسات: «ستاندرد أند بوروز»، و«بلومبرج»، و«موديز»، و«فينتش». ويدخل ضمن عناصر التقييم مدى الاستقرار السياسى والأمنى للبلد، وكذلك مدى امتلاء المحافظ المالية للبنوك، فإذا كان جزء كبير من المحافظ المالية للبنوك مجبرا على شراء سندات وأذون خزانة من الحكومة المصرية لتغطية العجز فى الموازنة العامة للدولة فهذا مؤشر على سوء الأوضاع الاقتصادية فى هذا البلد، بالإضافة إلى سوء الإدارة الاقتصادية للدولة مما يؤثر بالطبع على التصنيف الائتمانى للبنوك، ومدى توازن محافظها المالية ولا بد من تغيير المجموعة الحالية، وعلى رأسها هشام قنديل وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى بها خبراء اقتصاديون، وإلا فنحن ذاهبون إلى «طريق التهلكة».
وبالنسبة إلى تأثر الاستثمار بتخفيض التصنيف الائتمانى للبنوك، فلا بد أن نوضح أن الاستثمار حساس جدا لأى تقلبات، خصوصا فى مجال الاستقرار السياسى والأمنى، بالإضافة إلى أن الوضع الاقتصادى الحالى سيئ جدا ويتمثل فى عجز كبير فى الموازنة العامة للدولة وتقوم البنوك بتمويله.
■ ما أوجه التلاعب التى رصدتها فى الموازنة العامة الحالية للدولة، والسابقة أيضا؟
- التلاعب فى الموازنة العامة للدولة يأتى فى النفقات والإيرادات، فبالنسبة إلى النفقات، فإن أحد أهم بنود التلاعب هو بند الاعتمادات الإجمالية، وهذا ما زال موجودا حتى الآن، وهذا البند يجرى التلاعب به من قِبل السلطة التنفيذية من خلف المجلس التشريعى القائم. ثانيا هناك ما يسمى موادّ التأشيرات العامة، التى تتيح لوزير المالية ورئيس الوزراء تحريك أموال من باب إلى آخَر بالمخالفة لموافقة مجلس الشعب السابقة فى حدود من 10% إلى 20%، وهذا شكل من أشكال التلاعب فى الموازنة العامة للدولة.
■ ثالثا طريقة وضع المخصصات داخل أبواب الإنفاق، بها درجة من درجات السفه وإهدار المال العام، فالباب الأول الخاص بالأجور والمرتبات نجد أن عنصر الأجور المتغيرة به «كبير»، خصوصا المكافآت التى يتم توزيعها على شريحة صغيرة من كبار الموظفين لا الصغار، بالإضافة إلى أن بين حصص الأجور فى القطاعات الحكومية المختلفة تفاوتا كبيرا، ولا بد من تطبيق الحدَّين الأدنى والأقصى فى موضوع الأجور بحيث لا يزيد الحد الأقصى على مستوى الدولة على 50 ألف جنيه لأى مسؤول، بمن فيهم رئيس الجمهورية. ولا يقل الحد الأدنى عن 1000 جنيه، ومن المفترض ربط هذا الأجر بالأسعار.
■ الباب الثانى من الموازنة، هو الذى يشمل نفقات تشغيل الجهاز الحكومى، وهو مقدَّر بنحو 30 مليار جنيه هذا العام، يُنفَق منها على الوقود والصيانة والإنارة فى الجهاز الحكومى، ولا بد من ضبط هذه النفقات.
■ أما الباب السادس، وهو الخاص بالاستثمارات الحكومية، فعلى مدار سنوات طويلة انصبَّت هذه الاستثمارات فى جانب إنشاء البنية التحتية مثل محطات الكهرباء وغيرها، وأنفقت الحكومة على البنية الأساسية نحو 842 مليار جنيه منذ عام 1980 حتى تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك. ولا بد الآن من أن تتوقف الدولة عن إنشاء أى شىء جديد وتقوم بعمل صيانة لهذه المنشآت، ولا بد من تغيير نمط الاستثمار الحكومى وتوجيهه لصالح تنشيط القطاع العام الذى من شأنه زيادة الإنتاج، وفى نفس الوقت خلق فرص عمل جديدة للشباب.
وبالنسبة إلى الإيرادات، فلا بد من إعادة النظر فى بنية السياسة الضريبية، لأن بين «السياسة الضريبية» و«السياسة الجبائية» فرقا، وما فعلته الحكومة فى الفترة الأخيرة يندرج تحت اسم «السياسة الجبائية»، فهم يريدون زيادة الإيرادات فقط، وفلسفة السياسة الضريبة متحيزة فى الأساس إلى رجال الأعمال، فلا بد إذن من رفع حد الإعفاء الضريبى على الفقراء من 5 آلاف إلى 20 ألف جنيه، وذلك بحيث لا يدفع الموظف الذى يصل راتبه إلى 1000 جنيه شهريا ضرائب، بالإضافة إلى ذلك فلا بد من تطبيق مبدأ الضرائب التصاعدية حتى 45% لا 25% كما يحدث فى الدول الصناعية الكبرى.
■ بالنظر إلى مواد الدستور الجديد.. هل ترى أنه راعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية فى نصوصه، التى يعود أثرها على المواطن البسيط؟
- إطلاقا.. ففى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلل جوهرى، وهناك نحو 45 مادة لها علاقة مباشرة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية من بينها 15 مادة لا يوجد بها مشكلات كبيرة، ولكن باقى المواد به مشكلات كثيرة جدا وغير مقبولة على الإطلاق، مثل المادة الخاصة بالنص على أن «الحق فى الصحة بالمجان لغير القادرين»، فهذا النص «جريمة» لأنه يعكس خللا بنيويا فى عقل من صاغ هذه المادة ومن وافق عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.