خرج علينا نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، والدكتور محمد البلتاجي عضو جماعة الإخوان وذراعها السياسي وربما العسكري، ليعلنا في مناسبتين مختلفتين أن المتظاهرين عند قصر الاتحادية أغلبيتهم من «الأقباط» ويقصد من كلمة «أقباط» المواطنين المصريين المسيحيين، فالأول قال في مؤتمر للجماعة يوم السبت الماضي أن 80 بالمئة من المتظاهرين عند الاتحادية «أقباط» وعدد هؤلاء المتظاهرين بمسليميهم لا يتجاوز 50 الف متظاهر، أما الثاني فقال مساء أول من أمس «الثلاثاء» خلال مظاهرة «نعم للدستور والاستقرار» - والتي تشبه كثيرا نفس مظاهرة مؤيدي مبارك مساء الثلاثاء 1 فبراير 2011 بعد خطابه العاطفي - إن ستين بالمئة من متظاهري الاتحادية «أقباط» وكأننا في مزاد يشارك فيه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين كل منهم برقم عن عدد «المواطنين المصريين المسيحيين» في المسيرات الرافضة للديكتاتورية الجديدة. لكن دعوني أزايد عليكم وأضيف من الشعر بيتا وأقول أن المرابطون عند الاتحادية مئة بالمئة أقباط، نعم كلهم أقباط سواء مسلمين أو مسيحيين أو بهائيين أو ملحدين أو كفرة حتى، فكلمة «قبطي» باللغة المصرية القديمة تعني «مصري» وهي هوية وطنية ياسادة لو لم تعلموا تاريخ وطننا مصر، وليست هوية دينية فقبطية المصريين أي وطنيتهم تسبق المسيحية التي جاءت على مصر منذ ما يقترب من آلفي عام، والإسلام الذي جاء مصر منذ ما يقرب من 1400 سنة، فالمصريون مصريون قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين. إنها الهوية الحقيقية التي تمثل المصريين الذين يبحثون عن إقامة دولة تشمل وتستوعب كل المصريين بتنوعهم واختلافاتهم، المتدينين بطبعهم عبر التاريخ قبل ان يعرفوا الأديان السماوية، والدين كائن في وجدانهم منذ ما يقرب من 5 آلاف عاما، ومنهم المسيحيين والمسلمين من قرون طويلة، ولا يحتاجون لمن يعرفهم الدين سواء المسيحية أو الإسلام الذي تتشدقون باسمه، إلا لو أنتم قادمون بدين آخر غير الإسلام اسمه دين «جماعة الإخوان» فقبل أن تبتلى مصر بتكوين جماعتكم عام 1928 أو يفد علينا أبناء بيئة التصحر الفكري من أتباع الوهابية ودين أغلبية المصريين هو الإسلام، و«المواطنون المصريون المسلمون» لديهم الآزهر منارة العلم والإسلام الممتد عمره لأكثر من ألف عام ويصومون رمضان جيدا ويؤدون فروض الإسلام، ويعرفون جوهر الدين الحنيف بمعاملة الآخرين من غير المسلمين معاملة حسنة كما دعا الإسلام. الأمر الثاني الذي أود أن أشير إليه في تصريحات «الشاطر – البلتاجي» أن خطورتها لا تكمن فقط في تنصيف وفرز المظاهرات ضد المرسي والمظاهرات المؤيدة له على أنها مظاهرات سياسية بل طائفية بين «المسيحيين» الرافضين له ومعهم «المسلمين المشكوك في إسلامهم» والذين يوصفوهم «بالعلمانيين والليبراليين الكفرة»، في مواجهة «الإخوان المسلمين» مؤيدي الشريعة والشرعية. بل يعتبر «المواطنين المصريين المسيحيين» منقوصي المواطنة وليس منحقهم التعبير عن آرائهم السياسية والمشاركة في الثورة والمظاهرات بحرية كمواطنين بعيدا عن سيطرة الكنيسة التي بدأت تبتعد عن التورط في السياسة بشكل مباشر وتوجيه «المسيحيين» منذ أن جاء الأنبا باخوميوس مطران البحيرة كقائمقام للبابا ومن بعده البابا تواضروس الثاني. و«المسيحيين» من دون توجيه كنسي يعرفون طريقهم ومع من يشاركوا من أجل مستقبل مشرق لمصر كدولة ديمقراطية تكفل حقوق المواطنة لكل مواطنيها بغض النظر عن دينهم أوعرقهم أو جنسهم وتفصل بين ما هو للدين وبين ما هو للسياسة، وتعطي حسب قول المسيح الشهير «أعطوا ما لقيصر لقيصر» أي كل ما هو للدنيا يأخذ حقه، «وما لله لله» أي كل ما يخص الدين والعلاقة مع الله والفصل بين الاثنين. فليست السياسة جهاد ديني وليس للسياسة شأن في العلاقة بين الرب وعبده سواء يصلي أو يصوم أو يدفع الزكاة أو -حتى لا يعترف بوجود الله أصلا- فهذا ليس لأحد شان به لا دولة ولا جماعة ولا حتى الأسرة. أخيرا أسأل أعضاء الجماعة ما الفرق بينكم وبين الصهاينه من اليهود الذين قرروا اغتصاب فلسطين لتكون وطن لهم لا يجمع إلا من على شاكلتهم من المتطرفين اليهود؟ وهذا ما تريدون أن تفعلوه بمصر أن تكون فقط لجماعة الإخوان ولا مكان لمن هم خارج الجماعة سواء مسلمين أو مسيحيين أو بهائيين وغيرهم. نصيحة لوجه الله أنتم تلعبون بالنار بربط الدين الإسلامي الذي هو أكبر من جماعتكم بمشروعكم السياسي لحكم مصر والتمكن منها، لأن سقوطكم سيعني سقوط الدين في نظر الناس والدين برئ من استغلالكم له. أستقيموا يرحمكم الله ويرحمنا.