استحضر خمسة شعراء اعتلوا منصة رابطة الكتاب الأردنيين بطولة اهل غزة وصمودهم، من خلال قصائدهم التي انحازت لخيار المقاومة، وأسهمت في تكريس ثقافتها. وهي أمسية وصفها الباحث عليان عليان بأنها أعادت الاعتبار لثقافة المقاومة في مواجهة الخذلان الرسمي العربي، ولامست جرح غزة وصمودها في مواجهة العدوان الصهيوني، وحذر في تقديمه للأمسية من الكمائن السياسية التي تتعرض لها انجازات الأهل الصامدين في غزة. الأمسية التي نظمتها لجنة فلسطين في الرابطة شارك في إحيائها الشعراء: أديب ناصر، صلاح أبو لاوي، موسى حوامدة، مهدي نصير وماجد المجالي بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين والمتابعين، لتكون واحدة من الأمسيات النوعية التي تنظمها الرابطة في هذا الموسم، كما أشار إلى ذلك عدد من الحضور. وإذا كان الشاعر أديب ناصر قد تحدث عن الموت والشهادة والبطولة في قصائده، مستحضرا نماذج من بطولة الصامدين في أرضهم، لا سيما صورة الطفل الذي رضع دم أمه الشهيدة، ليؤكد في النهاية أن الحياة أقوى من الموت، فإن الشاعر صلاح أبو لاوي قدم رؤيته الشعرية لصواريخ المقاومة وفعلها العسكري الذي أرعب الصهاينة، من خلال فجر خمسة، الذي رأه ينير فضاء غزة وفضاء قلوبنا، بعد أن قرأ مجموعة من قصائده القصيرة التي لامست عواطف الجمهور واهتماماته. وقدم الشاعر موسى حوامدة قصيدتين تحملان صورتين متباعدتين، لكنهما تكملان بعضهما البعض، قصيدة تناول فيها غزة في مواجهة عدوان 2009 وأخرى تناولت العدوان الأخير، وفي القصيدتين ذهبت اللغة والصور إلى رسم ملامح البطولة والمقاومة عند الغزيين، منحازا الى خيار المقاومة ومبشرا بالنصر الآتي، ليقدم بعد ذلك الشاعر مهدي نصير قصائده التي حاكى في واحدة منها اليمامة، وما يعنيه هذا الاستحضار في التراث العربي، وفي قصيدة اخرى حضرت غزة بكامل بطولتها وصمود أهلها، وكانت قصائده عامرة بالصور الانسانية الحميمة التي ظلت منحازة للحياة الكريمة. واختتم الشاعر ماجد المجالي الأمسية بقصائده الموجعة التي لامست الوجع الشعبي ودانت الموقف الرسمي العربي، من خلال اعتباره القضية الفلسطينية هي أساس الصراع. والأمسية التي تم تنظيمها تضامنا مع صمود الأهل في غزة، أعادت الوهج لشعر المقاومة، واكدت من خلال قصائد الشعراء المشاركين فيها أن شعر المقاومة ما زال مؤهلا للحضور بقوة في مقدمة المشهد الثقافي العربي، خاصة وأن ما جرى ويجري في الشوارع العربية قد فتح أمام هذا النوع من الشعر بوابات جديدة، بعد أن حاول البعض الإشارة إلى تراجعه والتقليل من جدواه، وهي أمسية، كما قال منظموها، تأتي منسجمة تماما مع شعار الرابطة وسياستها التي أعلت من شأن ثقافة المقاومة وتسعى الى تكريسها وإعادة الاعتبار لها، ولوحظ أن غالبية القصائد التي ألقيت في الأمسية قد تناولت البعد الجواني لصورة البطولة في غزة، بعيدة عن المباشرة، لتؤكد مجددا أن الصورة الفنية لشعر المقاومة حاضرة دائما، وأن سخونة المشهد السياسي لم تؤثر على الخطاب الشعري الذي رافق هذه البطولة ووثقها ادبيا وانسانيا.