«خطأ إستراتيجي غير مسؤول»، هذا ما رأت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أنه حكومة إسرائيل وقعت فيه باغتيالها لقائد كتاب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري. وقال جرشون باسكن في مقاله ب«النيويورك تايمز» إن اغتيال الجعبري في حد ذاته اغتيال لإمكانية التوصل لاتفاق طويل المدى لوقف إطلاق النار بين حكومة تل أبيب وحماس. وتابعت الصحيفة إن تل أبيب بقتلها للجعبري أنهت حياة أكثر العناصر الفعالة في حركة حماس، وقضت على الرجل الذي كان دوما يستهدفهم مسؤولي المخابرات المصرية للتوسط لدى باقي الفصائل الفلسطينية لوقف إطلاق النار؛ ما قد يكون عائقا أمام أي وساطة مصرية في المستقبل. يذكر أن جرشون كان أحد الوسطاء الذين ساهموا في الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقال إن الجعبري كما كان أحد المسؤولين عن اختطاف شاليط هو أحد من ساهموا بقوة في عمل اتفاقيات وقف إطلاق النار وساهم على إتمام صفقة تبادل الأسرى بوساطة المخابرات المصرية. وتابع الكاتب والمحلل السياسي ورئيس مركز إسرائيل – فلسطين للبحث والمعلومات: «اغتيال القائد الحمساوي سيجعل أيضا معاهدة السلام الإسرائيلية مع مصر كامب ديفيد محل شك كبير». واستمر الكاتب في مقاله بنيويورك تايمز قائلا «الأزمة الكبرى أن القيادة الإسرائيلية نفذت العملية دون أن تجيب بشكل كاف على سؤال من سيخلف الجعبري؟ وكيف ستكون توجهاته؟، وعلى ما يبدو فإسرائيل كانت لا تستهدف الجعبري حتى لا تهدد حياة شاليط، وهذا خطأ إستراتيجي كبير». وكشف جرشون في ختام مقالته أنه كانت هناك مسودة لاتفاقية وقف إطلاق نار طويلة المدى بين حماس وإسرائيل وأنه سلمها للجعبري قبل ساعات قليلة من اغتياله. واختتم قائلا «رغم أن الجعبري كان يقر من أن مبدأ المقاومة هو السبيل الوحيد أمامهم؛ إلا أنه كان مقتنعا أيضا من أن الحركة بحاجة لاستراتيجية ونهج جديد، وكان مستعدا للموافقة على وقف إطلاق نار طويل المدى». من جانبها علقت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية، في مقال للكاتب «هوارد لافرانشي» أن الصراع في غزة يقدم لحظة فارقة للرئيس المصري فهو موزع بين تعاطفه مع حماس من ناحية واحتياج بلاده للمساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية من ناحية أخرى، فإذا اختار القيام بدور الوسيط، سيكون أمامه القليل من الوقت لإسداء هذه المهمة. يرى الكاتب أن الأزمة الحادثة في غزة تلقي بتبعاتها على مرسي وعلاقاته مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويشير إلى أن بعض المحللين المتخصصين في شئون الشرق الأوسط يرون أن هذه اللحظة قد تكون الوقت المناسب لمرسي لترسيخ نفسه كزعيم لا يستهان به في العالم العربي المفتقد لوجود قائد في أعقاب الصحوة العربية، إلا ان إدارة هذه اللحظة بنجاح هو هدف يحتاج بعض الوقت لتحقيقه. يضيف المحللون إنه مع الحشد الي يقوم به الجنود الإسرائيليون على حدود غزة، من غير الواضح الآن إذا كان الرئيس المصري سيكون لديه الفرصة حتى لخوض اختبار الزعامة في الموقف الحالي. في هذا السياق، يقول «آرون ديفيد ميلر» الباحث في شئون الشرق الأوسط في مركز «ودرو ويلسن الدولي» في واشنطن، أن مرسي واقع بين المطرقة والسندان، لكنه إذا استطاع أن يجمع كل عناصر الموقف في يده فيتمكن من اقناع حماس بوقف إطلاق صواريخها وتحسين الوضع الحالي، فإمكانه ان يظهر كزعيم للمنطقة. واستطرد.ميلر قائلا: «لكنه بحاجة للمزيد من الوقت والمساحة للقيام بذلك، وانني لست واثقا من أن الاسرائيليين سيتيحون له هذا الوقت». من ناحية أخرى، يمكن اعتبار الوضع المتصاعد في غزة، انه اختبار لمدى تأثير الولاياتالمتحدةالأمريكية في منطقة شهدت صحوة عربية استطاعت اسقاط عدد من الحكام المستبدين الذين كانوا اكثر استعدادا لتطبيق نظام امني بقيادة أمريكية بما في ذلك الرئيس المخلوع مبارك.