.. لم يتعلم الذين يديرون البلاد من أخطاء نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك بعد. .. لم يتعلم رئيس الحكومة عصام شرف من أخطاء حكومات النظام السابق التى لم تكن سوى سكرتارية للرئيس المخلوع وخدما فى ظله وتقديم المبررات والتوقيع على القوانين والتشريعات حتى تكون صادرة عن الحكومة لا عن الديكتاتور الفاسد. .. لم يتعلم الذين يديرون شؤون البلاد أن 30 سنة من حكم الطوارئ فى نظام مبارك الذى لم يكن يريد أبدا أن ينهى العمل بهذا القانون لم تمنع الإرهاب ولا العنف خلال فترات حكمه، ولم تمنعه من أن يسقط مع عصابته سقوطا ذريعا على يد ثورة شعبية، وأصبح مهانا بعد أن اُكتشِفت جرائمه، وها هو يذهب إلى المحكمة محمولا على سرير لاجترار العطف الإنسانى عليه وهو الشخص البليد الذى لم يكن يهتم بأحد سوى نفسه. ها هو يعلن مرضه الآن، وهو الذى كان يخفى مرضه فى سنوات حكمه الأخيرة. .. لم تتعلم الحكومة أن محكمة أمن الدولة محكمة استثنائية مثلها مثل المحاكم العسكرية، وهى محاكم مرفوضة سياسيا وشعبيا. .. لم يتعلم الذين يديرون شؤون البلاد من نكوص وعود النظام السابق عبر سنوات حكمه فى الإصلاح والتغيير إلا أنه لم يف بوعوده وكان يلتف عليها دائما، ولكن الشعب لا ينسى حتى وإن بدا أنه كذلك لصمته على الأحداث، فقد حصر الشعب كل هذه الوعود فى ذاكرته الجمعية إلى أن أتى اليوم الذى أصر فيه على سقوط مبارك، ولم يرض بأى إصلاحات أو وعود أصدرها، وإنما كان مطلبه واحدا ووحيدا هو رحيل مبارك.. ليسقط مبارك وتخرج وسائل الإعلام التى كانت تهلل له لتعلن سقوطه وتكيل له الاتهامات. .. ولم يتعلم الذين يديرون شؤون البلاد والذين يتحدثون عن الانفلات الإعلامى -ولا يتحدثون عن الانفلات الأمنى- أن هذا الإعلام الذى كان يهلل للرئيس السابق ويروج للتوريث ويخفى الحقائق عن الناس ويزيف وعى الشعب.. يهلل لهم الآن! لقد سقط مبارك وعصابته. سقط العادلى الذى كان عند مبارك أقوى من أى أحد ومن القانون نفسه، فكان -أى العادلى- هو الذى ينفذ قانون مبارك الخاص. سقط البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى الذى جاء بالتزوير دائما عبر سنوات حكم مبارك. سقط رئيسا الشعب والشورى فتحى سرور وصفوت الشريف، ويحاكمان الآن بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين والثوار فى ميدان التحرير فى القضية المعروفة ب«موقعة الجمل».. حتى إن برأتهما المحكمة فإنهما سيظلان مدانين شعبيا، فقد كانا من عصابة مبارك ومن الذين شاركوا فى تزييف وعى الناس وتزوير إرادتهم فى الانتخابات والمشاركة فى وضع قوانين استثنائية سيئة السمعة وإهدار المال العام والاستيلاء عليه. .. إذن فقانون الطوارئ قد سقط بنجاح الثورة التى أسقطت المؤسسات الرئيسية للنظام السابق. فهذا القانون كان بطلب من الرئيس المخلوع حسنى مبارك.. وقد سقط. وتقدم به إلى مجلسى الشعب والشورى.. وقد سقط المجلسان وتم حلهما والتخلص منه. .. وكان وفقا لإجراءات دستورية يتخذها رئيس الجمهورية.. وقد سقط الدستور وتم وقف العمل به. فقد سقط قانون الطوارئ.. ولا يصح أبدا أن يخرج علينا أحد من الذين يديرون شؤون البلاد ليقول إن العمل بقانون الطوارئ مستمر إلى يونيو 2012، وبالقانون. فقد سقط القانون ولا يمكن العمل به إطلاقا. ومن العيب على الذين يديرون شؤون البلاد التحجج بالعمل بهذا القانون الآن، مدعين أنه من أجل مصلحة البلد. ومن العيب على الدكتور عصام شرف وأعضاء حكومته وبينهم بعض الذين يحظون باحترام شعبى أن يوافقوا على العمل بالطوارئ (وا أسفاه على الدكتور عصام شرف ومن معه). لقد تحججوا بأحداث السفارة الإسرائيلية، والثوار والثورة براء منها. ولعل تقرير لجنة تقصى حقائق المجلس القومى لحقوق الإنسان-رغم أن به تمثيلا لفلول النظام السابق- يؤكد ذلك. هل طلب الذين يديرون شؤون البلاد ولو مرة واحدة تحقيقا مستقلا عن أى حدث كانت الداخلية طرفا فيه؟! افعلوها مرة وستكشفون الانفلات الأمنى. يا أيها الذين تديرون شؤون البلاد.. قانون الطوارئ قد سقط، والعمل به باطل.