رائحة وسحب دخان وأتربة كثيفة تملأ المكان، وجثث ملقاة، وآخرون مغرقون بالدماء يحاولون إنقاذ أنفسهم، والآخرون من حطام برجى التجارة العالميين اللذين سقطا للتو إثر ارتطام طائرتين بهما.
10 سنوات مرت على 11 سبتمبر لتستبدل بتلك الشجون رائحة البخور التى تخرج من مسجد شُيد بالقرب من «جراوند زيرو». «جراوند زيرو» مصطلح يطلق عادة على تلك المناطق التى تضربها القنابل النووية، ولكن تم استخدامه من قبل وسائل الإعلام الأمريكية على المنطقة المنكوبة التى تبقى فيها حطام برجى التجارة العالميين، وأقيم فيها نُصب تذكارى لضحايا تلك الهجمات.
الواضح للعيان خلال السير فى «جراوند زيرو»، أنه مكان يقطنه الأغنياء لكونه يتمتع بوجود مراكز رئيسية لعدد من البنوك والشركات الكبرى، كما أنه لا يشهد أى تجمعات للمسلمين. لذلك أثارت إقامة مسجد أطلق عليه اسم «مركز قرطبة الإسلامى» فى تلك المنطقة جدلا واسعا فى مدينة نيويورك، حيث وصفه البعض بأنه استفزاز لمشاعر نحو 3 آلاف شخص قضوا نحبهم بسبب هجمات نفذها تنظيم القاعدة، إلا أن آخرين يعتقدون أنه كان يجب بناء هذا المسجد ليكون علامة على أن الإرهاب لن يجعل أمريكا تتخلى عن مبادئها الأساسية ودفاعها عن حرية العقيدة والدين.
لكنك عندما تشاهد الحواجز المعدنية وعشرات من رجال الشرطة يحيطون بالمسجد بصورة كبيرة عن الكنيستين إلى جواره، خشية تنفيذ أى من الجماعات اليمينية المتطرفة عمليات انتقامية ضد المسجد، فإن هذا يؤكد لك أن الواقع يختلف كثيرا عن السياسة.
«نحن لسنا موضع ترحيب من الأحياء المجاورة منذ بناء ذلك المسجد، والاعتداءات زادت حدتها عما كان يحدث معنا عقب هجمات 11 سبتمبر مباشرة».. هكذا عبر محمد عزيز، 49 عاما، عن المعاناة اليومية التى يلاقيها بسبب صلاته فى المسجد.
دراسة نشرتها صحيفة «دايلى نيوز» الأمريكية أكدت ازدياد نسبة كراهية الإسلام بصورة كبيرة عقب بناء هذا المسجد، أبرز نتائجها أن انتهاكات وتحرشات سائقى التاكسى فى نيويورك ضد المسلمين زادت بنسبة 55%، مشيرة إلى أن عبارات ظهرت مثل «عودوا إلى بلادكم.. لا تبدو أمريكيا، لن أقلّك.. هل أنت مسلم؟».